دعوت صديقي المناضل العائد من الشتات على مأدبة افطار في القدس الشريف وتلبية لرغبته في الصلاة في
المسجد الأقصى بعد الافطار..
هذا الصديق ممن أفنى زهرة شبابه في كل المواقع من اجل فلسطين، ولَم يبقى جزء في جسده الا وفيه بقايا من شظايا او رصاصة هنا او هناك..
صديقي في العقد السادس من العمر ، دمث الأخلاق زاهد لا يفرق بين إيمانه بالله وإيمانه بوطنه وقضية شعبه، فتراه متصالحاً مع نفسه مؤمناً ان الفرج قريب وأن جاوز الظالمون المدى
دعوت معه ثلاثة أصدقاء..
الاول: متدين بالفطرة دائم الابتسامة والتفاؤل، ينتمي الى بيئة محافظة يتعامل في كل نواحي الحياة بميزان الحلال والحرام فترى مخافة الله في كل تفاصيل حياته العملية والاجتماعية والروحية..
الثاني: شيوعي تاريخياً من الصف الاول الحزبي، تحول مع خريف العمر الى رجل متدين يمارس العقيدة الدينية كعقيدة حزبية، انضباط اخلاقي ووطني ومساواة وشعور مع الفقراء والمحتاجين.
الثالث: علماني لا يفرق بين مسيحي او بوذي او مسلم يمارس طقوس العبادات حسب المناسبة والموقف دون التمييز أياً كانت دار العبادة..
عنده رصيد من الأخلاق والطيبة ما لا يُبقي على همٍ او غَمّ..
بعد سماع المدفع الرمضاني تناولنا جميعاً طعام الافطار المقدسي وانطلقنا مشياً عبر الأزقة القديمة وصولاً الى باحات المسجد الأقصى..
أُناس أشكال ألوان يؤدون الصلوات في الساحات والممرات، مرسوم على وجوههم مزيجٌ من مظاهر البؤس، وأحيانا قليلة بقايا فرح..
يتعاملون مع الدين كوظيفة بدوام كامل او جزئي او حاجة حسب المواسم..
ومنهم من يراه عبادة لوجه الرحمن..
او حاجة الانسان الى الروحانيات في بعض الأحيان..
بعد انتهاء الصلوات خرجنا الخمسة الى ازقة القدس في طريق عودتنا وكل منا وجد ضالته في هذه الزيارة..
منا من اكمل صيامه وعبادته، ومنا من أدى التزامه تجاه المدينة المقدسة، ومنا من تزَوَد بحاجته بقليل من الروحانيات، ومنا من قدم القليل لوجه الله..
واتفقنا جميعاً ان الدين اخلاق ومعاملة هكذا كان عبر السنين..
وبكينا على اغتراب القدس والمقدسيين..
في القدسِ صَلَّينا على الأَسْفَلْتْ
في القدسِ مَن في القدسِ إلا أنْتْ
أيها الباكي وراءَ السورِ، أحمقُ أَنْتْ؟
أَجُنِنْتْ؟
لا تبكِ عينُكَ أيها المنسيُّ من متنِ الكتابْ
لا تبكِ عينُكَ أيها العَرَبِيُّ واعلمْ أنَّهُ
في القدسِ من في القدسِ لكنْ
لا أَرَى في القدسِ إلا أَنْتْ