رام الله ـ خاص بالحدث
أليسكا أو يالو أو أياً كانت تسميات العاصفة الثلجية التي عصفت بفلسطين، فإنها كشفت عورة المؤسسات وعرت المسؤولين والقائمين عليها وأثبتت أنها مجرد آليات للتكسب والاسترزاق والانحدار بقدراتها وإمكانياتها التي لم تقوَ على مواجهة تحديات وتداعيات تلك العاصفة المتوقعة حسب الأرصاد الجوية وأنشأت من أجلها فرق الطوارىء في البلديات ووزارة الأشغال والإسكان ولجان الطوارىء المركزية في كل محافظة، والتي خلفت دمارا واسعا في البنى التحتية وهجرت آلاف السكان وكبدت القطاعات الإنتاجية وخاصة قطاع الزراعة مئات ملايين الدولارات، والنتيجة سقوط المحافظات تباعا وعزل قراها ومخيماتها عن مدنها ومراكز الخدمات فيها، في ظل انقطاع للتيار الكهربائي بدأ قبل سقوط الثلوج واستمر أياماً طوالا تجاوزت مدة سقوط الثلوج وانقطاع المياه في بعض المناطق، كل ذلك كشف عن مدى جاهزية مؤسساتنا التي ظهرت وكأنها ورقية وأكد عجزها حتى في فتح الشوارع الرابطة بين المدن والقرى وفي أحسن الأحوال تمكنت هذه المؤسسات من فتح بعض الشوارع الرئيسية الداخلية وبمسرب واحد.
هذا الواقع المرير دفع مجلس الوزراء إلى أن يقرر مساءلة شركة الكهرباء التي سارعت إلى تحميل الجانب الإسرائيلي مسؤولية الانقطاع، في حين أن ضخ المياه مرتبط بتوفر التيار الكهربائي.
والأغرب من كل هذا وذاك أن عدداً من المسؤولين بدلاً من تحمل المسؤولية بجرأة وشجاعة واستخلاص الدروس والعبر من التجربة آثروا الاستخفاف بعقول الناس عندما تصدروا وسائل الاعلام للإشادة بالإنجازات التي حققوها بتعاون كافة الجهات الرسمية والمجتمعية والقطاع الخاص، والنجاح الكبير الذي حققوه في مواجهة تداعيات تلك العاصفة التي قالوا عنها إنها لم تكن متوقعة بهذه الشدة وضمن إمكانياتهم المتواضعة، وقد شعرنا أثناء حديثهم أنهم يتحدثون عن دولة أخرى قد تكون أوروبية ولكنها في كل الأحوال ليست فلسطين، مما يدلل على أنهم مغتربون عن مجتمعهم ولا يتحسسون واقع آلامه ومعاناته، مبررين انقطاع التيار الكهربائي وإغلاق الطرق بحرصهم على صحة وأرواح المواطنين، ولم يبقَ سوى أن يكيلوا الاتهامات للمواطنين الذين أزعجوهم من كثرة اتصالاتهم إلى أن فرغت جوالاتهم من الشحن، محتجين على انقطاعهم عن العالمين المحلي والخارجي وكأنهم في بلد الأشباح.
هذا الوضع المأساوي الذي عايشه المواطنون مدة ثمانية أيام متتالية وبعضهم أقل وبعضهم الآخر أكثر وما يزال يعاني بعضهم الثالث، دفع بالمحامي رائد ظرف للمبادرة في خطوة جريئة وغير مسبوقة لمقاضاة شركة كهرباء محافظة القدس وذلك للمطالبة بالتعويض عن الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت بموكليه من أبناء شعبنا بسبب عدم جهوزية الشركة لحالات الطوارئ، وبسبب انقطاع الكهرباء في أكثر الأوقات حاجة لها، وبسبب عدم وضوح تصريحات المسؤولين عنها، وعدم قدرتهم على التجاوب مع احتياجات الناس، وعدم ردهم على اتصالات الناس، وحدد آخر موعد لتوكيله يوم الخميس الموافق 2013/12/26.
بعض من معاناة المواطنين
يقول طارق ضيف الله جودت العزة من سكان حي ام الشرايط برام الله: «عانيت أنا ووالدي من انقطاع مستمر للكهرباء لمدة 3 أيام وعانيت من انقطاع خطوط الهاتف الأرضي، حيث أننا وفي هذه الأيام لم نجد أية وسيلة للتدفئة، حيث أن الغاز قد نفذ من البيت والطرق المغلقة منعتنا من إعادة التعبئة مع العلم أن والدي مصاب بمرض عضال وهذه النوبة من البرد قد أثرت بشكل سلبي جداً على صحته ولم يكن حتى هنالك طريقة للإتصال بأي من الأقارب للمساعدة حيث نفذت بطاريات الهواتف النقالة منذ اليوم الأول، حتى في الأيام السابقة لم نستطع الطبخ أو شرب أي شيئ دافئ يخفف من آثار الجو القارص».
ويقول رائد عبد الجواد شمس الحموري، من نفس الحي خلف صالات أبو كويك - عمارة نبهان: «جرافات البلدية الموقرة، مرّت من الشارع المحاذي لعمارتنا عدة مرات وأكاد أجزم بأنها أكثر من 5 مرات على الأقل، وفي كل مرة يهرع الجيران يتوسلون من سائق الجرافة أن ينزل كفة الجرافة فقط ويسحب معه ما تيسر من الثلج، وفي كل مرة يكون الجواب «هادا شارع فرعي»... طيب لما هادا شارع فرعي لماذا تمر منه الجرافات أصلا؟! وما الذي سيؤخر ويعطل عمل البلدية إن قامت بتسهيل حياة المواطنين؟ مر اليوم الأول والثاني ونفس السيناريو يتكرر... وها هي الطريق اليوم أصبحت شبه مستحيلة لسير العربات نتيجة التجمدات! اضطررت لضرب السيارة مرتين وصفها على بعد شارعين لكي أقضي ضرورة وهي جلب دواء لابني المريض».
ويضيف: «بعد ٤٠ ساعة من انقطاع الكهرباء، ترفض جرافات بلدية البيرة رغم مرورها من الشارع المقابل للبناية عدة مرات مساعدة الأهالي في فتح الطريق أو حتى تمهيد الجزء الأساسي منه بحجة كونه شارعاً فرعياً!».
بينما يؤكد وئام مزهر محمد كساب من سطح مرحبا بناية أبو اللطف أنه «من يوم الأربعاء ونحن نتصل بشركة الكهرباء، ولا يستجبون لرنين الهاتف، أو أنهم يجيبون ويقولون لنا أعطونا العنوان ورقم الجوال وتقريبا اتصلنا عليهم 80 اتصالاً». وهو الأمر الذي عانى منه رياض عيسه من حي الطيرة برام الله إذ يقول: «طفلي عمره 4 شهور بدون أي تدفئة في البيت لمدة 36 ساعة تخيلوا الحالة والخوف ما بدها صور لإنه ما في تلفون ولا كاميرا»، ولكن يرى وائل خالد حسين بدر من بيت دقو، الذي أكد أنهم يعانون من انقطاع الكهرباء لمدة 6 أيام «المفترض أن لأهل القرى الأولوية لأنهم كانوا مقطوعين عن العالم».
ويعلق رياض نصار من قرية الجانية بقوله: «حال قريتنا من حال القرى الفلسطينية الأخرى حيث تفاجأ الجميع من عمق المنخفض وتراكم الثلوب بسمك غير مسبوق وأكثر شيء تضرر منه السكان هو انقطاع الكهرباء لمدة 72 ساعة متواصلة فلا تدفئة ولا إنترنت ولا هاتف ولا هواتف نقالة مما جعل الأهالي في إنقطاع عن العالم الخارجي. أنا شخصيا اتصلت أكثر من مرة على شركة الكهرباء ولكن بدون إجابة».
ويقول المواطن جيفارا سماره من بيت عور الفوقا: «منذ ليلة الأربعاء انقطعت الكهرباء عن بلدنا وبيت عور التحتا وصفا والطيرة وخربثا المصباح وبيت لقيا ومن يوم الخميس انقطعت خطوط التلفون ولا توجد خطوط نفاذ وعند الاتصال بهم كالعادة يقولون نعمل على إصلاح العطل وعندما اتصل رئيس المجلس القروي حسان زهران بشركة الكهرباء، قالوا له (طواقمنا تقوم بإصلاح الأضرار في مدينة رام الله).
ولكن مشكلة المواطن حسين محمود دار موسى من قرية دير عمار هي مركبة، فهو مثله مثل باقي سكان المنطقة عانى وأولاده من انقطاع التيار الكهربائي وأي نوع من أنواع الاتصال مع العالم الخارجي وانعدام التدفئة، والقضية الأخطر بحسب قوله: « هي سقوط عمود كهرباء الضغط العالي والذي تمر شبكته بالقرب من مدخل بيتي وتقطع أرضي فقدر الله وحده الذي حال دون وقوع كارثة بأسرتي نتيجة مخاطر سقوط العمود وشبكة الضغط العالي وما أحدثته من تماس كهربائي يشبه الانفجار».
ويضيف دار موسى: «سبق وأن سجلت احتجاجي للشركة على مخاطر مرور شبكة الضغط العالي من فوق منزلي وحاولت منعها من تمديد الشبكة ولكن تدخل المحافظة كان لصالح الشركة، وفرضوا علي الأمر الواقع بتمرير الشبكة بالرغم من مخاطرها الصحية الجسيمة والتي قد تكون مسرطنة، وحاليا عندما سقط العمود حاولت منعهم ولكن استدعت الشركة الشرطة والبلدية تدخلت وأيضا فرضوا الأمر الواقع مع أنه كان بإمكانهم حل المشكلة بزراعة ذراع معدني أو عمود آخر لإبعاد الشبكة عن منزلي وفي كل الأحوال بقيت المشكلة بأبعادها المختلفة قائمة».
ويرى المواطن وسام قنداح من أبو شخيدم: «أن البنية التحتية صفر وشركة الكهرباء حدث ولا حرج، ويجب أن يكون في الشركة غرفة طوارىء لمواجهة قطع التيار بالسرعة والوقت المناسبين فهناك تذمر بين المواطنين جراء هذا الانقطاع الذي يعتبر عصب الحياة».
ويأسف مدير مركز فلسطين لجراحة العظام جاد الطويل بالقول: «إن القاصي والداني على مدار أيام العاصفة وما تلاها يعلم أن الاحتياجات كانت أكبر بكثير من جهود الجميع، أفراداً ومؤسسات، فمحدودية المعدات واضحة والقدرات كانت دون المستوى مع حجم الكارثة وأن الاستعدادات لم تكن استراتيجية أو منسقة بين جميع المؤسسات ولم توجد خطة طوارىء فعلية».
ويضيف: «إن ما آلمني وحز في نفسي كما استفز غالبية المواطنين هو إعادة اسطوانة الترديد والتأكيد على استعدادية بناء الدولة وجاهزية المؤسسات الحكومية والمدنية لأي طارئ في السنوات السابقة من قبل المسؤولين على كافة المستويات وخاصة سماع نفس المقولة في الأسابيع التي سبقت العاصفة الثلجية، ولكن اتضح لنا على أرض الواقع كمواطنين أن ما قيل ويقال حول الاستعدادات هو مجرد ريشة في مهب العاصفة القطبية التي وصلتنا. للأسف كنا أمام خطابات وكلمات مرتبة ورنانة لم تصل حد القيام بالمسؤولية والاستجابة الفعلية وإن أثرت في مشاعر الكثيرين منا عاطفيا».
وتساءل الطويل، ألا يستحق الامر النظر بنظرة تحليلية وجلسات مساءلة ومحاسبة من أعلى الهرم حتى أسفله وتكون مبنية على وقائع وأحداث من أرض الواقع فالكل كان ينتظر العاصفة قبل وصولها بأيام رسميا وكأفراد والمساءلة هنا ليست من باب التبلي أو رشق المسؤولين بالاتهامات.
ويرى الإعلامي عنان الناصر من قرية دير شرف غرب نابلس، إنه يجب التأكيد على أن أداء شركات الكهرباء كان غير موفق ولم تأخذ بالحسبان الاحتياطات اللازمة، وكان واضحاً أن وضع الكهرباء في خطر مع بداية المنخفض حيث سقطت الكثير من الأعمدة وتقطعت الشبكات وتعطلت الكهرباء في مختلف المدن والقرى، ورغم الحديث عن فرق الطوارئ والمتابعات العاجلة غابت الشركات عن الرد على خطوط الشكاوى ومكثت قرى مدة خمسة أيام دون كهرباء وهو ما شكل صعوبة كبيرة عند آلاف المواطنين الذين حوصروا في الثلج وغابت عنهم وسائل التدفئة كونهم يعتمدون على الكهرباء في وسائل التدفئة.
ويقول: «إدارة الأزمة خلال المنخفض لم تكن بالشكل المطلوب والتواصل مع الإعلام وتوضيح ما يجري كان غير موفق من قبل شركات الكهرباء وغياب المصارحة الحقيقية كان واضحا، واشتكى ممثلوا ورؤساء المجالس القروية في نابلس لوسائل الإعلام من انقطاع الكهرباء فيما انصبت مناشدات المواطنين خلال المنخفض وبعده بضرورة إعادة وصل التيار الكهربائي في نابلس وقراها ومخيماتها حيث انقطعت الكهرباء في بداية المنخفض عن مختلف أرجاء المحافظة، وفي تصريحات لشركة الكهرباء فإن أخطاء قد وقعت بها وستعمل على تداركها كما قالت».
ومن هنا فإن شركات الكهرباء في الوطن لم تكن بمستوى الطموح والآمال عند المواطنين وفيما يتعلق بدور البلديات والمجالس القروية والمحلية كان المنخفض أقوى من كل إمكانياتها وتفاجأ الجميع من صعوبة التعامل مع الأحوال الجوية وللأسف فقد تبين وجود خلل في بعض المجالس المحلية بعدم توفر أية مقومات أو أدوات لديها، وهذا بدوره عرض حياة آلاف المواطنين للخطر وساهم في عرقلة حركة المواطنين مع إغلاق المداخل للعديد من القرى وغياب وجود مجرد «باجر» أو غيره من المعدات كما جرى في قرى ياصيد ومأدما وعصيرة الشمالية.
أما رئيس جمعية حماية المستهلك صلاح هنية، فيقول: «فوجئنا بأداء قطاع الطاقة من خلال انقطاع الكهرباء الأمر الذي أثر سلبا على عدة قطاعات أبرزها ضخ المياه من الآبار وقطاع الاتصالات والانترنت والأثر الأكبر هو الضرر النفسي والمعنوي للمواطن الذي باتت تدفئته وطعامه وشرابه يعتمد فقط على الكهرباء حتى إشعال ولعة الغاز بالكهرباء، وهذا أثر على شحن الموبايلات وضرب الاتصالات الأرضية لأن معظم الهواتف اللاسلكية الأرضية تأثرت بالكهرباء والشحن وهذا أثر على طلبات الاستغاثة».
ويؤكد هنية «عمليا لن تمر هذه المسألة مرور الكرام سنعمل على رفع قضية أمام المحاكم ضد شركة كهرباء محافظة القدس أولا لانقطاع التيار، وثانياً لعدم شفافية تعاملها مع المشتركين من حيث الإجابة على الهواتف أو التوجه شخصيا للشركة، وعدم لفت عناية المشتركين للسبب الحقيقي، والأغرب أن حي المصيون كان مضاء بينما عين منجد الكهرباء مقطوعة عنها بالكامل».
ويقول هنية: «المصيبة أن الإعلان جاء أن خسائر قطاع الطاقة بلغت 12 مليون دولار من أين أتت؟ إذا كان سبب الانقطاع كما يدعون من شركة الكهرباء القطرية الإسرائيلية، منها 8 مليون دولار تجهيزات كان يجب أن تشتريها الشركات الربحية لتوزيع الكهرباء ويريدون أن يشترونها من موازنة الحكومة».
وطالب هنية، الحكومة بإعادة النظر بتركيبة شركات توزيع الكهرباء وتحويلها إلى نظام التكافل بمعنى أنني كمشترك فإن قيمة ما أدفعه من اشتراك وإيصال الشبكة إلى منزلي أو مصنعي أو متجري أو مشروع إسكاني هي أسهم في الشركة وأصبح شريكا فيها، وما دون ذلك ستبقى الصورة ضبابية.
ويؤكد هنية أنه من ناحية حقوق المستهلك الأخرى، فقد سادت ظاهرة أثرياء الثلوج الذين تلاعبوا بالأسعار بشكل واضح مستغلين العاصفة وغياب الرقابة، فقد ارتفعت أسعار الشموع وكفف الأيادي والطواقي ومصابيح الشحن للكهرباء والصوبات على الكهرباء والاستغلال في الخبز، وتسويق وترويج بضائع منتهية الصلاحية خصوصا بعد فترة الإغلاق بسبب الثلوج.
وأعلن هنية أنهم في جمعية حماية المستهلك أعدوا الملف للإعلان بالاسم عن أي دكان أو مخبز استغل ويستغل لمقاطعته ومعاقبته شعبيا، محذرا من التلاعب بملف حصر الأضرار بحيث يقوم كل قطاع بتضخيم خسائره على أمل التحصيل الأكثر ومن ثم ينعكس ذلك سلبيا على أسعار المستهلك وتوجه التعويضات لمن لا يستحقونها ولا تذهب للمزارع الفقير إذا استمر العمل بمنطق (حنتش حوش). منتقدا محاولات البعض إعلان قطاع منكوب أو محافظة منكوبة دون اعتماد معايير المناطق المنكوبة وهذا يحتاج إلى قرار حكومي وليس قرارات شخصية مزاجية.
وطالب هنية الحكومة بالزام الشركات الربحية القيام بتعويض المواطنين حسب القانون عن خسائرهم في انقطاع الكهرباء والاتصالات والانترنت والخلوي وتلف الأجهزة الكهربائية والأضرار الصحية للأطفال جراء انقطاع التدفئة في المنازل.
ويعتقد الباحث في قضايا الحكم والسياسة جهاد حرب، أن المشكلة الأساسية تكمن في البلديات وشركة الكهرباء حيث تغيب عنها الخطط الاسترايتيجة في مواجهة المخاطر الطبيعية، وأثبتت أنها ليست على قدر المسؤولية فلا معدات جاهزة أو خدمات بالمستوى المطلوب. فيما كانت الشرطة والأمن الوطني في هذه الظروف أقرب وأكثر فاعلية.
ويرى حرب أن المطلوب اليوم ليس فقط تقييم ما حدث وتحديد جوانب القصور، بل فتح تحقيق رسمي في مجالات القصور وتحميل المسؤولية لكل من لم يقم بما عليه من مسؤوليات. مع ذلك ينبغي الأخذ بعين الاعتبار أن المنخفض الجوي كان قويا وهذا يطرح ايضا تساؤلاً بشأن قدرة دائرة الأرصاد الجوية على التوقع وذلك من أجل تحديد المسؤوليات وتبعاتها وكذلك أخذ العبر في المستقبل.
ويؤكد أن التحقيق ينبغي أن يشمل جميع الأجهزة والمؤسسات التي يقع على عاتقها التعامل مع هذه الأجواء والظروف المشابهة لتحديد المسؤوليات وتكريم من قام بعمله، وتحديد جوانب القصور، ويقول: “نحن بحاجة لتشكيل لجنة تحقيق رسمية ومن ثم احالة للنيابة العامة في حال ثبت قصور وتقاعص».
دعوى مقاضاة شركة الكهرباء
ويبين لنا المحامي رائد ظرف حيثيات الدعوى لمقاضاة شركة كهرباء محافظة القدس، ويقول إنها: «للمطالبة بمبلغ مالي كتعويض عن الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت بالمتضررين جراء انقطاع التيار الكهربائي لأيام وجزء منهم استمر الانقطاع عنه مدة 7 و8 أيام، وبخصوص الإجراءات التي ستتم فنحن الآن في مرحلة التوقيع على وكالة جماعية والتي من خلالها يوكلني المتضررون من هذا الانقطاع للتيار الكهربائي لإقامة دعوى أمام محكمة بداية رام الله وحددنا موعد 26/كانون الثاني 2013 الجاري لانتهاء التواقيع والمباشرة في إجراءات إقامة الدعوى أمام المحكمة وسنسجل القضية في بداية العام القادم».
ويضيف: «لغاية الآن هناك أكثر من 100 شخص قاموا بتوكيلي ونواجه مشكلة في أن الاشتراك يكون باسم مالك السكن وليس المستأجر وفي هذه الحالة من الصعب رفع القضية باسم المستأجر، والشركة ملزمة بتوفير التيار الكهربائي واستمرارية هذه الخدمة والمواطن يكون ملتزما بتسديد ثمن هذا التيار، ويكفي أن تقام الدعوى من 100 شخص أو 150 شخص وهذه الرسالة نريد إيصالها لشركة الكهرباء بالدرجة الأولى ولباقي المؤسسات في فلسطين بالدرجة الثانية بأن المواطنين قادرون على المطالبة بحقوقهم من خلال القضاء» .
الساكت عن الحق شيطان أخرس
وأعلن الإعلامي ايهاب الجريري أنه قام بالانضمام إلى مبادرة المحامي رائد ظرف، وقال: «قمت بتوكيله بشكل رسمي، من أجل إقامة دعوى قضائية على شركة كهرباء محافظة القدس، وذلك للمطالبة بالتعويض عن الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت بي وبأبناء شعبي بسبب عدم جاهزية الشركة لحالات الطوارئ، وبسبب انقطاع الكهرباء في أكثر الأوقات حاجة لها، وبسبب عدم وضوح تصريحات المسؤولين عنها، وعدم قدرتهم على التجاوب مع احتياجات الناس، وعدم ردهم على اتصالات الناس، لقد عشت وعاشت أسرتي ظروفا سيئة كما عاش مئات الآلاف من أبناء شعبنا بلا مصدر للتدفئة خلال العاصفة الثلجية، لقد تعاملت شركة الكهرباء والمسؤولين فيها باستخفاف بعقولنا، وراوغوا بتصريحاتهم، وهم يفعلون ذلك حتى الآن، لقد وقفت شخصياً إلى جانب شركة الكهرباء في المطالبة بتسديد المتخلفين عن الدفع، من أجل انقاذها من الإفلاس، ولكني الآن أطالب بحقي وحقوي أبناء شعبي، وبداية باحترم عقولنا، وثانيا بأن نحظى بالخدمة التي نستحق بدل ما ندفعه مقابل هذه الخدمة من تعبنا وعرق جبيننا، إنني أطالبكم بالإنضمام إلى هذه الدعوى، لتكن قضية رأي عام، وكل من يرغب بذلك ليقم بمراسلتي أو مراسلة المحامي رائد ظرف وسأطلب من المحكمة تعويضا ماديا يذهب بكامله لوضع مولدات كهرباء في بيوت العجزة ومدارس الأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة ومراكز الطوارئ التي انقطعت عنها الكهرباء».
تصريحات وزير الأشغال
وينفي وزير الاشغال والإسكان رئيس لجنة البنية التحتية الوزارية م. ماهر غنيم: إغلاق الطرق والشوارع مدة طويلة ويقول: «طالما كنا نتحرك في الجنوب والشمال والوسط إذن فإن إمكانية الحركة موجودة وكان هناك حرص من المسؤولين أن يكونوا متواجدين ميدانيا، من جهة أخرى تعليمات السلامة العامة وإرشادات الدفاع المدني ليس فقط البلديات أكدت على عدم خروج المواطنين خلال العاصفة الثلجية وخلال هطول أمطار شديدة وذلك حفاظا على سلامتهم ولعدم إرباك فرق الطوارىء أثناء عملها».
ويناقض وزير الأشغال نفسه حينما يقول «ممكن هناك الطرق الرئيسية ومواقف «كراجات» السيارات لم تفتح، إذ كانت فرق الطوارىء والبلديات معنية بعدم فتحها لأنهم غير معنيين بالحركة وإنما معنيون بالتعامل مع تداعيات هذا المنخفض وإزالة الثلوج، والحركة لمن يلزم وكل واحد احتاج خدمة تم توفيرها له سواء من قبل البلدية أو الوزارة أو من قبل الدفاع المدني والأجهزة الأمنية الذين كانوا ينقلون المواطنين بسياراتهم ذات الدفع الرباعي التي تتحرك وأرسلوهم للمستشفيات ولشراء الخبز والذين انقطعوا عن منازلهم».
ويؤكد على تناقضاته حينما قال: «تعاطت هذه الفرق مع هذا الموضوع، فلا أحد يعتقد أنه يمكنه عند نزول الثلج والذي يصل إلى 50سم التحرك في نفس اللحظة، لا نعرف على ماذا يبنى هذا الموقف، وبالتالي في ظل هذا الوضع يجب أن تتوقف الحركة قليلا وهنا تعمل الآليات على كسح الثلوج ويأتي دور فرق الطوارىء وليس تجول المواطن ولا ينصح بتجول المواطن في ظل هذا الوضع».
ويضيف: «الآن نحن قلنا يجري تقييم الوضع، هنالك أشجار سقطت وبعضها ساهمت في تدمير جزئي لبعض شبكات الكهرباء وكانت أحد الأسباب التي أدت إلى انقطاع الكهرباء ولكن بشكل رئيسي كان الانقطاع من المصدر «الإسرائيلي» وعدم الإصلاح من المصدر في الوقت المناسب بمعنى استغراقهم وقتا طويلا ومن المفروض أن تكون إمكانياتهم أكبر».
وقال: «نحن في الحكومة لم نسائل شركة كهرباء محافظة القدس، ولكن سألناها ونتابعها ونعلم ظروفهم وقاموا بجهد جبار علينا أن لا ننظر فقط إلى الجزء الفارغ من الكأس».
ويحمل م. غنيم بشكل أو بآخر الإعلام المسؤولية بقوله: «للإعلام دور مهم كثيرا في عملية تهيئة المواطنين لأي ظروف وكيفية التعاطي معها، وشهدنا بعض التهويل من جهات معينة من خلال وسائل الإعلام ما قبل العاصفة الثلجية سواء عبر بعض وسائل الإعلام أو من خلال الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي».
ويتابع غنيم في تحميله المسؤولية لبعض المواطنين بقوله: «الحديث كثيرا من هؤلاء الناس المقيمين في البيوت عن من يقوم بخدمتهم ومن يقوم بالعمل من أجل إعادة الحياة إلى طبيعتها لهم أثناء هذه العاصفة والبعض كال الاتهامات وهو جالس في بيته بدون معرفته الحقيقة، نحن نقول من حق المواطن أن يتساءل وبالنسبة لنا بعد عملية التقييم سيكون هناك تقرير وتوضيح للحقائق ولكن الجميع بذل جهده وانتصرت إرادة العمل في هذه الظروف الصعبة بالإمكانيات البسيطة على حجم الإمكانيات التي توفرت في كافة الفرق وفي كافة المناطق بما فيها المجالس البلدية الصغيرة».
ويرى م. غنيم، إنه كان للقطاع الخاص تدخلا متفاوتا وقال: «كان هنالك بعض الجهات من القطاع الخاص وسوف نقوم بتكريمهم قد أمدونا بآليات وقاموا بتغطية تشغيلها حتى بدفع محروقاتها، وكان هناك من قدم آلياته ولكن تفاوتت تدخلات هؤلاء بين منطقة وأخرى وقمنا باستئجار آليات لتعزيز فرق الطوارىء ودعم عمل بعض البلديات والمجالس القروية من أجل فتح الطرق وواجهنا حالات من البعض الذي حضر وأبدى الاستعداد للعمل معنا وكنا مستعدين لأن ندفع لهم وطالبونا بتزويدهم بالمحروقات وزودناهم بها وبعد ذلك فقدناهم».
ويقر غنيم بقوله: «نقيم الجاهزية على أساس «كان من المفترض أن يكون»، نحن كنا نسمع أن المنخفض الجوي سيؤدي إلى تساقط ثلوج تتراكم في بعض مناطق رام الله بما لا يزيد عن 10سم وقد تصل أحيانا في بعض مناطق الخليل إلى 15 سم، وما حصل أنها كانت مفاجئة على مستوى المنطقة بالنسبة لنا ولجيراننا فكانت سماكة الثلوج أكثر بـ5 أضعاف التوقعات وأحيانا تجاوز 1م في مناطق معينة ووصلت الثلوج إلى مناطق جنوب جنين وغطت ارتفاعات تقل عن 400 م في مناطق متعددة من الضفة الغربية، ومع ذلك الجميع حرص على التعامل وفق إمكانياته وبذل الجهد من أجل التعامل مع هذا المنخفض ونحن اجتزنا هذه الحالة الآن».
ويعلق على سقوط المحافظات أمام العاصفة الثلجية بقوله: «عندما تتحدث عن سقوط ثلاث محافظات وأنت تشاهد الطرق موجودة والكهرباء والمياه متوفرة، فلا أدري ما هو السقوط؟ ولكن هنالك بعض الأضرار التي حصلت في مناطق معينة وخاصة على الصعيد الزراعي».
ردود شركة الكهرباء وسلطة الطاقة
بينما قال مدير عام شركة كهرباء محافظة القدس هشام العمري، إن 80% من أعطال التيار الكهربائي والأعطال الفنية التي حدثت على شبكات الضغط العالي المزودة للتيار الكهربائي في مناطق القدس ومحافظتي رام الله والبيرة وبيت لحم، ناتجة عن انقطاع وانهيار خطوط الربط مع الشركة القطرية الإسرائيلية والبالغة عددها 45 نقطة ربط.
وقال العمري: «لا نتنصل من مسؤوليتنا ونعترف بأية أخطاء أو تقصير إن كانت من طرفنا، ولكن وجب علينا أن نضع الجميع في صورة الوضع الحالي وتداعيات العاصفة، خاصة أن كافة طواقمنا الفنية واجهتها تحديات جمة في مختلف المناطق، وذلك في محاولة منها لإصلاح الأعطال على الشبكات وإعادة التيار الكهربائي للمناطق التي حدث فيها انقطاع للتيار الكهربائي نتيجة لتساقط الثلوج الكثيف والأجواء العاصفة».
بينما أعلن رئيس سلطة الطاقة والموارد الطبيعية ورئيس مجلس إدارة شركة النقل الوطنية للكهرباء، د. عمر كتانة، أن حجم الخسائر الأولية في قطاع الكهرباء بلغ ما يزيد على 14 مليون دولار، وتمّ تقدير كلفة ثمانية ملايين دولار لشراء معدات إضافية لشركات توزيع الكهرباء تمكنها من زيادة فاعليتها في مواجهة ظروف مشابهة.
كوني: الهيئات المحلية قامت بدورها
ويرى وزير الحكم المحلي د. سائد الكوني، أن الهيئات المحلية قد قامت بدورها على أكمل وجه خلال أيام المنخفض الأخير، وعملت بكامل إمكاناتها المتاحة من أجل ضمان استمرارية تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين، مثمنا الجهود التي بذلتها طواقم الطوارئ في الهيئات المحلية وجميع العاملين فيها، كما وجه التحية والشكر للجنود المجهولين الذين واصلوا الليل بالنهار لخدمة المواطنين، وتلبيتهم لكافة نداءات الاستغاثة التي وصلتهم.
ودعا الكوني، إلى ضرورة أخذ العبر والدروس من هذه التجربة والاستفادة منها لتجنبها في المستقبل، مضيفاً أنه سيتم إعداد خطط مستقبلية تتضمن آليات التعامل في مثل هذه الحالات بناءً على الدروس والعبر المستفادة من التجارب السابقة.
ويقر رئيس بلدية رام الله موسى حديد، بقوله: “إن المنخفض الجوي لم يكن متوقعا بهذا الحجم ولم تكن معظم المؤسسات على استعداد وجاهزية عالية لاستقبال هذا الكم من الثلوج ولكن مع ذلك نحن في بلدية رام الله نؤكد أننا قمنا بما هو مطلوب منا على أكمل وجه وتعدينا ذلك حتى وصلنا إلى مساندة إخواننا في غرفة العمليات المشتركة ونحن نفخر بذلك وهم أيضا مدوا يد المساعدة في بعض الأحيان لتسهيل حركة مركباتنا نحن نقوم بعمل مشترك كفريق واحد سيكون هناك اجتماع تقيمي وبشكل سريع لغرفة العمليات المشتركة ولأداء جميع الأجهزة والشركاء في غرفة العمليات”.
ومع ذلك فان حديد يقر بقوله: «إنه يجب أن يكون هناك تنسيق أكثر بين المؤسسات العاملة حتى لا يتبعثر الجهد وهذه أكثر القضايا التي أجمع عليها الكل في غرفة العمليات المشتركة؛ أن الجهد تعثر في العديد من الحالات حيث تم توجيه أكثر من طاقم وجهاز لمعالجة نفس الحادث أو الموضوع».
ويعتقد حديد أن الوضع يزداد تحسنا ولا يزداد سواء على الإطلاق وقال: «دعنا نكون واقعيين فنحن نتعامل مع ثلوج ممكن لانه منذ 20 سنة لم نتعرض لتساقط الثلوج والناس تعتقد أنه بمجرد انحسار المنخفض الجوي تزال آثار الثلوج وأن استمرار بقاء الثلوج بعد انحسار المنخفض شيء عادي وطبيعي وخير علينا يجب النظر له بهذا المنظار ويكفينا فخرا أنه لم تكن هناك إصابات بشرية بشكل مباشر ويكفينا فخرا أن الثلوج لم تؤد إلى خسائر بشرية وهذا بحد ذاته نجاح لغرفة العمليات المشتركة ولغرفة عمليات بلدية رام الله».
في حين كشف منسق غرفة عمليات الطوارىء في البلدية أحمد أبو لبن، عن وقوع حالات استغلال بقيام بعض أصحاب الجرافات الذين لم يكونوا يعملون مع البلدية بابتزاز واستغلال المواطنين لحاجاتهم وطلبوا منهم أموالا مقابل تقديم الخدمة لهم بإزالة الثلوج، وقال: «ونحن في حينها فورا طلبنا من الشرطة أن تقوم بكشف كامل وتعتقل أي شخص استغل ويحاول استغلال المواطن».
وأقر ابو لبن بقوله «لدينا محدودية في امتلاك الآليات الثقيلة وعلى الرغم من اتفاقنا مع المقاولين الذين سخروا آلياتهم لخدمة غرفة عمليات الطوارىء، ولكن بالمجمل العام كان هناك ضعفٌ في تفاعل القطاع الخاص بالاستعداد الطوعي بتقديم آلياتهم، وانقطاع التيار الكهربائي أربك عملنا بشكل كبير، 70% من المكالمات الهاتفية المسجلة لدينا التي تم تلقيها من المواطنين كانت تسأل عن التيار الكهربائي في حين أنه لا علاقة للبلدية بخدمات شركة الكهرباء».
خريشة يدعو لمحاسبة المقصرين
من جانبه، قال عضو المجلس التشريعي حسن خريشة، كل الاحترام والتقدير للجهود التي بذلت لتفادي أضرار العاصفة، إلا أن هناك ضعفا كبيرا في التخطيط الداخلي لمواجهة الأزمات، وما هو موجود عبارة عن سياسة ارتجالية، إضافة لبنية تحتية هشة وضعيفة للغاية رغم ما دفع عليها من أموال لإعادة تأهيلها، لكن ما جرى يدل على أن هناك حاجة لرقابة حقيقية على المشاريع التي تقام في الأراضي الفلسطينية وتحت إشراف السلطة الوطنية والتي يصرف عليها الملايين.
وأضاف أنه نفس الوقت لا يمكن إنكار دور الدفاع المدني الذين قاموا بدورهم بكل الإمكانيات المتاحة، ومن وجدنا أن دورهم ضعيف هي شركات الكهرباء، فما جدوى وجود هذه الشركات في حين أن من قامت بعملها ودورها هي البلديات خلال المنخفض، فالشركات فشلت فشلا ذريعا في معالجة أزمة الكهرباء برغم من أنها لديها ميزانية جيدة.
وفيما يتعلق بأداء الحكومة الفلسطينية، قال خريشة إن جزءا كبيرا من دورها في هذه الموجه كان استعراضياً بالدرجة الأولى، فهي لم تتحمل مسؤولية فشل ما في مكان ما، فالأجدى أن يخرج أحد من مسؤولي الدولة والاعتذار للشعب عن هذا التقصير، وهذا التقصير يشمل الوزراء والمسؤولين كذلك نواب المجلس التشريعي الغائب، والذي من الممكن أن يكون له دور في المساعدة للخروج من هذه الأزمة والكارثة، ولو كان المجلس التشريعي موجوداً فأول دور سيقوم به كان هو عقد جلسة مساءلة للمسؤولين عن هذا التقصير الذي حصل، وسيشمل تقصير الحكومة الفلسطينية ليس فقط المساعدة في تخطي هذه الأزمة بل أيضاً في حجم التعويضات التي ستمنح للمتضررين، وأنا أؤكد بأنها ستسد الحد الأدنى من الأضرار.
وأوضح خريشة أنه في ظل غياب المؤسسات الفلسطينية وأهمها المجلس التشريعي صاحب ولاية المحاسبة، فلن تكون هناك مساءلة ومحاسبة فعلية لجميع المسؤولين عن التقاعس عن معالجة وإدارة الكارثة الطبيعية التي مررنا بها.
وانتقد خريشة المجتمع المدني في محاسبة المقصرين قائلا إنه على الرغم من أنه ينشط في الإعلام من خلال التشهير بقضايا الفساد إلا أن دوره في ممارسة المحاسبة الفعلية غير موجود، ومن هو مسؤول عن ذلك هم نواب المجلس التشريعي الغائب.
وقال: “حتى نبدأ بالمساءلة والمحاسبة يجب أن نشكل لجان تحقيق تأخذ شهادات من المواطنين الذين اشتكوا من الإهمال الذي تعرضوا له من قبل الأجهزة المعنية والمسؤولة عن التعاطي مع تداعيات العاصفة الثلجية، والمشكلة الأساسية هي غياب القرار السياسي الذي يصب في صالح المواطن، كذلك الشعور بالانتماء، وأعتقد بأنه من اللازم إعادة النظر في كيفية التعامل والتعاطي مع شركات الكهرباء والذين فشلوا في أن ينفذوا أي خطة طوارئ على الأرض.
عبد الكريم: الحكومة لا تعترف بالتقصير لذلك لن تعتذر
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي د. نصر عبد الكريم، إنه من الصعب التعجل في تقدير حجم الأضرار والخسائر الناتجة عن العاصفة الثلجية اليكسا، فهذه من اختصاص لجان مختصة بالمحافظات، لكن باعتقادي بأن الخسائر كانت من شقين، أضرارا مادية مباشرة وهي التي تعرض لها القطاع الزراعي والمنشآت والممتلكات الخاصة والحكومية، كذلك الانهيارات التي حدثت للمباني والجدران الاستنادية والطرق والمساكن والمصالح وغيرها، وهي أضرار مادية مباشرة والتقديرات التحليلية الاقتصادية أشارت إلى أنها تقدر في كل من الضفة وغزة بحوالي 200 مليون شيكل، وأنا أرجح بأن الخسائر ستصل إلى الـ 500 مليون شيكل.
ورأى عبد الكريم أنه كان بالإمكان تفادي كل هذه الأضرار، لكن ربما كان بالإمكان تفادي بعضها، والتقليل من حجم الأضرار حتى في أي دولة متقدمة صناعيا وتجاريا وماديا من الصعب تفادي كل الأضرار، ولكن في حال كان هناك استعداد أفضل لاستقبال ومواجهة المنخفض الجوي الثلجي، من خلال وضع خطط تفصيلية وفيها أولية وتفاصيل وخارطة طريق وتشكيل لجان طوارئ في المحافظات، لكانت الخسائر أقل بالتأكيد، فكان المفروض أن تعمل البلديات بشكل أفضل وأكثر تنظيماً، من خلال توفير الإمكانيات اللازمة لتجنب حدوث كوارث في المناطق والقرى البعيدة، كما أن شركة الكهرباء كان بإمكانها أن تستعد بشكل أفضل خاصة على صعيد متابعة الانقطاعات التي حدثت على التيار الكهربائي وإصلاحها.
وفيما يتعلق برد فعل الحكومة حول مواجهة تداعيات المنخفض، قال عبد الكريم إنه هناك أولا ارتباك في التصريحات القادمة من الحكومة حول حجم الأضرار وحدتها وأسبابها، كما كان هناك غياب في التنسيق ما بين الوزارات المختلفة، كما كان هناك تباين في أداء المسؤولين الحكوميين، فمعظمهم غاب تماماً عن الساحة ولم نسمع له صوت.
وفيما يتعلق باعتذار الحكومة عما حدث، قال: “أعتقد بأنه يجب عليها أولا أن تقر بالتقصير حتى تعتذر، لكن المشكلة هي أنها غير معترفة أساسا بأنها أخطأت أو قصرت، بل حملت كامل المسؤولية لإسرائيل ولقدرة الطبيعة والقدر، كما أنها اعتبرت أن ما قامت به من جهود لتفادي أضرار هذه الموجه مجهودا كبيراً ويستحق الشكر عليه، وبالتالي فهي لا تشعر بالذنب والأمر الآخر الملفت في طبيعة الحكومة لدينا والسياسة بشكل عام، هو غياب المساءلة، فلا توجد جهة مسؤولة عن أداء هذا الدور، فالمجلس التشريعي معطل والمجتمع المدني دوره محدود جداً في هذا المجال رغم أن له صوت يحاول أن يوصله للجهات المسؤولة والتي تستمتع له من باب دورها في الاستماع لا أكثر.
وكان مجلس الوزراء قد قرر خلال جلسته الطارئة التي عقدها يوم الاثنين الموافق 2013/12/16 في رام الله، برئاسة د. رامي الحمد الله رئيس الوزراء، بخصوص تداعيات المنخفض الجوي، متابعة وتقييم عمل شركة الكهرباء خلال فترة الأزمة، (بعكس الإجراءات التي قررتها الحكومة الأردنية بمساءلة ومحاسبة ومقاضاة شركة الكهرباء الأردنية، واستمرار الدوام في المؤسسات الحكومية والمدارس).
وكلف المجلس لجنة البنية التحتية بحصر الأضرار التي وقعت جراء المنخفض ورفع تقرير له بذلك، واتخذ المجلس عدة إجراءات ضد التجار الذين تلاعبوا بالأسعار خلال فترة المنخفض