الحدث الإسرائيلي
شن مسؤولون فلسطينيون وأعضاء كنيست عرب وفصائل، هجوماً عنيفاً على السفير الأميركي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان، بعدما ظهر مبتسماً وهو يتسلم صورة ضخمة للقدس تظهر «الهيكل المزعوم» قائماً على أنقاض المسجد الأقصى، وهي الصورة التي تسببت، لاحقاً، بمتاعب للسفير، واضطرت السفارة الأميركية إلى إصدار توضيح بأنه (السفير) مستاء ولم يكن يعرف.
وهاجم أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، صائب عريقات، السفير الأميركي بشدة، واصفاً تصرفاته بالمنحطة والحقيرة.
وقال عريقات «أن تصل الأمور بسفير الرئيس ترمب إلى تسلم وقبول صورة مجسم للهيكل المزعوم، مكان الحرم القدسي الشريف، مع آثار دمار قبة الصخرة والمسجد الأقصى، مع هذه الابتسامة يدل على الموافقة والإقرار. إنهم يعتدون على أولى القبلتين، ويحولون الصراع فعلياً إلى صراع ديني بامتياز».
وكان السفير الأميركي، ديفيد فريدمان، يزور معهداً دينياً يهودياً في حي «بني براك»، ذي الأغلبية اليهودية المتدينة في إسرائيل، وتلقى هناك صورة لمدينة القدس جرى تعديلها، عبر إزالة المسجد الأقصى ليحل مكانه «الهيكل».
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية، إن فريدمان لم يكن يعرف أن هذه الزيارة ستجلب له المتاعب، وتكاد تسبب أزمة دبلوماسية بين الدول الإسلامية وأميركا، في إشارة، كما يبدو، لاعتراض دول إسلامية وعربية أخرى على صورة السفير.
وانتشرت صورة فريدمان على نطاق واسع، وهو يظهر فرِحاً جداً بالصورة الضخمة المزيفة.
واتضح لاحقاً، أن ممثل منظمة يهودية تدعى «أحيا» هو الذي أهداه الصورة، التي اضطرت السفارة الأميركية إلى إصدار توضيح حولها. وقالت السفارة الأميركية، إن «السفير يشعر بخيبة الظن من استغلال زيارته إلى المدينة لإثارة الجدل. سياسة أميركا واضحة جداً: إننا متمسكون بالوضع القائم في الحرم الشريف».
وفريدمان مكروه أساساً لدى الفلسطينيين، بسبب لعبه دوراً مهماً في قرار نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، وكذلك موقفه المؤيد للاستيطان الإسرائيلي.
وهوجم فريدمان أكثر من مرة، من قبل مسؤولين فلسطينيين، بمن فيهم الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، الذي شتمه ذات مرة ما تسبب في أزمة.
ونعت محمود الهباش، مستشار الرئيس الفلسطيني للشؤون الدينية، السفير الأميركي في إسرائيل، ديفيد فريدمان، أمس «بالإرهابي والمستوطن»، ودعا إلى «رد عربي وإسلامي» ضد «تطاول فريدمان على العقيدة الإسلامية».
وقال الهباش، إن «هذه الخطوة الاستفزازية، تمثل إشارة عنصرية وتحريضاً إجرامياً على هدم المسجد الأقصى، وتبنّياً واضحاً لمزاعم المتطرفين اليهود وخزعبلاتهم الخرافية حول المسجد الأقصى ومدينة القدس».
وأضاف الهباش: «يجب ألا نقبل بأقل من اعتذار صريح منه شخصياً ومن الإدارة الأميركية، إضافة إلى سحبه نهائياً، وإلغاء القرار الأميركي بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وإغلاق المستوطنة الأميركية التي جرى افتتاحها في القدس، وتسميتها سفارة زوراً وبهتاناً».
وحظي فريدمان كذلك بهجوم من نواب كنيست عرب. وتساءل عضو الكنيست عن القائمة المشتركة أحمد الطيبي: «هل هذا المجنون يريد إحلال السلام؟».
وقال النائب في الكنيست الإسرائيلي طلب أبو عرار، إن «هذا التصرف هو خط أحمر، فالمساجد ليست للمساومة، وعلى الدول العربية التحرك في سبيل أن تأخذ المدينة المقدسة حماية دولية لها من التهويد».
كما أدانت الحكومة الفلسطينية «التبجح العنصري المتهور» الذي قام به سفير ترمب لدى تل أبيب ديفيد فريدمان.
وقالت الحكومة «إن الصورة المزيفة لمدينة القدس والمسجد الأقصى المبارك، التي ظهر السفير الأميركي المتطرف فريدمان، وهو يتلقاها بسرور من متطرف مثله، تعبر بوضوح تام عن حقيقة التزوير الذي تستند إليه العقلية الاستعمارية العنصرية التي ينتمي إليها فريدمان، كما تعبر عن نهج العربدة الذي يحكم سلوك أمثال أولئك المتطرفين».
وأضافت الحكومة «إن تلك الصورة تمثل إدانة كبرى لسفير ترمب في تل أبيب، وتثبت بأنه يتعامل مع تزوير وتزييف الحقائق. كما أن هذه الواقعة العنصرية المتطرفة، تشير أولاً وأخيراً، إلى أمنيات زُمر ومجموعات المتطرفين التي يقف في صفها الأمامي فريدمان تجاه المسجد الأقصى المبارك، وتتمحور تلك الأمنيات لدى غرباء عنا وعن بلادنا في محاولات تجسيد جغرافيا مجازية مكان الحقيقة التاريخية القائمة».
وجاء في بيان الحكومة: «إن الحفريات التي استمرت لأكثر من قرن ونصف القرن، واستهدفت ولا تزال تستهدف تحت المسجد الأقصى ومحيطه، كذبت كافة النظريات العنصرية والتفسيرات السياسية والترجمات الاستعمارية للأسفار القديمة، التي روجت لمقولتها الخبيثة الهيكل مكان المسجد الأقصى، وأثبتت الوقائع على الأرض ونتائج الأبحاث والدراسات التي قام ببعضها علماء إسرائيليون وأوروبيون، بطلان هذا التوجه، وكشفت عن أن وراء كل ذلك، أهدافاً استعمارية جهنمية تستغل المسألة الدينية من أجل مزيد من التوسع والتسلط في المنطقة».
وانضمت حماس لمهاجمي فريدمان. وقالت الحركة «إن ابتهاج السفير الأميركي لدى الاحتلال، ديفيد فريدمان، بتسلم مخطط لمدينة القدس من متطرفين صهاينة، يظهر فيه ما يسمى بالهيكل المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى المبارك، يعد سلوكاً عنصرياً خطيراً». ويعكس «خطورة الشراكة الأميركية مع الاحتلال الإسرائيلي في الاعتداء والحرب الدينية على مقدسات الشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية جمعاء».
وطالبت حماس «بمواقف وخطوات عربية إسلامية جادة لحماية المسجد الأقصى».
المصدر: الشرق الأوسط