الحدث- محمد غفري
لم تغادر بعد رائحة البارود، ولا الغاز المسيل للدموع، أو حتى رائحة المياه العادمة، التي خلفتها قوات الاحتلال الإسرائيلي داخل أزقة مخيم الأمعري في مدينة رام الله، عقب اقتحامه فجر اليوم، لاعتقال شاب يدعي الاحتلال أنه المتسبب بمقتل أحد جنود الاحتلال خلال مواجهات قبل أيام.
شهود عيان، قالوا إن العشرات من آليات الاحتلال الإسرائيلي معززة بجرافة عسكرية وسيارة لضخ المياه العادمة انتشرت عند الساعة (5:30) فجراً في محيط مخيم الأمعري وداخل أزقته، فيما اعتلى عدد من الجنود القناصة أسطح المنازل.
وأضاف الشهود لـ"الحدث"، أن قوات الاحتلال شرعت باقتحام عدد من المنازل داخل المخيم وتفتيشها، والتنكيل بالمواطنين.
خلال ذلك، تصدى شبان المخيم والأحياء المجاورة من مدينتي رام الله والبيرة لقوات الاحتلال، باستخدام الحجارة والزجاجات الفارغة، بينما أطلق جنود الاحتلال الرصاص الحي والمطاطي، وقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع، لقمع الشبان المتظاهرين.
وبحسب المصادر الرسمية الفلسطينية، أصيب 13 مواطناً بجراح طفيفة والعشرات بحالات اختناق، واعتقل 9 آخرون خلال العملية العسكرية لجيش الاحتلال في مخيم الأمعري للاجئين.
منزل المتهم بقتل الجندي
جيش الاحتلال الإسرائيلي استهدف بشكل أساسي منزل داخل مخيم الأمعري، بادعاء أن أحد عناصر وحدة "الدوفدفان" الخاصة قتل قبل أسبوع بعد أن ألقي عليه لوح من الرخام من فوق سطح هذا المنزل، خلال عملية عسكرية نفذتها الوحدة لاعتقال مطلوبين من المخيم.
المواطن جمال عيد، روى لمراسل "الحدث"، أنه تفاجأ صباح اليوم بانتشار عدد كبير من جنود الاحتلال في محيط منزله وفوق أسطح المنازل المجاورة.
وبحسب عيد، فقد اقتحم جنود الاحتلال في البداية منزل شقيقتيه في الطابق الأرضي، وقاموا بالتنكيل بأفراد المنزل وتقييدهم وإلقائهم خارج المنزل، ومن ثم اعتقال شابين من أبناء شقيقتيه.
وأضاف عيد، أن "جنود الاحتلال توجهوا بعد ذلك إلى منزلي، واقتحموا المنزل بشكل مباشر بعد خلع الباب بشكل وحشي، ثم جرى تقييد ابني والاعتداء عليه بالضرب المبرح، واقتياده خارج المنزل".
وعقب ذلك، توجه جنود الاحتلال إلى منزل شقيق المواطن جمال عيد، حيث جرى اعتقال شقيقه وابنه.
أخذ قياسات المنزل
جنود الاحتلال الإسرائيلي وبواسطة أجهزة خاصة، قاموا بأخذ قياسات المنزل من الخارج والداخل، دون إبلاغ ساكنيه بأي أوامر هدم، ومن ثم أخذوا عينات من الحجارة المنتشرة فوق سطح منزل المواطن عيد.
وخلال تحقيق ميداني، أكد عيد لـ"الحدث"، أن أحد ضباط مخابرات الاحتلال توجه إليهم بأسئلة مباشرة حول حادثة مقتل الجندي قبل أيام أمام المنزل.
وأفاد عيد، بأنهم لم يشاهدوا الحادثة ولا علاقة لهم فيها، وفقط شاهدوا الجنود خلال إخلائهم للجندي مصاباً من الأزقة أمام المنزل.
كيف أصيب الجندي؟
وكان جندي من وحدة "الدوفدفان" الخاصة التابعة لجيش الاحتلال قد أصيب بجراح خطيرة جداً بعد أن ألقي على رأسه "لوح رخام كبير" خلال مواجهات في مخيم الأمعري بين الاحتلال وشبان فلسطينيين قبل أسبوع.
عناصر من قوة الدوفدفان الذين كانوا برفقة الجندي المصاب قالوا إن الشاب الذي ألقى "لوح الرخام" تمكن من الانسحاب دون تشخيصه أو إصابته، زاعمين أن أوامر إطلاق النار تقيدهم ولا يستطيعون إطلاق النار بالشكل المطلوب، وهو الأمر الذي نفاه الناطق باسم الجيش رونين منليس.
وبحسب موقع ميفزاك لايف فإن قوة الدوفدفان دخلت المخيم في ذلك اليوم "بشكل صامت" في محاولة للتمهيد لاقتحام الجيش بدون إثارة شكوك حولها، لكن الشبان في المخيم اكتشفوها مبكرا وقاموا بمهاجمتها، الأمر الذي دفع الجيش للتدخل لحماية القوة.
مواجهة مفتوحة
نظرة تأمل إلى جدران أزقة مخيم الأمعري، تشاهد خلالها العشرات من صور الشهداء والأسرى، ممزوجة بألوان ورسومات جدارية اعتاد على مثلها الفلسطينيون داخل المخيمات، لا تخلو أبداً من حلم العودة.
من قابلهم مراسل "الحدث" خلال تغطية الأحداث، ومن أعلن عن اعتقالهم فجر اليوم، من نفس عائلات الشهداء والأسرى التي كتبت باللون الأحمر على جدار المخيم، من بينهم اعتقال الشابين عاهد ورائد أبناء الأسير نصر أبو حميد المحكوم بالسجن 5 مؤبدات.
إذا هي مواجهة مفتوحة بين شبان طردت العصابات الصهيونية أجدادهم من ديارهم قبل سبعين عاماً، وجنود في عصابة منظمة تسمى "الجيش الإسرائيلي" ما زالوا يلاحقونهم حتى داخل المخيم في منطقة تصنف أنها (A)، لذلك من غير المستبعد أن يستقبل الشبان جنود الاحتلال بألواح الرخام في كل مرة يقتحمون المخيم.