الحدث- عصمت منصور
كشف تصريح وزير جيش الاحتلال الاسرائيلي أفيغدور ليبرمان في أول مواجهة مباشرة مع فيلق القدس الإيراني عن جهل الرجل في القضايا العسكرية وضحالة معلوماته وسرعته في الخروج إلى الإعلام ليروي إنجازته التي تقوده فطرته كسياسي إلى نسبها لنفسه .
ليبرمان قال إن إسرائيل دمرت معظم البنية التحتية الإيرانية في سوريا، وهي مبالغة تتعدى الدعاية وحرب الأعصاب ورفع معنويات الجمهور وتندرج في خانة الجهل، لذا سارع رئيس الوزراء إلى تصحيحها قائلا إن إيران لازالت تمتلك امكانيات في سوريا وصواريخ طويلة المدى قادرة وانها قادرة على ضرب إسرائيل، وهو ما سانده فيه تساحي هنجبي الوزير في مكتب نتنياهو عندما حدد أن ما تم تدميرة من بنية تحتية محصور في المنطقة الصغيرة التي تم قصفها مؤكدا أن وجود إيران في سوريا لم يتأثر من الضربة.
ليبرمان ليس الوزير الأول الذي يجلس على هرم منظومة الامن في اسرائيل دون أن تكون لديه خلفية عسكرية ولم يخرج من الجيش، فقد سبقه في ذلك عمير بيرتس في فتره العدوان على لبنان في 2006 ومن قبله موشي ارنتز الذي تم تعينه وزيرا للجيش في العام 1983بعد منع شارون من شغل هذا المنصب بسبب مسؤوليته عن مجازر صبرا وشاتيلا.
تجربة وزراء الجيش المدنين في إسرائيل أثارت جدلا واسعا فهناك من يرى أن لها ايجابيات تكمن تحديدا في كونهم لا يملكون خبرة عسكرية وهو ما يجعلهم يكثرون من السؤال وطلب ايضاحات والتأني في اتخاذ القرارات ويشككون في كل خطوة وهو ما يعطي هامش أكبر زمنيا وعملياتيا لمزيد من البحث عن بدائل وخيارات لانهم يعرفون في نهاية الأمر أن الجمهور سيحاسبهم في صناديق الاقتراع.
لكن من عيوبها وخاصة في فترات الأزمات الكبرى هو انهم يشعرون بالدونية أمام الجنرالات ويخشون من تحميلهم المسؤولية ولا يستطيعون رفض طلب الجيش وقادته لذلك فانهم يكونون مستمعين بالغالب لأنهم لا يعرفون المنظومة جيدا وبنيتها وتعقيداتها واعتباراتها.
العلاقة بين المستوى السياسي والمستوى العسكري في إسرائيل متداخلة ومعقدة ووجود كم كبير من الجنرالات السابقين ومسئولي الأجهزة الأمنية مثل الشاباك والموساد في الكنيست والحكومة يزيد من هذا التداخل ويعطي الغلبة في القرارات المصيرية للجيش.
مواجهة الأمس المحدودة اظهرت من جديد أن القرار الاستراتيجي الأمني في إسرائيل ليس بيد الحكومة التي تصبح مجرد واجهة للجنرالات ومغامراتهم العسكرية ونزواتهم التي لا يمكن أن يقف في وجهها ويضبطها أو يقودها إلى الأمام سوى جنرال وصل إلى كرسي رئاسة الوزراء أو وزارة الجيش.