الثلاثاء  26 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

التقنيات السردية عند إبراهيم أصلان والفكر النسوي في الرواية جديد د.سهام أبو العمرين

2018-05-24 10:12:50 PM
التقنيات السردية عند إبراهيم أصلان والفكر النسوي في الرواية جديد د.سهام أبو العمرين

صدر للناقدة د. سهام أبو العمرين مؤخرًا عن دار سمير منصور بغزة كتابان في مجال النقد الروائي، الأول بعنوان "التقنيات السردية في روايات إبراهيم أصلان" وهو كتاب يتناول بالدراسة والتحليل النصي المعمار الهندسي لروايات الكاتب المصري إبراهيم أصلان وذلك من خلال البحث في قوانين اشتغال التقنيات السردية المشكلة لنصوصه الروائية: "مالك الحزين"، و"وردية ليل"، و"عصافير النيل" وتقاطعاتها النصية مع عالمه القصصي.

و إبراهيم أصلان أحد أهم كُتَّاب جيل الستينات، هذا الجيل الذي عُرِف باسم الموجة الجديدة أو الحساسية الجديدة، . وقد أعلن وأبناء جيله القطيعة مع نمط الكتابات السابقة، إذ سعوا إلى كتابة مغايرة تنتصر للاأفقية الزمن، ولا موثوقية السارد مطلق المعرفة؛ فغياب المنطق من جانب، ونسبية المعرفة من جانب آخر يمثلان القاعدة المشتركة التي انطلق منها هؤلاء الكتاب في التعبير عن واقعهم، هذا الواقع الذي ترجم فنيًّا، في أعمالهم، بحس منكسر وبارد كحالة انكسار المرحلة وتحولاتها.

الكتاب وقع في 222 صفحة من الحجم الكبير، وجاء في ثلاثة فصول، عنـون الفصل الأول بـ "السـارد والتبئيـر" وقـد عرَّفـت الناقدة فـي مبحثـه الأول المعنـون بــ "من وجهة النظر إلى التبئير" بشبكة العلاقات داخل النص السردي، ولا سيما علاقة السارد بالمسرود، من خلال بــؤرة الحكي أو وجهــة النظر point of view انطلاقًا من رصد عدد من تصنيفات النقاد الغربيين. وفـي المبحـث الثانـي المعنـون بـ "شاعريـة الكاميـرا" قامـت الناقدة  بتحليـل نصـوص أصلان الروائية الثلاثة استنادًا إلى مفهوم التبئير focalization كما نجده عند جنيت، وناقشت بالتحليل والرصد عددًا من المفاهيم والتقنيات التي ارتبطت بحقل التبئير كتقنية المسح التتابعـي  sequential survey، وتقنية المونتـاج المكانـي ورصـد مواقـع السـارد المكانية، والتعرف، أيضًا، على زوايا الرؤية vision angles وناقشت ذلك وفقًا لمفهوم المسافة بين السارد/المبئر و(ما – من) يتم التبئير عليه مع رصد تحولات البؤرة من الخارج إلى الداخل أو العكس. وجاء الفصل الثاني المعنون بـ "بنية الزمن السردي" ليدرس في مبحثه الأول المعنون بـ "الزمن السردي .. معطيات نظرية" أزمنة الرواية: الداخلية والخارجية، كما يدرس التحريفات الزمنية التي اصطنعها السارد في سرده، أما المبحث الثاني فقد عنون بـ "تقنيات الزمن السردي" وفيه درست الناقدة تقنيتي المفارقة الزمنية: الاسترجاع والاستباق، كما درست تقنيات الإيقاع الأربع: المشهد والوقفة والملخص والحذف، وكذلك وقفت عند علاقة الزمن بالمكان السردي مع رصد الحقول الزمكانية في الروايات الثلاث.

أما الفصل الثالث فقد عنون بـ "بنية اللغة السردية" ودرست في مبحثه الأول لغة السرد ولغة الحوار عند أصلان، كما درست في مبحثه الثاني المعنون بـ "التناص، المصطلح والممارسة" شبكة التقاطعات النصية التي نسجتها نصوص أصلان الروائية مع نصوص سابقة وفقًا لمفهوم التناص العام، كما درست شبكة التقاطعات التي نسجتها نصوص أصلان مع نفسها وفقاً لمفهوم التناص الذاتي.

والكتاب الثاني: الفكر النسوي في الرواية المعاصرة.. بين النظرية والتطبيق"، ووقع في 296 صفحة من القطع الكبير تناولت الناقدة في هذا الكتاب بالدراسة والتحليل السردي الإبداع الروائي النسوي، الذى شكل بنية مجاوزة لما هو متسيد ثقافيًّا باستناد أفكار الكاتبات/ النسويات إلى خلاصة ما أفرزه الخطاب النقدي النسوي الذى سعى بدأب إلى تقويض فكرة التمركز حول الذكورة وإنتاج خطاب يعيد للمرأة كينونتها عبر الكتابة.

وقد عرفت الرواية النسوية بأنها الرواية التي تكتبها امرأة وتدور حول المرأة، وتهدف إلى إعادة صياغة المعارف الثابتة؛ لتقوم بتقويضها نصيًّا وفق رؤية جديدة، ووعى فكرى مغاير لما عهدته المؤسسة الثقافية المهيمنة. هو اتجاه أخذ يتشكل مع الحراك الثقافي بعدما تعدت المرأة – نصيًّا - مرحلة إثبات الوجود الى مرحلة التعرف على الذات في ظل تعرية بنية المسكوت عنه. وجاء الكتاب في ثلاثة أبواب ومدخل تمهيدي عُنون بـ" الكتابة النسوية وتقويض الفكر الذكوري" وطرح إشكالية موقع المرأة في الثقافة المهيمنة، وصوتها المسكوت عنه عبر التاريخ، و يستعرض بزوغ الفكر النسوي المضاد، ويعالج إشكالية مصطلح الأدب النسوي.

أما الباب الأول فقد عُنون بـ" السارد وخصوصية المحكي" وانتظم فصلين؛ الأول:  "صوت المرأة السردي"، ويبحث في الكيفية التي عبرت بها المرأة/ الساردة عن همومها وصراعاتها عبر التوظيف التقني للضمير السردي، والثاني: " كتابة الجسد"، ويبحث في دلالات كتابة المرأة / الساردة للجسد الأنثوي، والجسد الرجولي الذى طرح باعتباره مفعولاً به، وذلك بتعليقه في فضاء الاشتهاء والرغبة، في خطوة بدت صادمة للوعى الجمعي.

وعُنون الباب الثاني بـ " التشكيل التقني للزمان والمكان" وانتظم فصلين؛ الأول: "التوظيف التقني للزمان"، ويبحث في طرق بناء الزمن السردي وفقًا لمقولة الترتيب، وما يترتب عنها من مفارقات زمنية تتمثل في الاسترجاع والاستباق، ومقولة الإيقاع بتقنياته الأربع: الحذف، والملخص، والمشهد، والوقفة، في ظل طرح موقف المرأة النفسي من الزمن، وجاء الفصل الثاني المعنون بـ "خصوصية المكان ودلالته" ليتناول موقف المرأة من المكان وفق مفهومي الانفتاح والانغلاق، في ظل طرح الكيفية التي صاغت بها الكاتبات رؤيتهن عبر توظيف المكان دلاليًّا.

أما الباب الثالث فقد عنون بـ "اللغة والسياق الثقافي"، وانتظم فصلين؛ الأول: "لغة الخطاب النسوي" ويتناول موضوع تحيز اللغة ضد المرأة، كما يدرس لغة الخطاب على مستوى الحوار: الداخلي والخارجي ودلالة توظيفهما، ومستوى السرد. أما الفصل الثاني "شبكة التفاعلات النصية" فيدرس درجة تفاعل النصوص الروائية النسوية مع بعضها البعض، ومدى تفاعلها مع السياق الثقافي العام العربي والغربي على حدٍ سواء.