يلعب اطفال حفاة الاقدام كرة القدم بينما ترعى الاغنام بالقرب منهم في تجمع خان الاحمر البدوي الواقع في منطقة شبه صحراوية على طريق القدس اريحا والمهدد اليوم بمشروع اسرائيلي لاخلائه ونقل سكانه.
وتقول الادارة المدنية الاسرائيلية لوكالة فرانس برس ان هؤلاء البدو الذين يقيمون في خيام نصبت على بعد بضعة كيلومترات عن القدس، سينقلون الى تجمع شمال مدينة اريحا التي تبعد نحو عشرة كيلومترات شرقا.
وتؤكد ان هذا المشروع "يهدف الى تحسين نوعية الحياة للسكان البدو في منطقة يهودا والسامرة (الضفة الغربية) من خلال تنظيم منازلهم ومنحهم امكانية الوصول الى البنية التحتية الملائمة مثل المياه والكهرباء والصرف الصحي، ونظام المدارس وغيره".
ولكن البدو في هذا التجمع الذي يقع بين القدس واريحا، لا يصدقون ذلك.
ويقول عيد خميس سويلم المتحدث باسم عرب الجهالين لوكالة فرانس برس ان "اسرائيل تريد ان تقول انها كدولة ديموقراطية تريد ان توفر حياة افضل للبدو ولكن المشكلة هنا ليست اقتصادية او اجتماعية.. المشكلة هنا القدس".
واضاف "لا يوجد هناك اي منطقة او قرية او مخيم فلسطيني سوى عرب الجهالين وبهذا المشروع ستصبح المنطقة اسرائيلية تماما من القدس الى البحر الميت وبهذا ينتهي حلم الدولتين".
وخان الاحمر منطقة مطوقة حاليا بالمستوطنات الاسرائيلية التي تعتبرها الاسرة الدولية غير شرعية. وهو يقع شرق معاليه ادوميم احدى اكبر المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة-التي يعيش فيها 40 الف مستوطن.
وتعيش نحو 120 عائلة - نحو 800 شخص - في منطقة خان الاحمر واعادة نقلهم تعني افساح المجال امام المزيد من التوسع الاستيطاني في المنطقة الممتدة من القدس الشرقية المحتلة الى البحر الميت.
ويقول الفلسطينيون ان الخطط الاسرائيلية تهدد بقطع شمال الضفة الغربية عن جنوبها مما يمنع قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة.
ويطالب الفلسطينيون بدولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967،اي الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية كعاصمة لها.
وتندد المنظمات الحقوقية العالمية منذ سنوات بمحاولات متعمدة من قبل اسرائيل لتهجير السكان الفلسطينيين خصوصا في المناطق "ج" التي تشكل حوالى ستين بالمئة من اراضي الضفة الغربية المحتلة الخاضعة لسيطرة اسرائيل التامة.
وقال سويلم ان "حل الدولتين قائم على ظهورنا. سيكون هناك دولة (فلسطينية) اذا بقينا ثابتين هنا"، مؤكدا انه سيقبل بترك المنطقة في حال السماح له بالعودة الى النقب (جنوب) الذي اضطر والداه الى النزوح منه عند انشاء اسرائيل في 1948 وبات يسكنه اسرائيليون، او الحصول على قرية بدوية معترف بها.
وصرح سويلم "اريد ان يكون لي قرية بدوية معترف بها هنا.. احضروا مستوطنين من هولندا وبولندا واعطوهم مستوطنات وكيبوتزات معترف بها فلماذا لا نحصل نحن البدو على ذلك؟".
ويعود اصل عرب الجهالين الى صحراء النقب جنوب اسرائيل. وقد طرد غالبيتهم من اراضيهم في السنوات التي اعقبت قيام اسرائيل.
وكانت اسرائيل بدأت مصادرة الاراضي لاقامة مستوطنة معاليه ادوميم في 1975 ثم ضاعفت جهودها لطرد المجتمعات البدوية من المنطقة، بحسب الامم المتحدة.
ويؤكد محامي سكان منطقة خان الاحمر شلومو ليكر لوكالة فرانس برس ان الخطة "لم يتم مناقشتها مع البدو" على الرغم من تأكيد الادارة المدنية انها بحثتها مع "مسؤولين عن البدو".
واوضح ليكر ان المشروع "سيكون عبارة عن +غيتو+ (معزل) مؤلف من 12 الف شخص"، معتبرا انهم "يريدون حشر البدو كلهم في منطقة واحدة بعد اجلائهم". ورأى ان هذه الخطوة "ليست خاطئة سياسيا وضد البدو فحسب بل ستضر باسرائيل ايضا".
واضاف ان هذه الخطة "غير ضرورية وغير انسانية ويجب محاربتها". واكد ان "الدولة تريد ازالة البدو من القدس حتى اريحا على جانبي الطريق بما في ذلك في غور الاردن،في الاراضي التي تريد اسرائيل ضمها".
وقدم ليكر هذا الاسبوع التماسا الى المحكمة العليا الاسرائيلية نيابة عن 26 مجتمعا بدويا مطالبا بتجميد خطة النويعمة لانه تم اقرارها "دون اي حوار مع البدو".
واضاف ان "كل ما حدث في السنوات 15 الاخيرة كان متعلقا بتوسيع الاستيطان في منطقة ج ومنع الفلسطينيين من استخدامها"، مؤكدا ان "الخطوة ضد البدو هي جزء من هذه الحملة". وتابع ان "الاراضي التي تريد الدولة ازالة البدو منها..هي المناطق التي تريد ضمها".
وكانت الامم المتحدة حذرت في ايلول/سبتمبر الماضي من مخطط اسرائيلي يهدف الى "تهجير قسري" لالاف البدو الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة من قبائل الرشايدة والكعابنة والجهالين الذين يقيم اغلبهم في المنطقة ما بين القدس الشرقية واريحا.
واكدت منظمة "بمكوم" غير الحكومية الاسرائيلية المؤلفة من خبراء تخطيط ومهندسيين معماريين وتدعو الى منح الفلسطينيين حقوقا اكثر للتخطيط في المنطقة ج، انه "تم تقديم الخطة دون عملية المشاركة العامة او استشارة السكان".
واشار عودة المزارعة الذي يقيم في تجمع جبل البابا البدوي المهدد ايضا ان "السلطة الفلسطينية تريد اقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 لكن لا يوجد اي دولة فلسطينية".
واضاف ان "معاليه ادوميم تقوم بترحيل كل السكان حولها وهي من حصلت على حدود عام 1967".
*فرانس برس