الخميس  28 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

صمود وتضحية في مواجهة صفقة القرن/ بقلم: سامي سرحان

2018-05-23 10:48:09 AM
صمود وتضحية  في مواجهة صفقة القرن/ بقلم: سامي سرحان
أطفال فلسطين

 

أعلن البيت الأبيض أن مساعي الإدارة الأمريكية لطرح مبادرة سلام لم تتوقف وسوف يعلن عن مبادرة ترامب في مايو حزيران القادم.

المبادرة التي تعرف بصفقة القرن تأخر الإعلان عنها نحو ستة أشهر بفعل الرفض الفلسطيني للصفقة وصلابة موقف الرئيس محمود عباس  الرافض للصفقة، والذي لا ينكره أحد مواليا أو معارضا للقيادة الفلسطينية. وقد تدرج الرفض الفلسطيني للمواقف الأمريكية متساويا مع ما تكشف من مضمون الصفقة حتى وصل الأمر بالقيادة الفلسطينية إلى وقف الاتصالات مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وأركان إدارته والمسؤولين الأمريكيين على مختلف المستويات، وليس هذا الموقف بالموقف الذي يمكن المرور عليه دون الوقوف عنده؛ فدول عظمى لا تستطيع رفض طلب أمريكي بلقاء أحد مسؤوليها.

ورغم أن القيادة الفلسطينية تدرك تبعات موقفها؛ إلا أن الموقف الأمريكي الذي أعلن عنه بكل فجاجة ووقاحة الرئيس ترامب لم يترك مجالا أمام القيادة الفلسطينية للتواصل مع هذه الإدارة التي مست جذور قضية فلسطين، وتنكرت لحقوق شعب فلسطين التاريخية والقانونية والطبيعية، وانحازت إلى جانب المحتل الإسرائيلي، وتسعى إلى إخضاع الفلسطينيين وقيادتهم إلى رغبات المتطرفين الإسرائيليين الطامعين في كل أرض فلسطين وقدسهم وإنكار وجود الفلسطينيين  وارتباطهم بأرضهم وحقهم في الوجود على هذه الأرض التي امتلكوها قبل أن تطأ قدم أول يهودي هذه الأرض، وتواصلوا في الإقامة عليها إلى اليوم وغدا وإلى الأبد، فلا وطن لهم غير هذه الأرض وهم لذلك يبذلون دماءهم وأرواحهم بشكل متواصل دفاعا عن حقوقهم وحريتهم واستقلالهم.

لقد شكل اعتراف إدارة ترامب بالقدس "عاصمة لإسرائيل" ونقل السفارة الأمريكية إليها من تل أبيب؛ زلزالا حرّك الراكد من قضايا الصراع، ودفعها إلى مقدمة أولويات قضايا الحل النهائي للصراع مع الكيان الإسرائيلي، فجاء إعلان القيادة الفلسطينية على مختلف المستويات والهيئات الرسمية والتمثيلية للشعب الفلسطيني والمجلس الوطني والمركزي واللجنة التنفيذية والسلطة الفلسطينية رئيسا وحكومة؛ الرافض والمستنكر لقرار ترامب حول القدس والتأكيد على أن المدينة هي عاصمة دولة فلسطين الأبدية.

 وعزز من موقف القيادة الفلسطينية التحرك الشعبي الرافض للتواطؤ الأمريكي المكشوف مع الكيان الصهيوني والأطماع الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية وتشريد شعب فلسطين مجددا مما تبقى لهم من أرض؛ فجاءت مسيرات العودة الكبرى ردا على محاولات ترامب إسقاط حق العودة بفعل التقادم، ولم يثنِ سقوط عشرات القتلى وآلاف الجرحى برصاص جنود الاحتلال في يوم واحد من أيام هذه المسيرات أبناء شعب فلسطين عن مواصلة زحفهم نحو "السلك" و"الحدود" التي تفصلهم عن بيوتهم وممتلكاتهم التي طُرد منها آباؤهم وأجدادهم في النكبة عام ١٩٤٨، لقد أثبت الفلسطينيون بدمائهم وأرواحهم تمسكهم بأرضهم وحقهم بالعودة إلى بيوتهم وممتلكاتهم التي طردوا منها وهم جديرون باحترام شعوبهم العربية والإسلامية وكل محبي الحرية والسلام في العالم.

وما نخشاه اليوم أن تأتي الطعنة للقضية الفلسطينية في الظهر من بعض من يفترضون أنهم أشقاء قضية فلسطين، وعلى وجه التحديد حكامنا العرب وبعض المطبلين والمزمرين لهم؛ الذين يغلبون مصالحهم وكراسيهم وارتباطاتهم وهواجسهم على قضية فلسطين التي لم تعد قضيتهم ولا أولوية لهم في سياستهم وأن لا مشكلة لهم مع إسرائيل.

الشواهد كثيرة على هرولة بعض العرب نحو التطبيع الرسمي مع الكيان الصهيوني الرافض للحقوق الفلسطينية الذي يحتل الأرض الفلسطينية والقدس والمسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين؛ ظنا منهم أن إسرائيل قد تكون حليفا لهم تخوض معاركهم نيابة عنهم مع عدو مفترض بات هاجسهم ويؤرق مضاجعهم، ليعلموا أن إسرائيل لا تخوض المعارك عن أحد،  وأن أمريكا هي من تخوض معارك إسرائيل وكل ما تهدف إليه صفقة القرن هو خدمة إسرائيل وفرض هيمنتها على المنطقة أمنيا وماليا وروحيا.

وما قالته ابنة ترامب المتزوجة من اليهودي الأمريكي كوشنر كبير مستشاري أبيها لدى افتتاح سفارة الولايات المتحدة الأمريكية في القدس المحتلة وأحد مهندسي صفقة القرن ما قالته "ياعيل" -وهو اسمها اليهودي يعد زواجها - عن القدس "هذه المدينة تمثل شهادة للروح اليهودية لا يمكن هزمها".

فهل يكون لبعض العرب دور في تحقيق كلام ابنة ترامب المعتنقة لليهودية والمرتدة عن المسيحية منذ عام ٢٠٠٩ ، ورغم أن الدين لله فلا يمنع ذلك من طرح السؤال حول معتقد ترامب الذي تربت في بيته إيفانكا عفوا "ياعيل".

عامان ونصف عجاف ما تبقى من ولاية ترامب على شعب فلسطين وقيادته وعلى المنطقة والعالم يجب فيها مواجهة سياسة ترامب الرعناء صرح نتنياهو وكوشنر والخشية أن يمتد عهد ترامب أربع سنوات أخرى، لا ندري ما سيؤول إليه مصير المنطقة والعالم.