الخميس  28 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الحالمة تسنيم محمود بقلم: وداد البرغوثي

2018-04-16 10:01:58 PM
الحالمة تسنيم محمود بقلم: وداد البرغوثي

تذكَرني تسنيم الطفلة النبالية وجدتَها (من بيت نبالا القريبة من اللد والمهجرة عام 1948) بإحدى الجدات النباليات التي أصابها الزهايمر لكنها ظلت محتفظة بذكرياتها في بيت نبالا، تنادي زوجات أبنائها بأسماء جاراتها في بيت نبالا، وتسمي حارات مخيم الجلزون الذي تسكنه بحارات بيت نبالا وتنادي أحفادها بأسماء أولادها أو أشقائها.

باختصار غادرت هذه الجدة مسقط رأسها بالقوة، لكن مسقط الرأس لم يغادر الرأس حتى بعد فقدان الذاكرة. تسنيم الشابة الآن تحمل درجة البكالوريوس في اللغة العربية وهي أم لطفلتين ، كتبت قبل عشرة أعوام وتخيلت عودتها لقريتها الأم، تمنت لو أن جدتها حية لتشهد هذه العودة، فكم أوصتهم الجدة بالحفاظ على المفتاح.

مرت الأعوام العشرة ومازالت الجدة حية ترزق، تحدثهم عن أيام البلاد. وكأن الذاكرة أغلقت بمفتاح بيت نبالا دون ما بعدها. فهي كما تقول تسنيم تتحدث بتفاصيل التفاصيل عن البلاد، لكنها مشوشة فيما يتعلق بالوقت الحاضر.

أما تسنيم فحين تخيلت ما تخيلت قبل عشرة أعوام، تخيلت السلام والحرية والاستقرار والعودة وكل شيء، لكنها نسيت أن تتخيل أنها كبرت، فقد رأت نفسها في العيد تلك الطفلة التي تنتظرالعيد فرحة بفستانها الجديد. ربما نسيت أنها ستكبر بعد عشرة أعوام، وربما اعتبرت التخيل في إطار ألعاب الأطفال، فقد طلبت مني أن أرسل لها ما كتبته في طفولتها ففعلت. عبر الماسنجر تواصلنا، كما تواصلت مع غيرها. التقطت من المحادثة التالي: يحتاج الأمر أكثر من عشرة أعوام... حتى تتحرر أراضينا.. فقد انقضت أعوامنا تلك وازداد جرح فلسطين اتساعا ولازالت جدتي على قيد الحياه ترقب النصر من بعيد.كل يوم تقص علينا من يومياتها.

عاشت ما يقارب 20 عاما في بيت نبالا كانت تزرع السمسم مع والدها أراضيهم نصفها ذهبت للمطار عند مجيء الاحتلال، تتذكر أيامها الماضيه أكثر من الحاضر، بالكاد تتذكرنا ولكن قصص الماضي ترويها مرارا وتكرارا. ومن دير عمار تنظر تسنيم وتنظر جدتها إلى الغرب، على بعد عشرة كيلو مترات تقريبا أو أكثر بقليل، حيث تحط الطائرات في مطار اللد، وكأن ذاكرة الجدة تقول هذه أرضنا التي تحولت إلى مطار وتحولنا إلى لاجئين