الحدث- محمد غفري
يوم "جمعة الكوشوك"، التي نظمها الفلسطينيون سلمياً على حدود قطاع غزة الشرقية ضمن مسيرات العودة الكبرى، كانت علامة فارقة في حياة الفتى الفلسطيني يوسف القطراوي (17 عاماً)، بعدما استقرت رصاصات قناص إسرائيلي في كلتا قدميه.
يوسف لاجئ فلسطيني يعيش وأسرته في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، يهوى التمثيل المسرحي ولعب كرة القدم، ولديه من الأحلام ما تلامس حد الاحتراف الرياضي في نادي ريال مدريد الإسباني.
خرج يوسف يوم الرابع من نيسان الجاري إلى الحدود الشرقية للقطاع، يطالب بحقه في العودة إلى أرضي أجداده المسلوبة منذ العام 1948.
يقول السيد محمد القطراوي، إن نجله خرج ليشارك في "جمعة الكوشوك"، وأثناء المسيرة السلمية واصل الاقتراب من السياج الحدودي حتى وصل إليه.
في هذه اللحظات بينما اطمئن يوسف لعدم وجود جنود من جيش الاحتلال قرب السياج، خرج بشكل مفاجئ اثنين من الجنود مقابله وجهاً لوجه.
يتابع القطراوي في لقاء مع "الحدث"، إن خروج الجنود بشكل مفاجئ في وجه يوسف أصابه بنوع من الارتباك جعله عاجزاً عن الحركة، حيث صرخ يسأله أحد الجنود: ماذا تفعل هنا؟.
وفي الوقت الذي كان يرفض فيه يوسف الإجابة على الجندي، خرجت رصاصة من بندقية قناص آخر لتخرق فخذ رجله الأيمن وتخرج من الناحية الثانية.
رصاصة لا تشفي الغليل
لم يكتف قناص جيش الاحتلال برصاصة واحدة تشل حركة يوسف أمام الجندي، حتى عاد وأطلق رصاصة ثانية على الفخذ الأيسر، أسقطته أرضاً.
وبحسب والد يوسف، فإن نجله واصل نزيف الدم مدة الثلث من الساعة، وسط عجز بقية المتظاهرين بالوصول إليه.
وأضاف، أنه بعد انتشال يوسف من قرب السياج جرى نقله في حالة بالغة الخطورة إلى إحدى المستشفيات المحلية القريبة، ومن ثم حول إلى مستشفى الشفاء وسط مدينة غزة.
والد يوسف أكد أن ضعف الإمكانيات في مستشفيات القطاع، حالت دون علاج نجله بالرغم من إجراء سلسلة من العمليات الجراحية له بشكل يومي، على يد أطباء متخصصين من القطاع وأطباء متطوعين أجانب.
#يوسف_لازم_يتعالج
وفي الوقت الذي تشهد فيه قدما يوسف حالة من التدهور الصعب، ووصول الالتهابات إلى حد عظامه، أطلق والده حملة تطالب بنقل ابنه للعلاج خارج قطاع غزة المحاصر.
حملة "#يوسف_لازم_يتعالج" وصلت إلى مكتب الرئيس الفلسطيني محمود عباس في رام الله، الذي أصدر تعليمات بتحويل الفتى يوسف ليستكمل علاجه في مجمع فلسطين الطبي، بحسب ما ذكر والده لـ"الحدث".
وقبل التقاط أنفاسه، استكمل والده كافة الوثائق المطلوبة لتحويلة العلاج يوم الجمعة الماضية، إلا أن سلطات الاحتلال أبلغت العائلة برفضها خروج يوسف لتلقي العلاج، يوم الأحد، بذرائع أمنية.
حلم يوسف قتل ثلاثة مرات
لن تجد أحلام الفتى اللاجئ يوسف متسعا لها داخل حدود قطاع غزة المحاصر منذ ما يزيد عن عشر سنوات، ولن تسمح له قدماه المصابتين أن يلامس كرة القدم مرة ثانية، وصرخات الألم التي يطلقها يوسف من على سريره داخل مستشفى الشفاء ليست تمثيلاً على خشبة المسرح كما يهوى.
حصار غزة قتل حلم يوسف مرة، ورصاصات المحتل قتلت حلمه ثانية، ومنع استكمال علاجه هو قتل ثالث لحلمه، وربما يقتل رابعاً وخامساً في كل مرة يرجع الملف إلى والده مرفوضاً.
الجدير بالذكر، أن المواطنين في قطاع غزة يتظاهرون عند 5 نقاط قرب الحدود بين قطاع غزة وإسرائيل بشكل يومي في إطار مسيرات العودة الكبرى التي بدأت قبل 25 يوما، واستشهد خلالها 40 مواطناً وأصيب الآلاف برصاص جنود الاحتلال.
ومن المقرر أن تبلغ مسيرة العودة ذروتها في ذكرى النكبة (15 مايو/ أيار المقبل)، وتطالب بعودة الفلسطينيين إلى قراهم ومدنهم التي هجروا منها عام 1948.