الإثنين  25 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الفن الساخر .. هروب من الواقع "المأزوم" في غزة

2014-12-03 10:50:59 AM
الفن الساخر .. هروب من الواقع
صورة ارشيفية
 
 
الحدث- علا عطالله
 
مع توالي أزمات قطاع غزة، وغياب أي حلول لها، لا يجد الفنان الفلسطيني إسلام أيوب، وسيلة للتعبير عن الواقع المؤلم، والصعب، سوى أغنية ساخرة، تروي كلماتها مأساة الفلسطينيين بشكل ساخر.
 
وأيوب الذي اشتهر بأداء أغاني ساخرة، عن أزمة الكهرباء، وإغلاق المعابر والتراشق الإعلامي بين حركتي فتح، وحماس، أطلق قبل أيام، أغنية ساخرة عن تأخر إعمار قطاع غزة.
 
وتسخر الأغنية التي حملت اسم "صرخة الإعمار"، من تقاعس المؤسسات الدولية، والمسؤولين، تجاه بناء ما دمرته الحرب الإسرائيلية الأخيرة.
 
وتضمنت كلمات الأغنية، عبارات ساخرة مثل:" يا سلام يا سلام/ وضع البلد تمام/ عيشة آخر احترام/ عيشة ما بدها كلام".
 
ويقول أيوب:" إنّ "الأزمات المتتالية على قطاع غزة، دفعته هو وأغلب الفنانين إلى اللجوء إلى الفن الساخر، كأسلوب لطرح المشاكل، بعيدا عن اللغة المباشرة".
 
وتابع:" الفن الساخر، يطرح المشاكل بأبعاد أخرى، ويقوم بإيصال الرسالة السياسية أو الاجتماعية بشكل سريع، ومباشر".
 
ويرى أيوب، أنّه "ما من وسيلة أمام الحصار الخانق المفروض على قطاع غزة، وغياب أي حل للأزمات المتلاحقة، سوى أنّ يلجأ الفلسطينيون إلى الفن الساخر".
 
 ويقول الفنان الفلسطيني، قاسم النجار، والمقيم في الضفة الغربية، إنّ الفن الساخر، المسموع أو المكتوب بات الأقرب للتعبير عن الواقع الفلسطيني.
 
ويرى النجار، الذي ذاع صيته، كأشهر الفنانين الشعبيين، وأطلق عددا من الأغاني بأسلوب بسيط وساخر، أن الفن الساخر، ينتشر بسرعة بين كافة فئات وشرائح المجتمع.
 
وأضاف:" الأسلوب الساخر، قادر على إيصال الفكرة، بأسرع الطرق، بعيدا عن لغة الخطابة، والسياسة، والمفردات الطويلة، كما أن الفلسطينيين، وصلوا إلى حد الإحباط واليأس من تراكم المشاكل، والهموم، ما جعل من السخرية مساحة للتنفس".
 
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، يقوم ناشطون فلسطينيون، بإطلاق مقاطع خاصة تسخر من الأزمات وما آلت إليه الأوضاع السياسية والاجتماعية.
 
وعبر قنوات خاصة على موقع "يوتيوب"، ينشر كثيرون أعمالهم الفنية الساخرة، كما فعل فريق "حريكة" الذي يعرف عن نفسه بأنه فريق فلسطيني  ساخر من كل شيء.
 
وعلى طريقة الكليب الكرتوني، الساخر، يسلط الفريق الضوء على المشاكل الفلسطينية اليومية.
 
وتطبيقا للمثل الشعبي العربي "شر البليّة ما يُضحك"، يفسر وسام عفيفة رئيس تحرير صحيفة "الرسالة" نصف الأسبوعية التي تصدر في قطاع غزة، انتشار الفن الساخر للتعبير عن الواقع الفلسطيني.
 
ويضيف عفيفة، وهو من الكتاب الذين يشتهرون بكتابة المقالات بشكل ساخر، أنّ الفنانين، والكتاب، يجدون في الفن الساخر، وسيلة ناجحة، لشرح الأزمات الاجتماعية والسياسية.
 
ويرى عفيفة، أن تراكم الأزمات، واستمرار المعاناة، دون حل لأي مشكلة، أو وجود أمل، للخروج من المأزق السياسي والاقتصادي دفع بصاحب الرسالة والمتلقي لرفض أي أسلوب تقليدي، لشرح الواقع.
 
وتابع:" ولهذا بدأنا نشهد تطورا ملحوظا، وانتشارا واسعا للأغنية الساخرة، والمقال الساخر، والرسوم الساخرة، فهذا الفن، هو الأقرب للناس، المتلقي، أصابه الإحباط من الكلام الإنشائي المباشر، كما أن صاحب الرسالة نفسه، بدأ يرى في الأسلوب التقليدي أمرا لم يعد يجدي".
 
والأكثر خطورة هنا كما يرى عفيفة، أن هذا اللون من الفنون، يصل إلى كافة الشرائح، خاصة تلك المهمشة، كالعجوز، والأُمي.
 
وتابع: "هذه الشرائح، هي صاحبة الكلمة في أي حراك، وتغيير، لم تعد النخب المثقفة، هي من تقود التعبير عن المشاكل المجتمعية، والأوجاع، وبالتالي هذا الفن يمزج بين السخرية، والرسالة، التي يُراد منها التأثير في المجتمع".
 
ويتمنى عفيفة، أن يتم إيجاد حاضنة رسمية لهذا الفن، وأن يتطور بكافة أشكاله، وينتقل من مرحلة التعبير إلى التأثير.
 
وتقول رسامة الكاريكاتير الفلسطينية أمية حجا، والتي اشتهرت برسم العديد من الصور الساخرة، إنّ الفن الساخر، بدأ يجد طريقه نحو الانتشار كوسيلة للتغلب على الحزن والواقع المرير.
 
وتُضيف جحا، أن  الفن الساخر، هدفه التخفيف من معاناة الفلسطينيين، ولفت أنظار المسؤولين، والرأي العام الدولي، تجاه الأزمات المتلاحقة، والمتراكمة.
 
وتتابع:" الحصار الخانق، والحرب، وما خلّفته من آثار نفسية، تدفع الفنان للتعبير بسخرية عن الواقع، فهذا الفن هو الترجمة الحقيقية للواقع الفلسطيني".
 
ويصل الفن الساخر، إلى جدران قطاع غزة، إذ يعبر الشبان الفلسطينيون، عن واقعهم بسخرية خلال الرسومات والتصاميم الساخرة، وينتقد كثيرون الأزمات السياسية، وتأخر الإعمار ، وعدم تحقيق بنود المصالحة بين حركتي فتح وحماس، وغيرها من القضايا.