الجمعة  22 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

عالم القطب الأوحد: باي باي

2014-06-10 00:00:00
عالم القطب الأوحد: باي باي
صورة ارشيفية

صريح العبارة 

بقلم: تيسير الزَبري 

منذ عقدين وأكثر، هيمنت على العالم مقولة تشير إلى سيطرة القطب الأوحد على العالم والمقصود بذلك الولايات المتحدة الأمريكية.

لقد كان ذلك الواقع صحيحاً تماماً، وخاصة بعد تفكك الاتحاد السوفيتي والانهيارات التي ترافقت مع ذلك التفكك، وتحديداً في دول أوروبا الشرقية. 

نتذكر ذلك، ولا تغيب عن ذهننا الضربتان اللتان وجهتا للعراق في كانون الثاني عام 1991، والضربة التي أطاحت بالنظام العراقي في نيسان عام 2003، إضافة لما أصاب الوضع الفلسطيني من ضغوط وما أدت إليه من اتفاقات غير متكافئة بين الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، والحكومات الإسرائيلية ونخص بذلك اتفاق أوسلو عام 1993 وتبعاته التي ما زالت ترزح فوق صدورنا.

تداعيات تلك الأيام من هيمنة القطب الأوحد، تركت آثارها على أحزاب وقوى طالما كانت جزءاً من حركة التحرر العالمي وحليفة للمعسكر الاشتراكي، فالانهيار السياسي ترك آثاراً واسعة على كل العالم.

  آثار الاحتلال على العراق ما زالت قائمة ،وكذلك آثار إسقاط النظام الليبي، التي تمت بخدعة حماية الشعب الليبي من العقيد القذافي، وما زالت ليبيا تصارع حتى الآن من أجل إعادة بناء مؤسسات الدولة التي تدمرت على أيدي الميليشيات الدينية والقبلية، لكن الإدارة الأمريكية فشلت في أن تفعل بسوريا مثلما فعلت بالعراق وليبيا، ذلك أن المعادلة الدولية قد تغيرت، وكذلك فإن الإدارة الأمريكية غير قادرة على توجيه ضربة إلى إيران، رغم عمليات التحريض الإسرائيلية. سوف تخرج إيران منتصرة في هذه المعركة السياسية، خاصة ونحن نلاحظ أن دول الخليج، بما فيها السعودية، بدأت تتراجع عن سياساتها السابقة تجاه إيران. إذا ما أضفنا إلى كل ذلك حالة النهوض المصري بعد أن بدأت خارطة الطريق تأخذ مجراها المرسوم، وبعد استكمال المرحلة الثانية من الخارطة (الدستور والانتخابات الرئاسية)، وتستعد الآن لأنجاز انتخابات مجلس الشعب بكل ما يترتب على ذلك من استخدام كل الروافع، بهدف الوصول إلى الحلول للمشاكل الاجتماعية والاقتصادية المطلوبة.

إذا ما لاحظنا كل هذه التبدلات في خارطة المنطقة مع كل ما أشرنا إليه من تبدل على الصعيد العالمي، فنحن، والحالة هذه، نكون أمام متغيرات جديدة. 

الحال الفلسطيني يجب أن يخرج عن الإذعان للمعادلة الدولية السابقة، حال هيمنة القطب الأمريكي الأوحد، دون إغفال توابعه الأوروبية والإسرائيلية بشكل خاص، ودون أن يصل بنا التفكير إلى انتهاج سياسة مغامرة، فما زال للدور الأمريكي أثر كبير، وكذلك الأوروبيون، وكلاهما أعضاء في اللجنة الرباعية الدولية، ولكن علينا ملاحظة التغيرات التي تحد من إمكانيات قدرة القطب الأوحد السابق على تنفيذ ما كان يفعله سابقاً، ونحن هنا نُذكّر بحرب البوسنة والهرسك ضد الصرب، وما أدت إليه من تفتيت لدول البلقان، مع مقارنة ذلك مع تعامل الغرب وأمريكا مع أزمة أوكرانيا الراهنة، وكيف حول الروس، بزعامة بوتين، من سياسة التهديد بالعقوبات إلى مهزلة، عندما انتهج “الروس” سياسة هجومية باردة ولكنها قوية، فبعد أن وضعوا شبه جزيرة القرم في إطار الدولة الروسية، نراهم الآن يدعمون موقف أقاليم شرق وجنوب أوكرانيا المطالبين بالحكم الذاتي بالحد الأدنى، والاستقلال النسبي عن كييف.

بالطبع نحن لا نملك ما يملكه الروس من إمكانيات سياسية واقتصادية وعسكرية، ولكننا نستطيع أن نكيّف أنفسنا مع المعادلة الدولية الجديدة دون خوف، وأمامنا الآن فرصة مواتية بعد إنهاء الانقسام البغيض، من فتح صفحة جديدة في علاقاتنا الإقليمية مع سوريا وإيران والعراق، إضافة إلى أهمية علاقاتنا مع جمهورية مصر الشقيقة، ودولياً مع روسيا والصين، وعلينا في كل ذلك أن نبتعد عن لعب دور الحياد تجاه كل ما يدور في منطقتنا لأن ذلك “الحياد” سوف يضعنا، شئنا أم أبينا، في دائرة الاعتماد مرة أخرى على ما كان يسمى بالقطب الأوحد، رحمه الله!