وقع بين يدَّي جدول اعمال المجلس الوطني الفلسطيني المنوي عقده يوم ٣٠ / ٤ تحت عنوان ( القدس وحماية الشرعية الفلسطينية ).
وقد استوقفني البند الثالث من جدول جلسات العمل، وهو مراجعة المرحلة السابقة منذ عام ١٩٩٣ بكافة جوانبها حتى الآن.
وقد آليت على نفسي كمواطن ومراقِب مراجعة المرحلة منذ شهر ١٢/ ١٩٨٧ حين اشتعلت الانتفاضة الاولى وتوحد الشعب بكل مكوناته الفكرية والمهنية والعمالية والطلابية والعائلية والسياسية.
امتلك شعب الحجارة الوطن والقضية، وتعامل بالندِّية مع الاحتلال ومع كل دول العالم العربية والغربية.
تم توقيع اتفاق أوسلو والاعتراف بمنظمة التحرير.انقسم الشعب حول الاتفاق وتأجلت ملفات القدس واللاجئين وغيرها لخمس سنوات، هي سنوات الاتفاق المشؤوم.
خمس سنوات كانت كفيلة بإدخال الشعب الى بيت الطاعة وتحولت الندِّية الى العِصمة الكاملة بيد المحتل صاحب الكلمة العليا.
قبض المقدسيون على الجمر وتشتت احلامهم وفقدوا بوصلتهم وهويتهم وضاعت عناوينهم.
تحولت الخمس سنوات الى خطابات ومؤتمرات ومهرجانات، شاركتنا فيها المؤسسات الدولية والدول الغربية بنشر الاوهام وتبديد الأحلام.. وتقديم الهبات تحت وفوق الطاولة تحت بند ما يعرف باتفاق السلام..
فقد الجميع بوصلة القضية ومرجعياتها الدولية وتحولت احلامنا الى استعراضات ومفاوضات وسفريات وامتيازات واحتكارات.. وشراء للذمم وقهر للرجالات.
انقسم الوطن وبدأ الانهيار الداخلي والتواطؤ العربي والتأمر الغربي وتغيرت المفاهيم وتراجعت الاولويات وتجاوزنا كل الخطوط والمحرمات.
انفرط عقدنا المقدس وبدَأنا مشوار الصغائر، حكومات إنقاذ وحكومات وحدة ووزراء ومدراء ودوائر وألقاب.. جميعها لا تعني شئ في مفردات أوسلو منقوصة الإرادة والسيادة.
بدأ مسلسل تجديد الشرعيات، مؤتمرات حزبية ومجالس مركزية وثورية ووطنية.. وجمدنا أُسس الديموقراطية (الانتخابات الرئاسية والتشريعية).
شحَت الموارد وتحول شعبنا المحتل الصامد الى الممول الرئيسي لكل مظاهر المشهد، بانقساماته وتجاوزاته وإخفاقاته وألقابه ومواكبه. ارضاءً.. لمتطلبات المجتمعات والصناديق الدولية.
واعفاءً للاحتلال والعالم من المسؤولية.
وصلت سياستنا ووحدتنا الى طريق مسدود..وبدأ ترتيب الأوراق وراء الكواليس وخلف الحدود.
انتشرت المزارع والمحسوبيات وازدادت حساسيتنا وخوفنا من القادم المجهول.
تراجعت الحريات وتشَنَج القضاء وانتشرت ملفات الفساد وملفات تهم الذم والقدح في اصحاب المقامات العليا الصغير منهم والكبير.
وفي زمن المحتل يبقى السؤال الاول والأخير ..هل لغير الشهداء والاسرى مقامات عليا في هذا الوطن الصغير ؟؟