الأربعاء  30 تشرين الأول 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

صفقة القرن وصفة لحرب كبرى وفوضى داخل فلسطين.. من يوقفها؟

2018-06-23 09:58:58 AM
صفقة القرن وصفة لحرب كبرى وفوضى داخل فلسطين.. من يوقفها؟
(تعبيرية)

 

الحدث ـــ محمد بدر

 

قبل أيام هاجمت طائرات مقاتلة مجموعة مسلحة تابعة لحزب الله على الحدود بين سوريا والعراق في منطقة البوكمال الحدودية، وخرج أحد القادة البارزين في حزب الله العراق متوعدا الجهة التي تقف وراء هذا الهجوم، مشيرا إلى أن الهجوم إذا ما كان إسرائيليا فهذا يعني أن المواجهة بين العراق وإسرائيل قد اقتربت. القيادي أضاف: "إذا كان ذلك بسبب وجودنا في سوريا.. وجودنا في سوريا ليس سرا ونحن موجودون وليس لدينا ما نخفيه".

بعد الهجوم على حزب الله العراق، خرج البنتاغون ونفى أي صلة له بالعملية، وفي ذات اليوم أعلن مسؤول أمريكي عبر CNN أن إسرائيل تقف وراء الهجوم ولا علاقة لواشنطن به. هذه ليست المرة الأولى التي يعلن فيها مسؤولون أمريكيون أن إسرائيل تقف وراء هجمات خارج حدود إسرائيل.

قبل أشهر نفت الولايات المتحدة وقوفها وراء هجوم على قواعد للحرس الثوري في سوريا ولفت مسؤولون أمريكيون حينها النظر إلى كون إسرائيل هي المسؤولة عن الهجوم، حينها عبرت إسرائيل عن انزعاجها من التصريح الأمريكي الذي يعتبر كشفا عن عمليات إسرائيل التي تسعى في بعض الأحيان أن تبقى سرية، الإسرائيليون اعتبروا الأمر تنصلا من المسؤولية ودفعا للمواجهة عن أبوابها وإلقاءً لكرة النار في حضن إسرائيل.. الإعلان الأمريكي كلف إسرائيل قصفا للجولان كان الأول منذ عشرات السنين وكاد أن يأخذها لمواجهة واسعة على الحدود الشمالية.

وقبل أيام، كشف موقع "كان" العبري أن سفير الولايات المتحدة في إسرائيل قد انفجر غضبا في لقاء جمعه مع مسؤولين إسرائيليين بسبب مطالباتهم العلنية للولايات المتحدة بأن تعترف بالجولان كأرض إسرائيلية، وبحسب الموقع فقد أكد السفير ــ المقرب جدا من إسرائيل ــ بأن "مصالح الولايات المتحدة لا تختصر بمصالح إسرائيل".. الوجه الآخر لحديثه أن هذا الإعلان بخصوص الجولان سيضر بالولايات المتحدة ومصالحها.. ردّ عليه الإسرائيليون بأن هذا الإعلان هو بمثابة صفعة قوية لإيران ولوجودها في سوريا، مع ذلك تجاهل.

من الواضح جدا أن الولايات المتحدة ترفض الدخول في مواجهة عسكرية مع إيران تحاول إسرائيل جرّها إليها بكل ما أوتيت من قوة.. يخشى الأمريكي الإعلان عن الجولان كأرض إسرائيلية بينما أعلن بكل وضوح أن القدس إسرائيلية، وإذا كان الإعلان الأول يكلفه مصالحه فإن الإعلان الثاني وقد تم كما يبدو لا يكلفه مصالحه.. بالمختصر فإنه من الضروري الخروج من دائرة العلاقات الأمريكية الإسرائيلية لفهم أوسع لما يجري في المنطقة.

إضافة للمشهد السابق، التحرك الأمريكي الأخير في المنطقة لإتمام التجهيزات للإعلان عن صفقة القرن، وكل المؤشرات تؤكد أن الصفقة مقبولة عربيا بشكل كبير وبالتالي فإن الأمريكيين بدأوا يتحدثون عن موعد قريب للإعلان عن الصفقة. هل المقصود سعي أمريكي لحل القضية الفلسطينية أم أن الأمور أبعد من ذلك؟

إسرائيل وقد عجزت في تجنيد الأمريكي بشكل مباشر في مواجهتها ضد إيران، تريد أن تتحزم بمحيط عربي داعم ومساند ومشارك في هذه المواجهة، وهذه رؤية تراها الولايات المتحدة مناسبة، وإذا ما وصلت العلاقات بين إسرائيل والعرب إلى مرحلة "وضوح" العلاقات وإخراجها من الدائرة الاستخباراتية إلى الدائرة السياسية الاستراتيجية من خلف حلف علني كبير فإن دولا عربية ستخوض هذه الحرب مع إيران بالوكالة عن إسرائيل، ليس لأن العرب فقط "أدوات" حرب الوكالة تاريخيا، بل لأن إيران أصبحت تطبق الخناق وجوديا على بعض الدول ومن بينها السعودية زعيمة ما يسمى بالحلف السني، وهذا التحالف العلني لن يتحقق إلا إذا تم  الإعلان عن حل القضية الفلسطينية وبالتالي انتفاء السبب وراء عدم وجود عربية مع إسرائيل؛ إعلان ولو هزيل.

إذا؛ المقصود إيجاد حل شكلي للقضية الفلسطينية للانتقال لمواجهة عربية إيرانية مباشرة قد تشترك فيها إسرائيل شكليا. ويعود نموذج الحرب الإيرانية العراقية مرة أخرى.

فلسطينيا سيكون أمام القيادة الفلسطينية خيارات صعبة جدا؛ إما الوقوف أمام هذا المشروع الكبير والذي تعتبر فيه صفقة القرن حجر الزاوية وأبسط ما فيه كذلك، وهذا سيكلف القيادة الفلسطينية فقدان ما يسمى بالعمق العربي وبالتالي لن يبقى لها سوى تركيا وإيران وستعزل القيادة الفلسطينية نفسها بنفسها إذا ما عارضت الصفقة، أو أن تقبل بها وبالتالي ستفقد شرعية وجودها نهائيا وستغرق الأراضي الفلسطينية في مواجهة على الأغلب أن تكون داخلية وسيتحقق الهدف الإسرائيلي بغياب الممثل السياسي الفلسطيني الرسمي، ولن تستطيع الشرعية العربية أن تمنح القيادة الفلسطينية شرعية سياسية وقد فقدت الشرعية العربية وجودها في فلسطين شعبيا؛ خاصة مع الهرولة المستميتة في التطبيع.

تبقى غزة هي الساحة الوحيدة القادرة على إسقاط صفقة القرن بشكل عملي، من خلال مواجهة عسكرية مع إسرائيل، هذه المواجهة التي كما يبدو أن الفصائل في غزة تسعى لها لإسقاط المشروع، وإذا ما ذهبت غزة إلى ما ذهب إليه إسلام شهوان أحد الوجوه البارزة لحماس بغزة؛ أي التفاوض المباشر مع إسرائيل؛ فإن صفقة القرن ستمر وتمرر.. المواجهة العسكرية في غزة مع قسوتها كخيار إلا أنها الخيار الوحيد المتبقي للفلسطينيين لإسقاط المشروع أو على الأقل تأجيله ولعل الله يحدث بعد ذلك أمرا.

صفقة القرن وصفة كبيرة لكي تصبح إسرائيل الملهم الحقيقي للمنطقة، ولكي تصبح لها كل الساحات مفتوحة، بعد أن يتم "تأديب" الظاهرة الإيرانية من خلال مواجهة بالوكالة يتكفل بها العرب. هذا هو المخطط المثالي للصفقة.

ولكن.. إيران تملك ما لا يملكه العرب وأي مواجهة من هذا النوع قد تؤتي نتائج عكسية كبيرة، فإيران تملك مخزونا بشريا كبيرا في معظم دول الخليج قد يكون عاملا حاسما في هذه المواجهة، كما أن لإيران حلفاء كثر من مجموعات عسكرية قد تتحرك بشكل مباشر ضد المصالح الأمريكية في كل الدول التي يتواجد "شيعة" وما لا يدركه البعض أن بعض الدول الكبيرة مثل الهند تحاول أن لا تغضب إيران بسبب وجود ملايين الشيعة فيها وعلى ذلك يمكن قياس تأثير إيران وقدراتها من خلال امتداداتها البشرية الدينية. وهذا مغزى حسن نصرالله عند حديثه عن الحرب الكبرى، والتي تحاول الولايات المتحدة أن لا تكون طرفا فيها للتضييق على دائرة الأهداف الإيرانية ومحاصرة أوراق الضغط الإيرانية في العرب وضمن نطاقهم، وهذا ما لن يحدث.