الحدث- علاء صبيحات
"اكتشفناها منذ 4 سنوات، ثم عشّشت في منابت الزيتون، وهذا العام هو الأسوأ فيما يخص إنبات الزيتون" هذا كان مُلخص المقابلة التي أجرتها "الحدث"مع مدير دائرة الزيتون في وزارة الزراعة المهندس رامز عبيد، حيث جرى الحديث عن آفة جدية قضت على الغالبية العظمى من الموسم الحالي للزيتون بالمعنى الحرفي.
التفاصيل التي تحدّث عنها عبيد هو أن ذبابة هاجمت محصول الزيتون في الضفة الغربية قادمة من مناطق عام 1948، فمنعت الزهر أن يتحول إلى ثمر، اسمها العلمي ذبابة أوراق الزيتون.
وأضاف عبيد أنه وفي بادئ الأمر، قبل 4 سنوات اشتكى مزارع فلسطيني من قرى غرب محافظة سلفيت المحاذية لمنطقة الجدار العنصري لوزارة الزراعة عن مرض جديد هتك بأرضه، وعلى الفور جاءت وزارة الزراعة وفحصت الأرض العائدة للمزارع، وسرعان ما اكتُشف مرضا جديدا في شجر الزيتون.
وبعد البحث الدقيق؛ اكتشفت الوزارة أن هذا المرض اسمه ذبابة أوراق الزيتون، وهو مرض يصيب البراعم والعناقيد الثمرية كما أوضح المهندس عبيد.
ولوحظ نشاطها فيما بعد بحسب عبيد، في جميع المناطق الغربية في محافظات الضفة، من جنين امتدادا للخليل، وبدأت هذه الآفة بالانتقال شرقا نحو المحافظات الوسطى فالشرقية كما قال عبيد.
وبحسب عبيد فإن خطورة هذه الحشرة تزداد في شهر نيسان عند خروج الحشرات الكاملة وإصابتها للعناقيد الزهرية، إضافة إلى تأثيرها على الأوراق ودورها في إحداث الإصابة بمرض سِلّ الزيتون.
سبب انتقاله ومصدره
أوضح مدير دائرة الزيتون في وزارة الزراعة أن مصدر هذه الآفة هو مناطق عام 1948، والسبب برأيه هو أن الاحتلال يقوم برش مبيدات مكثفة وقوية على أشجار الزيتون في مناطق 1948 ، وهذا أدّى لطرد هذه الحشرة من الداخل إلى الضفة، بل وأكسبها مناعة وقوّة لمقاومة المبيدات التي تمتلكها وزارة الزراعة الفلسطينية.
دُقَّ ناقوس الخطر كما قال عبيد "فهذه الآفة بحاجة لوقفة حقيقية وجدية"، ففي العام الماضي كان إنتاج فلسطين من زيت الزيتون 19500 طن، وهو أقل من المعدل العام الذي يساوي تقريبا 21000 طن، لكن هذا العام سيكون الأسوأ، "فلا أحد يستطيع تقدير كمية إنتاج العام القادم فالمحصول كاملا قد ضُرب".
عبيد جزم أنه لا يمكن توقع معدل إنتاج الزيتون في الموسم القادم، ذلك أن المرض فتك في الزيتون ولن يكون محصولا جيدا على الإطلاق.
أعراض الإصابة بهذه الحشرة
وأضاف عبيد أنه من علامات الإصابة بهذه الحشرة وجود انتفاخات ( درنات ) تتكون على الأوراق والعناقيد الزهرية أو البراعم الزهرية.
بالإضافة لما سبق بحسب عبيد؛ فإنه ونتيجة لوجود اليرقة داخل النسيج تتهيج الخلايا وتشكل ورم (درنات)، وهذه الدرنات تكون أماكن للتغذية حتى خروج الحشرة الكاملة، علما بأنه في كل نفق تتواجد يرقة واحدة. وأوضح عبيد أن الإصابة بهذه الحشرة تتركز غالبا في منطقة العرق الوسطي، لكنها تؤدي إلى تشوه شكل الأوراق.
ومعرفة شدة الإصابة بحسب عبيد يكون باختلاف عدد الدرنات الموجودة على الأوراق والحوامل الزهرية بحسب شدة الإصابة.
أما الأنفاق التي تحفرها هذه الذبابة فتكون بطول 2/7 مم وبقطر 0.1 مم كما أضاف المهندس رامز عبيد، بالإضافة إلى أن إصابة العناقيد الزهرية يؤدي إلى عدم حدوث عُقَد للثمار أو تساقطها وفقدان جزء من المحصول، والأخطر كما قال مدير دائرة الزيتون في وزارة الزراعة هو أن الأنفاق والدرنات التي تغادرها الذبابة تشكل مكانا ملائما لوضع البيوض للكثير من الحشرات.
مكافحة الذبابة
قال المهندس رامز عبيد إن مكافحة هذه الذبابة يكون من خلال الرش بمبيدات منظمات النمو مانعة الانسلاخ (غير سامة للكائنات غير المستهدفة وصديقة للبيئة)، فهذه المبيدات تؤثر بشكل كبير على أعداد الحشرة وتقلل إلى حد كبير من تعدادها.
وأضاف عبيد أن وزارة الزراعة تعمل حاليا على تجميع جهود العاملين في القطاع وستقوم بمسح شامل لانتشار هذه الآفة لوضع خطة وطنية لمكافحتها خلال هذا العام، مؤكّدا أن الآفة ضربت الموسم الحالي لكن يمكن مقاومتها من أجل المواسم القادمة.
آفات أخرى
يقول الباحث الزراعي أحمد العمري إن مرض عين الطاووس هو آفة قاتلة لا تقتل ورق الزيتون؛ وهذا بالتالي سيؤدّي إلى سقوط الورقة وعدم توفر غذاء لثمرة الزيتون، وهو الأمر الذي وصفه المهندس رامز عبيد "كهدم المطبخ في البيت، بخاصة أن كل حبة زيتون تحتاج لأربعة ورقات لتغذيتها على الأقل، وبالنظر إلى كمية الأوراق الساقطة يمكن معرفة كمية الخسارة في الثمر".
آفة عين الطاووس بحسب الباحث العمري والمهندس عبيد مم المكن التغلب عليها، لكن هناك خطوات يجب الالتزام بها، وعلى رأسها رش المبيدات النحاسية بشكل جماعي، فلا يكفي رش الأرض المصابة بالمرض.
فهذا المرض بحسب مدير دائرة الزيتون في وزارة الزراعة رامز عبيد ينتقل من خلال الهواء ويمكن أن يعود للأرض المصابة.
الباحث العمري قال إن مرض عين الطاووس هو مرض فطري يتشكل بفعل الرطوبة، وأسباب انتشاره يبدأ من الخاطئ الذي لا يسمح للشمس بدخول باطن الشجرة، بالإضافة لترك بقايا التقليم داخل الأرض وأخيرا الرطوبة والعوامل الجوية.
وعلى الرغم من أن مرض عين الطاووس طغى على 55% من عينات أوراق الزيتون التي جمعتها وزارة الزراعة في العام 2011 بل ووصلت إصابة كل ورقة مصابة لما نسبته 85% من مساحة الورقة كما قال المهندس رامز عبيد؛ إلا أن هنالك أبحاثا قامت بها وزارة الزراعة، بالإضافة لدكتور الزراعة في جامعة خضوري مازن سلامة وبالتالي يمكن السيطرة عليه لكنه لا زال خطيرا.
سقوط أوراق الشجر بفعل مرض عين الطاووس يعني وبشكل قطعي سقوط ثماره بل وجعل شجرة الزيتون عرضة لكل من ذبابة ثمار الزيتون (والتي تختلف عن ذبابة أوراق الزيتون)، بالإضافة لحشرة صفارات الساق ومرض توتة الأغصان الذي سيؤذي وبشكل قطعي الشجرة وحملها وبالتالي محصول الزيتون.
الإمكانيات لمكافحة مرض عين الطاووس ضعيفة لكن وزارة الزراعة تقوم باختيار منطقتين كل سنة وترشها بشكل جماعي بمبيدات النحاس الصديقة للبيئة؛ وهي الطريقة الفضلى لمكافحة عين الطاووس كما قال مدير دائرة الزيتون في وزارة الزراعة للحدث، لكن المرض الأخطر والذي يحتاج لوقفة حقيقية وجدية من قبل الجميع هو آفة ذبابة أوراق الزيتون.