الحدث - كريم سرحان
بدأت الساحة السياسية في قطاع غزة تشهد أجواء من تقديم العروض في محاولة لاحتواء مسيرات العودة ونتائجها التي أحرجت إسرائيل على المستوى الدولي، فيما تمارس في ذات الوقت ضغوطات لقبول حماس بتمرير "صفقة القرن".
أكثر من مصدر أكد لـ "الحدث" أن هنالك اتصالات تجريها كل من قطر ومصر مع حركة حماس لتقديم مبادرة سياسية جديدة، بدأت بوادرها بفتح معبر رفح طيلة شهر رمضان، على أن تسمح القاهرة أيضا لشركات مصرية بالتحرك في اتجاه التبادل التجاري حيث أعطت الضوء الأخضر لغرف التجارة لوضع خطة لتعزيز التعاون مع غزة.
ووفقًا لمصادر دبلوماسية فإن مصر تريد في المقابل أن يتم إنهاء الانقسام وتعزيز المصالحة بين حماس وفتح، وتوسيع دور السلطة الفلسطينية في قطاع غزة، والشروع في تقديم الإغاثة الاقتصادية، والترتيب للتفكيك التدريجي للجناح العسكري لحماس.
إلى جانب ذلك تقترح قطر أن يدير مجلس من الخبراء قطاع غزة، وأن تقوم حماس بوقف تسليح نفسها بأسلحة هجومية، على أن يتم إشراك المنظمات الدولية في مراقبة العملية.
ويحاول نيكولاي ملادينوف، المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، تنظيم منتدى إقليمي جديد يشمل إسرائيل ومصر والسلطة الفلسطينية والأمم المتحدة لإنشاء وتشغيل آلية مساعدات طويلة الأجل للقطاع.
القبول بصفقة القرن
من جهة ثانية، قالت صحيفة الحياة اللندنية، إن مبعوثين من البيت الأبيض زاروا دولة عربية في الأسابيع القليلة الماضية وأجروا اتصالات معها بحثوا خلالها الأوضاع الإنسانية والأمنية والسياسية في قطاع غزة، كما ناقشوا أموراً سياسية حساسة، مثل فرص إقناعها حركة «حماس» باتخاذ خطوات سياسية وأمنية في غزة، من قبيل عدم معارضة المساعي الأميركية لحل سياسي شامل في المنطقة (صفقة القرن)، وتشكيل إدارة خاصة لقطاع غزة من شخصيات مستقلة تتلقى دعماً مالياً أميركياً وغربياً لحل المشاكل الإنسانية في غزة. وقالت إن الأطراف المختلفة ما زالت في مرحلة درس الأفكار.
حل أزمة الموظفين والكهرباء
وعلى ذات الصعيد، قالت صحيفة الأخبار اللبنانية إن هنالك: "تحركات قطرية من أجل تأمين رواتب لموظفي غزة، بعد تذرع محمود عباس بالعجز عن تغطيتها".
ومن المقرر أن يزور السفير القطري محمد العمادي غزة قريباً لبحث هذا الملف.
وتشرح المصادر نفسها أن "مستوى العروض المقدمة يتخطى الجانب الإنساني هذه المرة، بل تتعلق بتحسينات جوهرية، إذ ستعمل قطر على دعم مشروعات لتحسين الكهرباء والمياه وأمور أخرى قد يعلن عنها العمادي قريباً"، فيما أشير إلى أن غرينبلات اجتمع قبل يومين مع وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن، بحضور العمادي، في الدوحة، وذلك للبحث في الشأن نفسه.
الرئيس عباس غاضب
وذكرت مصادر صحيفة الأخبار أن هذه الاتصالات أثارت غضب الرئيس محمود عباس الذي رأى فيها محاولة أميركية للضغط عليه للعودة إلى المسار السياسي. وأصدر الناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة الأربعاء الماضي بياناً مفاجئاً اعتُبر بمثابة رد على هذه الاتصالات، وحض فيه الدول العربية على التخلي عن وهم "إقامة سلام مع العرب من دون الفلسطينيين".
زيارة السنوار للقاهرة
وبحسب صحيفة الأخبار فمن المقرر أن يتجه وفد من «حركة المقاومة الإسلامية» (حماس) إلى العاصمة المصرية القاهرة، برئاسة رئيس الحركة في قطاع غزة، يحيى السنوار، وذلك في غضون الأسبوعين المقبلين، من أجل التباحث في مستجدات الأوضاع في القطاع، إكمالاً للتفاهمات بين الحركة و«الاستخبارات العامة» المصرية جراء «مسيرات العودة».
وهذه هي الزيارة الأولى للسنوار إلى مصر عقب لقاءات المصالحة التي عقدت في تشرين الثاني الماضي، إذ سافر أكثر من وفد حركي، لكن كانت برئاسة إسماعيل هنية من دون مشاركة السنوار.
مصادر مطلعة قالت إن السنوار «يتجه لبحث رزمة تقديمات لكنها لم ترتق بعد إلى مستوى العرض المتكامل؛ هي أفكار جادة تحمل في طياتها تحسينات مهمة على الجانبين الإنساني والاقتصادي مع الاتجاه إلى إجبار رئيس السلطة محمود عباس على تشكيل حكومة وحدة وطنية تتولى المهام المناط بها وفي مقدمها حل أزمة الموظفين، على أن يسبق ذلك إعلان السلطة رفع إجراءاتها العقابية عن غزة».
يشار إلى أنه خلال الأسبوع الماضي، كانت محاولات التهدئة تسير عبر أربع جهات، مصرية وقطرية وأممية، إضافة الى اتصالات مباشرة مع القاهرة يرعاها المبعوث الأميركي لـ«عملية السلام» في المنطقة جيسون غرينبلات.