الحدث- محمد غفري
قدر مسؤول فلسطيني رسمي، أن مجموع قيمة الحقوق المالية الفردية للعمال الفلسطينيين المستحقة على الجانب الإسرائيلي تبلغ نحو 30 مليار شيقل.
جاء ذلك في لقاء خاص أجراه مراسل "الحدث"، مع وكيل وزارة العمل الفلسطينية سامر سلامة، حول مصير الحقوق المالية الفردية للعمال الفلسطينيين داخل الخط الأخضر.
وأكد سلامة أن الجانب الإسرائيلي، الذي يمتلك وحده كافة السجلات التفصيلية لهذه الأموال المتراكمة للعمال الفلسطينيين منذ العام 1970، بدأ يعترف بها مؤخراً، ويحاول إغلاق الملف ببضعة مليارات.
ما هي هذه الأموال؟
في التفاصيل، أوضح وكيل وزرة العمل، أنه في شهر أكتوبر من العام 1970، أقرت حكومة الاحتلال الإسرائيلية معاملة العامل الفلسطيني مثل العامل الإسرائيلي، بحيث يكون للعامل الفلسطيني كامل الحقوق المترتبة للعامل الإسرائيلي، وفق القانون الإسرائيلي.
وهذا يعني أن هناك مجموعة من الاقتطاعات تقتطع من أجور العامل الفلسطيني في إسرائيل، وعددها سبعة اقتطاعات، وتذهب هذه الاقتطاعات إلى صناديق مختلفة، منها صندوق التقاعد، والتأمين الوطني، والتأمين الصحي، وبدل الإجازات، وبدل الإصابات، وما إلى ذلك بحسب القانون الإسرائيلي.
وأضاف سلامة، أن كل عامل فلسطيني عمل في إسرائيل بشكل رسمي وقانوني له اسم مسجل في قوائم، وله حقوق مالية، وهذه السجلات موجودة لدى الجانب الإسرائيلي، ولا يوجد لدى الجانب الفلسطيني أي معلومة عنها.
هذه الأموال بحسب سلامة، عبارة عن أموال وحقوق مكتسبة فردية للعامل الفلسطيني، وليست من حق أحد، لا السلطة الفلسطينية، ولا وزارة المالية، ولا يحق لأي جهة فلسطينية أو غير فلسطينية، أن تحصل على هذه الأموال وتتصرف بها.
كم يبلغ مجموع قيمة الأموال؟
سلامة صرح لـ"الحدث"، أن الاحتلال عندما بدأ يعترف بهذه الأموال اعترف في البداية بقيمة 1.7 مليار شيقل، ولكن في آخر اعتراف له، تحدث عن مبلغ 3 مليار دولار.
ولكن لدى وزارة العمل توقعات من خلال دراسات قامت بها أكثر من جهة إسرائيلية، أن المبلغ لا يقل عن 30 مليار شيقل، أو تقريباً 10 مليار دولار.
لذلك أكد سلامة أنهم يطالبون باستلام قوائم موثقة بالاسم ورقم الهوية لكل عامل، وما لديه من حق مالي، ومجموع هذه الحقوق المالية بحسب الاتفاق، يحول بحوالة إلى مؤسسة الضمان الاجتماعي مرفقة بأسماء العمال، وتصبح هذه الأسماء مشتركة بشكل تلقائي في مؤسسة الضمان الاجتماعي ولهم الحق الكامل في هذه الأموال.
وبالإضافة إلى مجموع قيمة الأموال المتراكمة، قال سلامة، إن هذه الأموال تم استثمارها من قبل الجانب الإسرائيلي، والشيقل قبل عشرين سنة لا يساوي قيمة الشيقل اليوم بعد استثماره، لذلك سوف يطالبون بهذه الاستثمارات أيضاً.
جهود لاسترداد الأموال
وكيل وزارة العمل كشف أنهم قاموا بفتح هذا الملف منذ عامين، وخاصة بعدما تأسست مؤسسة الضمان الاجتماعي، لأنه بحسب بروتوكول باريس الاقتصادي، هذه الأموال وخاصة أموال التقاعد التي تقتطعها إسرائيل للعمال، يجب أن يتم تحويلها إلى مؤسسة الضمان الاجتماعي الفلسطينية، حتى يتم ضمانهم وتأمينهم تقاعدياً فيها.
وأوضح سامر سلامة، أنهم تحدثوا مع الجانب الإسرائيلي بشكل مباشر من خلال الارتباط في البداية للمطالبة بهذه الأموال، ولكن الاحتلال تعمد تضليلهم، وبالتالي قرروا التوجه إلى منظمات دولية.
وزارة العمل توجهت في البداية إلى ألمانيا من خلال اتحاد نقابات عمال ألمانيا، لأن الموضوع نقابي عمالي يتعلق بحقوق فردية للعمال، بحسب سلامة.
ونتيجة لذلك اهتم الجانب الألماني بالموضوع وكلف مؤسسة إسرائيلية لعمل دراسة حول أوضاع العمال داخل الخط الأخضر، ولكن هذه المؤسسة أعدت تقريرا تطرق لكافة القضايا العمالية، باستثناء الجانب المالي، وأبلغهم الألمان بشكل رسمي أنهم لا يستطيعون العمل في هذه القضية.
إذاً كيف سيتم استرداد الأموال؟
وكيل وزارة العمل أكد أنهم متواصلون مع الألمان في القضايا العمالية الأخرى التي تناولها التقرير، ولكن في الشق المالي بدأ العمل لديهم ضمن مسارين.
المسار الأول عبر التعاقد الرسمي مع مؤسستين فلسطينيتين من الداخل المحتل، الأولى مكتب مدقق حسابات قانوني، والثاني مكتب محاماة قانوني، وتم إعطاء هذه المكاتب كافة التكليفات اللازمة للبدء في البحث عن هذه الأموال في كافة المرافق الإسرائيلية.
أما المسار الثاني وهو المسار الدولي، حيث توجهت وزارة العمل إلى منظمة العمل الدولية، إلا أن الجانب الإسرائيلي حاول التهرب من منظمة العمل الدولية، بذريعة أن ألمانيا وفرنسا والبنك الدولي تتدخل في القضية.
ورداً على ذلك، أفاد سلامة أنهم أبلغوا منظمة العمل الدولية أن إسرائيل تكذب عليهم، ولا يوجد أي تدخلات من الجهات المذكورة، وأنهم يصرون على تبني هذا الملف من قبل منظمة العمل الدولية.
إغراء الجانب الفلسطيني
سلامة قال إنهم في النهاية سوف يتوجهون للقضاء الإسرائيلي في هذا الملف، لأن الجانب الإسرائيلي يناور ويحاول إغراء الجانب الفلسطيني بقليل من المال من أجل إغلاق الملف، ولكنهم يرفضون ذلك.
وأفاد أن القضاء الإسرائيلي بإمكانه أن يطلب كافة المعلومات ويحصل عليها، وبالتالي الاحتلال يسعى لإنهاء الملف بإرضاء الفلسطينيين بأقل من حقهم.
لكن المسؤول الفلسطيني الرسمي أكد أنهم لن يتنازلوا عن أي فلس واحد في هذا الملف بالتحديد، لأن هذا الملف مضمون.
وختم سلامة حواره مع "الحدث"، "نحن بدأنا في نفق مظلم، ولكن بدأ يظهر لنا ضوء في نهاية النفق، وفي كل يوم هناك تقدم في الملف".