الحدث- وكالات
كشفت مصادر وثيقة الصلة بالاستخبارات الإسرائيلية عن تقديرات تسود أروقة الأجهزة الأمنية في تل أبيب، تفيد بأن عام 2015 سوف يشهد ثلاث حروب تخوضها إسرائيل، الأولى قد تندلع مع حزب الله اللبناني قبل إبريل، وتتورط فيها أيضا إيران وسوريا وتنظيم الدولة الإسلامية، في حين أن إسرائيل ليست جاهزة حتى اللحظة لمواجهة هذا السيناريو.
وأكدت أن التغييرات الأخيرة التي قامت بها إسرائيل لقيادة الأركان العامة للجيش، جاءت متسقة مع هذه الفرضية، في وقت يسعى فيه حزب الله عبر أنفاق يعتقد أنه حفرها إلى نقل المعركة لداخل كيان الاحتلال.
وقال موقع "ديبكا" القريب من الاستخبارات العسكرية في إسرائيل إن تل أبيب ليست مستعدة للحروب الثلاث القادمة، التي من المتوقع أن يندلع بعضها أو كلها خلال عام 2015، وأن لدى الجيش الإسرائيلي تقديرات استخبارية بأن أكبر تلك الحروب يمكن أن يندلع قبل عيد الفصح اليهودي مطلع إبريل القادم.
وتطرق الموقع لتصريحات اللواء "يئير جولان" الذي كان مسئولا حتى فترة قريبة عن قيادة المنطقة الشمالية، بأنه رغم عدم وجود أدلة قاطعة على امتلاك حزب الله اللبناني أنفاقا تمتد إلى داخل إسرائيل، فإن الجيش يعمل انطلاقا من فرضية وجود هذه الأنفاق.
وأضاف "جولان" أن "ما رأيناه في عملية "الجرف الصامد" بغزة كان بمثابة لعبة إلكترونية تمهد لما سيحدث خلال الحرب القادمة"، وأنه لن يكون أمام إسرائيل خيار آنذاك سوى إغلاق مطارها الدولي الوحيد "بن جوريون" في اللد والميناء بحيفا.
"ديبكا" اعتبر أن كلام اللواء الإسرائيلي يعد اعترافا ضمنيا بأن لدى حزب الله أنفاقا تصل إلى داخل العمق الإسرائيلي، وأضاف أنه ﻻ يمكن تجاهل شهادات مواطنين إسرائيليين على طول الحدود مع لبنان تحدثوا منذ منتصف العام الجاري عن تحركات تحت الأرض وأصوات حفر تحت البلدات التي يسكنونها.
الموقع الذي لفت إلى أن الحديث ربما يدور عن أنفاق كبيرة يمكنها استيعاب أعداد ضخمة من القوات، عاد وأكد أن حزب الله لا ينوي بدء الحرب من على خطوط الحدود بين إسرائيل وكل من سوريا ولبنان، بل من عمق الأراضي الإسرائيلية.
وتابع: تفيد مصادرنا العسكرية والاستخبارية أن تقارير الاستخبارات بشأن ما يحدث في الحرب داخل سوريا، تشير إلى أنه في حين يحرز المتمردون المدعومون من قبل أمريكا في العلن وإسرائيل والسعودية والأردن سرا، تقدما ملحوظا في الشمال، بوصولهم لأطراف القواعد العسكرية السورية الكبرى التي تحمي جنوب دمشق، يسحب حزب الله قواته داخل سوريا لتحقيق هدفين.
الأول: لجمع كل القوات التي تقاتل على ساحات حرب بعيدة عن لبنان وسوريا، وجلبها إلى منطقة جبال القلمون الفاصلة بين سوريا ولبنان. قرر الحرس السوري الإيراني وحزب الله أن هذه المنطقة الجبلية سوف تشكل الساحة الرئيسية للحروب القادمة التي يمكن أن تندلع بين حزب الله وإسرائيل، وحزب الله وتنظيم الدولة الإسلامية.
الثاني: لتحويل جبال القلمون لقاعدة رئيسية لإطلاق الصواريخ على إسرائيل.
هكذا انتهت إسرائيل وإيران وحزب الله من رسم الخطوط العريضة للحرب القادمة، التي يمكن أن تستدعي تدخلات خارجية، كإيران وجيش الأسد، والدولة الإسلامية وحماس في غزة، يمكنها أن تكون حربا شاملة واحدة، أو سلسلة حروب متواصلة تدور رحاها على عدة جبهات تشتعل وتخبو كل مرة.
في يوم الأحد 30 نوفمبر انضمت موسكو أيضا لرسم تلك الخطوط، عندما أعلنت أنها سوف تزود سوريا بصواريخ مضادة للطائرات من طرازS-300 وأنظمة تسلح أخرى لوقف تقدم المتمردين جنوب دمشق.
خلال عملية" الجرف الصامد" في غزة والتي انتهت في 26 أغسطس، لم تظهر الأركان العامة للجيش الإسرائيلي وعلى رأسها رئيس الأركان الفريق بيني جانتس، واللواء جادي أيزنكوت، وبالتأكيد الجيش أيضا ولو قدرة عملياتية، أو تكتيكية واحدة، تشير إلى أن لديهم المقدرة أو الرغبة في الحسم العسكري أمام حماس.
انعدام قدرة أو رغبة القيادة السياسية نتنياهو - يعالون، على فرض سياسة هجومية على الثنائي جانتس - أيزنكوت، سمحت لرئيس الأركان جانتس بعدم تحريك القوات لأبعد من الكيلومتر الواحد الذي احتلته داخل القطاع.
من هنا يتجلى الاستنتاج أن في اللعبة السابقة في غزة كما وصفها اللواء جولان، لم ينجح الجيش في إثبات امتلاكه للقدرة العملياتية على الانتصار في الحرب القادمة المتوقعة مع إيران وحزب الله، أو أنه مستعد، على الأقل بقدر استعداد حزب الله، لنقل المعركة داخل أرض العدو.
رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع موشيه يعالون، وسلسلة من كبار القادة بالجيش الإسرائيلي، كونوا وقتها رأيا مفاده أن جانتس و أيزنكوت لم يظهرا في الحرب ما يكفي من" المبادرة الخلاقة والشجاعة العسكرية" التي تؤدي لحسم سريع للحرب.
سلسلة طويلة من القادة في الجيش الإسرائيلي وأيضا في الجيوش الغربية الأخرى، على الأقل، لم تذهلهم إنجازات أيزنكوت، ابن الـ54 عاما، عام 2006 خلال حرب لبنان الثانية.
في حرب لبنان الثانية شغل أيزنكوت منصب رئيس شعبة العمليات في الجيش، وكان واحدا من اللواءات القلائل في القيادة العامة الذي تجرأ على الاختلاف مع رئيس الأركان داني حالوتس، والعمليات التي أمر بتنفيذها، لكن هذه المعارضة كانت ممتلئة بالتناقضات الداخلية، ففي بداية الحرب زعم أنه يجب تجنيد قوات الاحتياط لتحسين الاستعداد لعملية برية واسعة النطاق، لكن بشكل مواز عارض هذه الخطوة.
أيزنكوت أوصى بهجوم جوي واسع يستهدف البنية التحتية للبنان، وفي المقابل ضغط لإنهاء سريع للحرب، التي انتهت دون حسم مع حزب الله، تكتيك مشابه لما استخدمه الجيش بعد 8 سنوات في عملية "الجرف الصامد"، هذا هو السبب الرئيس في استغراق بنيامين نتنياهو حتى السبت 29 نوفمبر لتعيين رئيس الأركان.
سعى نتنياهو وبشكل مباشر لتعيين المرشح الحالي لمنصب نائب رئيس الأركان اللواء يئير جولان كرئيس أركان، حيث رأى نتنياهو أن لديه السمات المطلوبة لإدارة حرب خاطفة داخل العمق، لكن في النهاية وصل نتنياهو إلى حل وسط ووافق على تعيين أيزنكوت شريطة أن يتم تعيين جولات نائبا له، الافتراض الأساسي أنه في إطار التعاون مع جولان سيكون أيزنكوت أكثر عدائية.
حددت هذه التعيينات نظام تعيينات كبار القادة في الجيش الإسرائيلي خلال العشر السنوات القادمة، فمع نهاية فترته في منصبه كرئيس للأركان في 2018، سيتم تعيين اللواء يئير جولان في المنصب، وفي المقابل سيتم تعيين اللواء أفيف كوخافي، الذي يتولى الآن قيادة المنطقة الشمالية في منصب نائب رئيس الأركان، وفي عام 2022 في منصب رئيس الأركان.