الحدث– رائد أبو بكر
في الوقت الذي تعطل فيه المؤسسات الرسمية والتعليمية والقطاع الخاص بمناسبة يوم العمال العالمي، ينشغل العامل الخمسيني أبو يحيى من مدينة جنين في ورشة بناء يحمل على كتفه شوالات الاسمنت والطوب الى الطابق الخامس، وعند سؤالنا لماذا لا ترتاح في عيدكم، يجيب ساخرا "ومن اين أطعم اولادي إذا جلست اليوم في بيتي؟".
واستطرد قائلا، " اجرتي اليومية 50 شيكل، وان جلست في بيتي ليوم واحد التحق بالمصاريف، فأنا الوحيد الذي اعيل عشرة انفار بينهم والدين مسنين، نقطن في بيت مستأجر، واعمل في البناء لأن هذا ما عثرت عليه في ظل انعدام فرص العمل".
ترك أبو يحيى عمله ليستريح قليلا وولع سيجارته، ورسم على وجهه بسمة ساخرة وقال، "في عيدنا تستمتع به كافة القطاعات في المجتمع الا قطاع العمال، تراهم منذ ساعات الفجر يخرجون من منازلهم الى أماكن عملهم، بينما الموظفون وطلبة المدارس والجامعات في سبات عميق، والمؤسسات المعنية بالعمال تطالب ببياناتها ومنشوراتها بضرورة انصاف العمال ومن ثم يعودون الى سباتهم وعدم الاهتمام بالعمال حتى عيد العمال القادم ليتذكرونا فيه وهكذا دواليك".
أبو يحيى واحد من الاف العمال الفلسطينيين الذين يعملون في عيد العمال العالمي، وعند تجوالك في شوارع أي مدينة وخاصة في وقت الصباح، ترى السكون والهدوء الا بعمال متوجهين الى أعمالهم، وفي ذات الوقت ترى المعابر الحدودية تزدحم بألاف العمال المتوجهين الى الداخل الفلسطيني المحتل، فإلى جانب الفقر الذي يعانيه العمال في فلسطين أيضا يعانون من ممارسات الاحتلال الإسرائيلي والمتمثلة بالاعتقال والمطاردة والمنع من الوصول الى أماكن عملهم خاصة داخل أراضي 48 واستغلالهم من قبل المشغل الاسرائيلي وتهديدهم بسحب تصاريح العمل إضافة الى الحصار والاستيلاء على الأرض التي تعتبر مصدر رزق للآلاف منهم.
364 أ لف عاطل عن العمل في فلسطين
بحسب جهاز الاحصار المركزي الفلسطيني في تقريرهم الرسمي أشار الى ان عدد العاطلين عن العمل في فلسطين بلغ 364 ألف عاطل عن العمل في عام 2017، حيث بلغ عدد العاطلين عن العمل في قطاع غزة اعلى من الضفة الغربية، بسبب الحصار المفروض عليهم، بواقع 218 ألف عاطل في غزة، بينما في الضفة وصل العدد الى 164 ألف عاطل عن العمل.
وبين الإحصاء في تقريره ان عدد الفلسطينيين المستخدمين بأجر في فلسطين يقدر ب 666 ألف عامل، منهم 333 ألف يعملون في الضفة، و221 ألف عامل يعملون في غزة، و92 ألف يعملون في الداخل المحتل، و20 ألف عامل يعملون في المستوطنات.
صورة أخرى
المربية انعام في أواخر العشرينيات من عمرها تعمل في احدى الروضات في محافظة جنين اشتكت من تدني أجرتها الشهرية والتي تبلغ 600 شيكل في الشهر، موضحة الى ان الحد الأدنى من الأجور هو 1450 شيكل التي هي بالأساس لا تكفي لسد الاحتياجات الأساسية، لكن، وكما اشارت، "شو جبرك على المر الا الأمر منه" فلم تجد فرصة عمل الا في هذه الروضة، ولو بأجر بسيط، على الأقل تساهم مع زوجها في سد بعض الاحتياجات وخاصة مصروف اطفالها.
تتساءل انعام وتقول، "مادام الحد الأدنى للأجور واضح للعيان، فلماذا يصرون على هذا المبلغ للمربيات في الروضات والحضانات"، مطالبة الجهات المعنية الى الضغط على قطاع الروضات وحضانات الأطفال في توفير الحد الأدنى للأجور.
وبحسب تقرير جهاز الإحصاء أشار الى ان 36% من المستخدمين بأجر في القطاع الخاص يتقاضون أجرا شهريا أقل من الحد الأدنى للأجر "1450 شيكل"، وأوضح التقرير ان عدد المستخدمين بأجر في القطاع الخاص في الضفة الغربية والذين يتقاضون اجرا شهريا اقل من الحد الأدنى للأجر بلغ 37500 مستخدم، أي بمعدل اجر شهري قدره 1079 شيكلا في العام 2017، اما في قطاع غزة 88800 مستخدم بأجر شهري قدره 731 شيكل.
الضمان الاجتماعي سيساهم في التخفيف
من جهته أشار رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين شاهر سعد في حديث لإذاعة صوت فلسطين الرسمية صباح اليوم الى زيادة نسبة العمالة غير المنظمة في صفوف العمل إضافة الى نسبة الأجور ليست بمستوى غلاء المعيشة، مبينا ان واقع العمال صعب للغاية جراء معيقات الاحتلال ومعاناتهم على الحواجز واستغلالهم من قبل سماسرة التصاريح، مؤكدا على ان تطبيق قانون الضمان الاجتماعي سيساهم في التخفيف من معاناة العمل، مشيرا الى ان العمل جار حول قانون للحماية الاجتماعية للطبقة العاملة.
"احمونا من سماسرة التصاريح"
العامل أبو معاذ من سيريس طالب الجهات المعنية بالقضاء على ظاهرة سماسرة التصاريح الذين يتعاملون مع العمال حسب مزاجهم، يرفعون سعر التصريح تارة ويخفضوها تارة أخرى مقابل منفعة تعود لصالحه، مشيرا الى انه قدم الى الجانب الإسرائيلي لاستصدار تصريح ليعمل في الداخل المحتل الا انه قوبل بالرفض لأسباب لا يعرفها، حتى استطاع الوصول الى احد السماسرة واشترى منه تصريح عمل بقيمة 2500 شيكل شهريا، موضحا ان هذا السمسار في بعض الأشهر يرفع السعر الى 3000 شيكل واحيانا يصل المبلغ الى 2000 شيكل، وتساءل "اليس من حق العامل الفلسطيني ان يوفر له كل شيء من اجل لقمة عيشه ولماذا اصبح الوصول اليها صعبة؟"