الثلاثاء  26 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

بین الفراغ وحلم التكوین بقلم: موسى حيان

2018-04-24 12:27:20 PM
بین الفراغ وحلم التكوین
بقلم: موسى حيان
موسى حيان

فوق جسر تأمل الحلم و الجمال، تستنشق روح المبدع الفكرة ویبرق الفضول في العیون وتقرأ كل أرجاء الفَراغ بلحظة واحدة، و كأنھا ألف عین وعین، بتلك القراءة یدخل الفراغ كاملاً إلى روحه ویسافر عبر شرایین خیاله لیلتقي في إیقاعیة من العشق نبض الحلم، ثم یصعدان معاً فوق بساط الجمال، وینطلقان الى منطقة الإدراك الأعلى الشفافة السامیة، ھناك في منطقة الإدراك الأعلى یتشكل نھار بفصول عدیدة، وتمطر الروح حبّات من العاطفة، فوق سطح الشوق للإنجاز المنشود والمحفور في ضمیر الحلم، إذ لا مكان ھناك إلا للنقاء العفوي، الذي یغرس جذور نغمات البقاء في النسیج الإبداعي، و التي علیھا واجب ومھمة النمو والتمدد، لكي تتحول الى شجرة مثمرة عملاقة، تحتار في تفسیر جمالھا ومضامینھا عقول و أجیال، في ذلك النسیج عیون حوراء، ونبضات قلب العذریة، یجتمعان بجلال في نصل سیف جمال حاد، فیتحول المبدع الفرد إلى إنسانیة شاملة، تستمد من دفء الضوء عشقھا، وتنثر على ضفافھا بذور العدل النقیة ، وھنا یسترخي ویكمل شكله الحلم ، وتدفعه الروح بسخونة و عمق للخروج عبر زفیر حرف ، نقطة لون ، رعشة حركة أو ضربة مطرقة لیجسد حیاة تحت نور الشمس تنسجم في تأثیرھا البصري مع نغمة موسیقیة كان قد خرجت من فوھة الروح لتسكن الفراغ اللامرئي الذي تعیش فیه الإنسانیة ، و بعد ذلك تأتي مرحلة قراءة ما وراء المرئي ، في عملیة إنجاز وتجسید حسیة دقیقة ،الھدف المباشر منھا ھو إبتكار التكوین ، وھي المسألة الصعبة اللیّنة ،القابلة للإنفلات من سلسلة الدفقات الضوئیة المنبعثة من شَرارِ إنفعالاتِ وتصادمات بین الواقع المحسوس في الروح والخیال الساكن فیھا ، إن عملیة إلتقاط جزیئات ذلك النسیج وتوظیفھا لھي عملیة مرعبة ، وذلك لأن التكوین الإبداعي ھنا یقظ بحدة ، ولا یتھاون مع أیة لحظة انفلات من الإحساس الروحي المركز و إذا حدث وأن فرضَت تلكَ اللّحظة نفسَھا فجأةً ، و نتیجة لذلك انتقلت العملیة إلى ، الوعي فإن التكوین برُمتِه یصبح مھدداً بالإنزلاق إلى مستنقع الزیف ، الذي یقیم فیھ الكابوس الأعظم و لكي تتمكن الكتلة اللامرئیة من شق طریقھا عبر كتلة الفراغ المرئیة الكبرى ، فإنَه یتوجَب علَیھا فُقدان الوزن تماماً ، لتنْتقل كمَا ینتقل الضَوء، دون الإقتراب من الوعي ، كي تصل بكامل عناصرھا الجمالیة ، لمبتغاھا الحسي العفوي العمیق ، و بالتالي تؤدي دورھا الھام في تجسید الحلم داخل تضاریس التكوین ، إن التكامل في تجسید الحلم ، یتطلب دون أدنى شك معرفة عمیقة لعناصر الكتلة الفنیة ، ولأنھا تبعاً للحالة الإنفعالیة العفویة ، تأخذ شكل و صِفات الحلم فھي تتنوع و تنجذب بلامنتھیة نشطة الى التكوین ، و ذلك قبل أن تلامس بدقة متناھیة البقعة المحددة لھا ، من أجل أن تستقر فیھا لتشكل وحدة بناء أساسیة في الفراغ ، ثم یبدأ الفراغ بالتفاعل مع الكتل الفنیة ، و التأثیر فیھا كلٌ حسب دورھا ، كما ینسجم مع الفكرة ویخاطب الإحساس ویتقن اللغة البصریة ، بما یؤكد انھا بحد ذاتھا ، كتلة محسوسة ھامة لكنھا غیر مرئیة ، لذا فمن الممكن محاورتھا من خلال الخیال المكثف ، و الكتلة الفنیة الناضجة ، إذن الفراغ ھو شكل فني بعید عن السلبیة العقیمة ، و الفنان عندما یتقن الإصغاء له ، فإن تلك السلبیة تبدأ بالسخونة و التحول التدریجي نحو الإیجابیة الخلاقة ، فالتكوین في العالم الفني یولد و یتنفس من خلاله . إذ انه یعادل الكتلة في نسیج الفكرة داخل اللغة التعبیریة للعمل الإبداعي لذلك فإن الفنان الذي یملك الحساسیة العالیة ، لقراءة و تفسیر لغتة و استخدامھا ، كما ویدرك بالضرورة أن عناصر الكتلة الفنیة ھي مزیج مُركب من نقاء حسّي إنساني راقي ، خیال إیجابي حالم ، ونغمة صارخة في سیمفونیة فكرة غاضبة ، لھو الأقدر على ابتكار و إضافة لغة للتكوین ، الھدف منھا تقدیم الفكرة في ھذا السیاق ، لا بد من تصور شكل عملیة التكوین الموسیقي ، فالنغمة الموسیقیة كتلة فنیة ناطقة أنیقة مشبعة وناضجة بالفكرة ، تتردد في تكوین الفراغ داخل تكوین السیمفونیة ، وبعد معرفتنا بھذا تبدأ مرحلة ھامة و حسّاسة من تجسیدِ الحلم ، والتي تتمثل في إبراز التكوینُ الفني الجمالَ الإنساني السامي ، والذي یحتوي بخُصوبتھ الكتل الفنیة الحیّة الحالِمة ، و ھي مرحلةُ إغناءٍ و إرتقاءٍ إِبداعي ، یصلُ الى مستوى محاكاة الفكر الإنساني الشُمولي ، مما یُكسبه خصائص البقاء ، و یجعله مقروءاً من مختلف الثقافات ، ویوصله بالحواس تبعاً لنوعه و انتمائه الى جداول الفنون المعروفة ، أَو الى الفنون التي ستولد في المستقبل ، ضمن النشأة والتطور اللذینِ سیعبران الى أحضان الإنسانیة ، وذلك . بعد تمدد الفكر والناتج الإبداعي، في روح الإنسانیة الجديدة