الجمعة  22 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

القمة العربية والأمن العربي المشترك / بقلم د. محمد أبو حميد

2018-04-16 11:02:29 AM
القمة العربية والأمن العربي المشترك  / بقلم د. محمد أبو حميد

بالأمس انعقدت القمة العربية التاسعة والعشرين في مدينة الظهران بالسعودية، وانتهت بعد سويعات قليلة ببيان يؤكد على أهمية تعزيز الأمن العربي المشترك. لعل الظروف التي تمر بها الأمة تستدعي تعزيز الأمن العربي والتعاون في مختلف المجالات؛ فالأمن ليس مجرد تكديس للأسلحة وتعزيز الأجهزة المخابراتية والشرطية لمواجهة تحديات خارجية وداخلية، بل يسبق ذلك تحديد مفهوم الأمن بأنواعه المختلفة. فالعدالة الاجتماعية تعتبر من أهم ركائز الأمن. كما أن الحكم الرشيد هو الأساس الذي يعزز العلاقة بين الحكام والشعوب، مما يؤدي إلى حالة تكاملية تشكل نواة صلبة قادرة على مواجهة التحديات الأمنية ووقف التداعيات التي تعتري الحالة العربية.

إن المواقف السياسية العربية المتناقضة، بل المتناحرة، جعلت الأمن العربي هشا يسهل اختراقه، كما أن ضياع وفقدان البوصلة أدى إلى تحالفات مثيرة للشبهات، مما أدى إلى انكشاف الأمن العربي، وكرس حالة الانفصام بين الشعوب والنظام الرسمي العربي؛ الذي لا يرى في الأمن إلا وسيلة للحفاظ على ديمومته، فإذا افترضنا حسن النية نجد في ذلك فهما قاصرا لمفهوم الأمن.

إن غياب شراكة حقيقية للمواطن العربي في رسم مستقبله، واستمرار سياسة الإقصاء والتهميش التي تبنتها الأنظمة على مدى عقود خلت؛ هي التي أفرزت التطرف وحالة التفكك والتراجع الفكري والهروب إلى الشعوذة؛ فالأمن ليس مفهوما عابرا تتم مناقشته عند الحاجة، بل هو ملازما للإنسان وحاجة ملحة لاستقراره وإبداعه، الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف.

 فلا أمن عربي مشترك دون حياة كريمة للمواطن العربي، حياة كريمة تتناول التعليم المستنير أولا، والقضاء على الفساد بأشكاله المختلفة ومكافحة الفقر والبطالة ودون تعاون اقتصادي عربي مشترك ووضع أسس متينة لموقف سياسي عربي موحد يصون حقوق الأمة، ويضع حد للتدخلات الخارجية في شؤونها ويضمن إقامة علاقات متوازنة مع مختلف الأطراف على أساس احترام الحقوق العربية، وذلك يتطلب تفاعل الشعوب العربية، وهذا لا يتم في غياب الديمقراطية وعدم صون الحقوق الاجتماعية للمواطن العربي، وإهدار كرامتة، وغياب حرية التعبير، فلابد من تحقيق ذلك؛ لأجل بناء قاعدة مجتمعية صلبة متحدة واعية بمسؤولياتها، وقادرة على حماية حدودها وتأمين مستقبلها، فلا أمن عربي مشترك بينما المواطن العربي لا يشعر بالأمن، فالمواطن هو الغاية والوسيلة للنهوض بواقع الأمة المترهل، كما أن تبني بعض العرب لمواقف تؤدي إلى صراعات ومواجهات هامشية تستنزف طاقات الأمة ومقدراتها على حساب التناقض الرئيسي مع أعداء الأمة، يجعلنا في حالة شك بصدقية الدعوة لبناء أمن عربي.