الحدث - عصمت منصور
لا غرابة في أن تعج صفحات الفيس بوك وتويتر بالمنشورات والتغريدات التي ترثي المناضلة الأممية والمحامية اليهودية فيليتسيا لانغر من قبل أسرى محررين ومثقفين ونشطاء حقوق إنسان ومناضلين، لانغر التي رحلت عنا أول أمس في ألمانيا عن عمر ناهز الـ88 عاما قضتها في خدمة الأسرى والمعتقلين و تمثيلهم والدفاع عنهم أمام المحاكم العسكرية الإسرائيلية.
لانغر مثلت حالة خاصة وجسدت قمة الشجاعة ليس بسبب مواقفها فقط بل في كونها انحازت بشكل مطلق للطرف المضطهد ووقفت بكل شجاعة في وجه التيار الفاشي الجارف الذي جسدته الحركة الصهيونية ودولة الاحتلال، معتبرة نفسها جزءا من الشعب الفلسطيني ومناهضة شرسة للعنصرية الإسرائيلية.
قضت لانغر آخر 28 عاما من حياتها في ألمانيا بعيدا عن إسرائيل، معتبرة أن العيش والاستفادة من الامتيازات التي تقدمها إسرائيل للمستوطنين تواطؤ مع هذا المشروع الاستعماري لذا هجرتها إلى ألمانيا.
نشطت لانغر في مجال الدفاع عن الأسرى والمعتقلين وتمثيلهم أمام المحاكم العسكرية وفضحت التعذيب الذي يتعرضون له، ورافعت عن أبرز القادة الشيوعيين وقادة الحركة الوطنية مثل سليمان النجاب وداوود عريقات ومحمود شقير وجمال زقوت، وتولت الدفاع عن رؤساء البلديات الذين انتخبوا وعبروا عن إرادة الشعب في اختيار أعضاء م ت ف بدلا عن رجالات الإدارة المدنية وأبرزهم فهد القواسمة رئيس بلدية الخليل ومحمد ملحم رئيس بلدية حلحول وغسان الشكعة رئيس بلدية نابلس، كما وأنها وقاومت أوامر الهدم ومصادرة الأراضي والإبعاد بحق المناضلين الفلسطينيين.
نشطت لانغر في الحزب الشيوعي وانتخبت لعضوية اللجنة المركزية في صفوفه، كما وأنها عملت مراسلة لصحيفة الحزب "الاتحاد" مع المناضل والأديب إميل حبيبي.
انتخبت في السنوات الأخيرة رئيسة فخرية للتحالف الأوروبي لمساندة الأسرى الفلسطينيين، كما وحصلت أيضا على وسام الاستحقاق والتميز تقديرا لها على نضالها إلى جانب الشعب الفلسطيني وتم تسليمها الوسام في ألمانيا من قبل الرئيس الفلسطيني أبو مازن وسفير فلسطين في برلين.
ولدت لانغر لأبوين يهوديين في عام 1930 في بولندا، وهاجرت مع عائلتها إلى البلاد في الأربعينيات إبان المجازر النازية.
تخرجت من كلية الحقوق في الجامعة العبرية في عام 1965 وانضمت إلى الحزب الشيوعي الإسرائيلي "راكاح" وفي العام 1990 تركت إسرائيل بعد انهيار الاتحاد السوفيتي لتقيم بقية حياتها في ألمانيا.
حصلت على جائزة برونو كرايسكي لحقوق الإنسان وجائزة "The Alternative Nobel Prize. وأصدرت عدة كتب أبرزها "بأم عيني" (1974)، "أُولئك إخواني" (1979)، "من مفكرتي" (1980)، "القصة التي كتبها الشعب" (1981)، "عصر حجري" (1987).