الإثنين  25 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

"الركشة" بالخرطوم.. وسيلة النقل الأقل كلفة والأكثر إزعاجاً للسلطات

2014-11-30 09:59:25 AM
صورة ارشيفية

الخرطوم-الحدث

لا شئ يميز شوارع الخرطوم كما تميزها "الركشة" بوصفها وسيلة النقل الأقل كلفة والأكثر انتشاراً في هذه العاصمة السودانية التي يقطنها أكثر من 8 ملايين نسمة، وينظر لها البعض كحل لأزمة النقل بينما يراها آخرون سببا للازدحام والحوادث المرورية.
 
فالركشة مركبة هندية الصنع صغيرة الحجم تتسع بالكاد لثلاث أشخاص يصطفون خلف سائقها وتتحرك بثلاث عجلات ومقود ومحرك دراجة نارية معدلان بسقف قماشي دون أي نوافذ أو أبواب.
 
وعرف السودانيون "الركشة" لأول مرة قبل أكثر من عقدين حيث كان استخدامها يقتصر على نقل البضائع خفيفة الوزن قبل أن يتم الترخيص لها في 1996 لنقل الركاب كحل لأزمة المواصلات التي كانت مستفحلة وقتها خصوصا في المناطق التي لا تصلها حافلات النقل العامة.
 
وبعدها بدأت أعداد الركشة في تزايد كبير في كل أحياء الخرطوم خصوصا الشعبية منها ذات الكثافة السكانية العالية حيث يتم الاعتماد عليها للتنقل بين الأماكن التي لا تمر بها شبكة المواصلات العامة نظرا لإنخفاض تسعيرتها مقارنة بسيارات الأجرة الخاصة لأكثر من النصف.
 
ورغم الشعبية الكبيرة للركشة التي باتت وسيلة النقل الأكثر انتشارا حيث يزيد عددها اليوم في الخرطوم عن 69 ألف ركشة حسب إحصائيات شرطة المرور، إلا أنها كانت عرضة للانتقادات لجهة "افتقارها لمعايير السلامة العامة
وتسببها في زيادة معدل الازدحام والحوادث المرورية"، كما يقول ياسر ميرغني الأمين العام لجمعية حماية المستهلك وهي جمعية أهلية.
 
وأضاف ميرغني، في حديثه لوكالة الأناضول أن "شرطة المرور تتقاعس عن تنفيذ الضوابط التي وضعتها هي نفسها للتقليل من مخاطر الركشة".
 
وخلال الأعوام الماضية، اتخذت السلطات حزمة من القرارات للحد من انتشار الركشة من بينها منع استيرادها والترخيص لها بالعمل داخل الخرطوم قبل أن تتراجع عنه لاحقا وتسمح بترخيصها شريطة أن يكون تاريخ تصنيعها مطابق لعام الترخيص.
 
وشملت قرارت شرطة المرور أيضا منع الركشة من عبر طرق المرور السريع علاوة على الجسور التي تربط بين مدن العاصمة الثلاث وهي الخرطوم وبحري وأم درمان والتي يفصل بينها النيلين الأزرق والأبيض بجانب نهر النيل.
 
وأشار ميرغني إلى أنه "رغم منع الركشة من عبور طرق المرور السريع لكنها الآن منتشرة وحاصلة على ترخيص أيضا".
 
ومن حين إلى آخر، تنفذ شرطة المرور حملات مكثفة لتوقيف الركشات غير المرخصة والتي تبلغ نحو 27 ألف ركشة، حسب إحصائياتها.
 
وأقر الشاب الثلاثيني عبد الله الحسن، والذي يعمل سائقا في ركشة بافتقارها لمعايير السلامة، لكنه تساءل "كيف ستعوض السلطات الفارق الذي سيخلفه منع الركشة من العمل" قبل أن يضيف ما يراه محاسن أخرى للركشة مثل "توفيرها لفرص عمل في مجتمع ترتفع فيه نسبة البطالة".
 
وأشار الحسن الحاصل على درجة بكالوريوس في القانون "آلاف الخريجين يعملون الآن في الركشات لأنهم لم يجدوا وظائف في تخصصاتهم الجامعية".
 
وتبلغ نسبة البطالة في السودان نحو 20 % من عدد سكان السودان الذي يبلغ نحو 38 مليون نسمة، بحسب إحصائيات رسمية.
 
وتابع الحسن "حتى الذين يجدون وظائف فإن دخلهم أقل بكثير مما يمكن أن يجنوه من العمل في الركشة".
 
ويتراوح دخل سائق الركشة وفقا لإفادة السائق الشاب ما بين 60 – 80 جنيها في اليوم (7 – 9 دولار أمريكي) بخلاف مبلغ 30 جنيها (3.3 دولار) يتم توريدها لمالك الركشة.
 
ويتفق ياسر ميرغني الأمين العام لجمعية حماية المستهلك مع الحسن في توفير الركشة لفرص عمل واعتماد آلاف الأسر عليها في معيشتهم لكنه لا يرى أن ذلك مبررا كافيا للتساهل حيال الضوابط التي تنظم عملها.
 
لكن عماد حمد الذي يعمل سائق ركشة قال لوكالة الأناضول إن زملائه "يفضلون دفع الغرامة المالية المترتبة على المخالفات بدلا عن الإلتزام بالتوجيهات الصادرة من شرطة المرور".
 
وتابع حمد "نفضل الشوارع الرئيسية حيث يكثر الزبائن وبالتالي بإمكانك تعويض خسارتك في حال ضبطتك شرطة المرور".
 
وتبلغ قيمة التسوية للمخالفات المرورية المتعلقة بالترخيص وعبور الشوارع الممنوعة للركشة 30 جنيها (3.3 دولار).
 
وأشار ميرغني إلى مشاكل أخرى مرتبطة بالركشة وهي "تسببها في ارتفاع معدلات الجريمة من سرقة واغتصاب وترويج مخدرات وخمور وغيرها".
 
ورأى أن من أسباب انتشار الجرائم المرتبطة بالركشات أن كثير من الذي يعملون فيها أجانب دخلوا البلاد بطرق غير شرعية.
 
وهذه مشاكل، تقر بها السلطات التي أصدرت في أغسطس/آب 2013، قرارا يمنع الأجانب من قيادة الركشة حيث يعمل عليها كثير من الإثيوبيين والإرتريين لا يملكون تصاريح إقامة وبطاقات هوية رسمية.
لكن حمد الذي يعمل سائقا لركشة منذ 5 سنوات، قال إن هذا القرار "يصعب تنفيذه بدليل أن كثير من الأجانب يعملون الآن في الركشات وليس بمقدور السلطات تتبعهم خصوصا أولئك الذين يعملون داخل الأحياء الطرفية".
 
ولا يقتصر استخدام الركشة على الخرطوم فقط حيث تنتشر في كل مدن البلاد لكن بنسبة أقل.