الأربعاء  27 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

نفقات مكاتب نواب التشريعي، وتأمين وترخيص وصيانة سياراتهم تحمّل على بند النفقات التشغيلية وتشكل المكون الأكبر منها

رغم تعطله منذ 12 عاما يتم تغطيتها من المال العام

2018-06-26 10:35:35 AM
نفقات مكاتب نواب التشريعي، وتأمين وترخيص وصيانة سياراتهم تحمّل على بند النفقات التشغيلية وتشكل المكون الأكبر منها
المجلس التشريعي الفلسطيني (الحدث)

 

بينما النفقات التحويلية المخصصة للأسر الفقيرة في تناقص مستمر، مما يشكل تهديدا لها وللفئات الأقل حظا والأكثر تهميشا

إن بقي الوضع على ما هو عليه ستبقى الواسطة والمحسوبية في إدارة السيولة النقدية

يجب مساءلة التشريعي، فكان يجب أن يكون المكان لوأد الفساد لكنه أصبح هو مكان لولادته

الحدث – خاص:

يستحوذ المجلس التشريعي الفلسطيني على موازنة سنوية رغم تعطله وشلله منذ العام 2007، بضمنها موازنة تشغيلية، بالرغم من أن بنود صرف نفقاته التشغيلية المتحققة فعليا أقل من المقدرة، وتتوزع على (كهرباء، مياه، قرطاسية....)، وبلغت قيمتها في العام 2017 (1,436,282) شيكل، ونفقات أخرى تشغيلية (إعلانات، بوفيه وضيافة، استشارات، اشتراكات، مصاريف مكاتب النواب .... ) بلغت قيمتها (4,767,710) شيكل لنفس السنة المالية.

وهو ما يؤكده الفريق الأهلي لدعم الموازنة من خلال تحليله مبنى النفقات التشغيلية بشقيها في المجلس التشريعي الفلسطيني، حيث كشف الباحث مؤيد عفانة – عضو الفريق الأهلي، أن مصاريف مكاتب النوّاب تستهلك القسم الأكبر من مجمل النفقات التشغيلية الخاصة بالمجلس؛ إذ بلغت فعليا (4.126) مليون شيكل في العام 2017، لا تشمل الرواتب والمكافآت المخصصة لأعضائه ولا لموظفيه التي يخصص لها نحو 20 مليون شيكل سنويا ضمن بند النفقات التحويلية، والتي بلغت حوالي 19 مليون شيكل في موازنة العام 2017.

وعلى الرغم من شلل وتعطل المجلس التشريعي منذ العام 2007، فإن عفانة يؤكد، أنه يستهلك موازنات ومخصصات مالية من الخزينة العامة، جزء منها رواتب العاملين والموظفين فيه، وجزء آخر ليس له مبررات في ظل تعطله منذ 12 عاما، كنفقات مكاتب النواب والتي تشكل المكون الأكبر من نفقاته التشغيلية، وكذلك نفقات تأمين وترخيص وصيانة سيارات النواب، والتي تحمل على بند النفقات التشغيلية، ويتم تغطيتها من المال العام.

ربط نفقات النواب ومكاتبهم التشغيلية بموافقتهم على مشروع الموازنة

ويرى الدكتور عزمي الشعيبي - مستشار مجلس الإدارة لشؤون مكافحة الفساد في ائتلاف (أمان)، أن وزير المالية يخشى قطع هذه النفقات عن نواب التشريعي ومكاتبهم؛ لأنه يخاف رفضهم لموازنته السنوية التي يعرضها عليهم عند إعدادها خاصة آخر السنة، ويقول: (عادة تبرم في آخر كل سنة صفقة بين من يدير المجلس التشريعي أو الجهة المقررة فيه وبين وزارة المالية، وجزء من الصفقة عدم وقف هذه النفقات.)

ويقول د. الشعيبي، (هذه واسطة ومحسوبية لحسابات أناس محددين يتم الاستفادة من حالة نقص السيولة النقدية الموجود، وبالتالي نحن نرى أن هنالك فرصا للفساد، عندما تكون هذه الإشكالية الهيكلية موجودة في إدارة النفقات والإيرادات وهذه تفتح المجال للمحسوبية، وإن بقي الوضع على ما هو عليه ستبقى الواسطة والمحسوبية في إدارة السيولة النقدية.)

غياب المعايير يشكل تربة خصبة للفساد

وأشار د. الشعيبي، إلى أن غياب خطة ومعايير واضحة لترشيد النفقات في كل مركز مسؤولية، ووجود عجز مستمر في الموازنة العامة يخلق بيئة مواتية لفرص الفساد، حيث أن وجود العجز المستمر يحتم توزيع أولويات الإنفاق بناء على توجهات فردية ومساومات بين مركز المسؤولية ووزارة المالية، وليس بناء على أسس ومعايير واضحة لتحديد أولويات الإنفاق.

يجب إغلاقه وتحويل موازنته إلى وزارة التنمية الاجتماعية

وانتقدت د. نجاة أبو بكر - عضو المجلس التشريعي النفقات التشغيلية والتحويلية لدى المجلس التشريعي، حيث بلغت النفقات التحويلية الخاصة به والمتحققة نحو 12 مليون و400 ألف شيكل، وجميعها رواتب أعضاء مجلس تشريعي.

ورأت أبو بكر، ضرورة إيقاف كافة النفقات التشغيلية والتحويلية للمجلس التشريعي المعطل، وإحالة الأموال لوزارة التنمية الاجتماعية وتحديدا لبرنامج تمكين الأسر الفقيرة.

ونقلت أبو بكر، شهادة حية حول التشريعي في الشهر الذي تحاصرت فيه وقالت: (التشريعي هو مجموعة من الموظفين يحضرون صباحا ينتظمون في مكاتبهم كل صباح يرتشفون القهوة ويحتسون الشاي ويتبادلن الموظفات أطراف الأحاديث والقصص الاجتماعية والأسرية ليغادرن عند الساعة 12 ظهرا بإذن مغادرة لإحضار أولادهن من الحضانات والمدارس، لكنهن لا يرجعن. فلا يوجد أحد يعمل.)

وتضيف أبو بكر: (ليس هذا فحسب، فهناك نواب يتلقون أموالا لتغطية تكاليف مكاتبهم غير الموجودة). وتصف الإهمال في المجلس التشريعي بـ"المرعب"، ولذلك فإنها تقول:( مجلس تشريعي بهذا الشكل لا يوجد حاجة له، وكان يجب إغلاقه منذ زمن وتحويل موازنته إلى وزارة التنمية الاجتماعية.)

فاتورة سفريات بعض النواب مذهلة

وذكرت النائب أبو بكر، (وصلت فاتورة سفريات بعض نواب التشريعي مبالغ مذهلة تراوحت ما بين 30 – 70 ألف دولار، وتقول باستغراب: (آخر سفريات بعض النواب ووفد إداري من التشريعي كانت لحلف الناتو متسائلة ما هي علاقتهم بحلف الناتو، ويتلقون أموالا مرعبة بدل مهمة وسفرية ونوم في أفخم فنادق عمان، وإن دل ذلك على شيء إنما يدل على بلد ليس فيها مواطنة.)

وتؤكد النائب أبو بكر، أنها تلقت تهديدات عبر الهاتف عندما بدأت العمل في الكشف عن قضايا ضبط الفساد، لكنها تقول: (لن أسكت وهذه البلد لنا وليرحل الفاسدون منها، وهناك أفضل منا يجب أن يكونوا في التشريعي وفي مواقع أخرى.)

وتقول أبو بكر: (التشريعي بؤرة فساد، بينما كان يجب أن يكون بؤرة لتنظيم الحياة وضبط الفساد في الوطن لكنه هو أساس الفساد في الوطن، لذلك يجب مساءلة التشريعي، فهو كان يجب أن يكون المكان لوأد الفساد لكنه أصبح هو مكان لولادة الفساد.)

النفقات التشغيلية مُتخيلة وغير واقعية

وبحسب واقع النفقات التشغيلية في الموازنة العامة، لدى بعض مراكز المسؤولية المستحوذة على أعلى حصص من الموازنة، بحث عفانة، في أوجه الترشيد في (وزارة الصحة، المجلس التشريعي، هيئة الإذاعة والتلفزيون الفلسطينية، سلطة المياه، ووزارة الخارجية) لدراسة ماهية النفقات التشغيلية ضمنها.

وأكد عفانة، أن هناك توجها من قبل الحكومة لتخفيض النفقات التشغيلية، لكنه قال مستدركا: (إلا أن البيانات المتحققة فعليا لم تعكس ذلك.)

ويلاحظ عفانة، أن الحكومة تتوجه نحو تخفيض النفقات التشغيلية، وخاصة بعد العام 2015، حيث انخفضت النفقات التشغيلية المقدرة في العام 2016 بنسبة 7.5% عن العام 2015، كما استمر انخفاض النفقات التشغيلية المقدرة في العام 2017، وهذا يتوافق مع خطة ترشيد النفقات التي أطلقتها الحكومة، ولكن بيانات النفقات التشغيلية المتحققة فعليا، تشير إلى أنّ نتائج ترشيد النفقات ما زالت متواضعة ودون المأمول، بدلالة أن النفقات التشغيلية المتحققة في العامين 2016 و2017 ارتفعت عن المقدر وبنسبة 23%. الأمر الذي يتطلب من الحكومة ووزارة المالية مراجعة خطتها لتؤتي أكلها.

مجموعة مراكز مسؤولية ارتفعت فيها النفقات التحويلية المُنفقة فعليا

وبينما اكد الباحث عفانة، على وجود مجموعة مراكز مسؤولية ارتفعت فيها النفقات التحويلية المُنفقة فعليا، دون وجود تفاصيل حول المعايير والأسس التي يتم فيها الصرف الفعلي، مبينا أن النفقات التحويلية المخصصة للأسر الفقيرة في تناقص مستمر، مما يشكل تهديدا لآلاف الفقراء، والفئات الأقل حظا والأكثر تهميشا.

وهو الواقع الذي دفع عفانة، للمطالبة بضرورة تبني الحكومة لخطة تكاملية لترشيد النفقات العامة في مراكز المسؤولية المختلفة، بحيث تكون مبنية على منهج علمي تحليلي لواقع كل مركز مسؤولية، ومراعية لخصوصية كل منه، وملتزمة بمبدأ الشفافية فيما يتعلق بالنفقات التحويلية، وتوضيح مجالات إنفاقها في جميع مراكز المسؤولية، لتحديد أدق الأوجه للترشيد فيها.

وشدد عفانة، على ضرورة اتباع وزارة المالية النهج التشاركي مع المجتمع المدني، داعيا إياها للانفتاح ووضع معايير وضوابط في الصرف، مقدما مطلبا مفاده تطوير خطة للتقشف والترشيد تحول بدورها إلى تخفيض العجز، وتحسين الخدمات الحكومية الأساسية دون المساس في حقوق الفقراء والفئات المهمشة، وذلك بعد أن أفضت النتائج أن خطة الترشيد الحكومية غير واقعية ولا تعكس الوضع الحقيقي لكل مركز مسؤول.

بنود دخيلة على وزارة التنمية الاجتماعية

ويرى عفانة، أن إضافة بنود بالإكراه لا تمت بصلة لمضمون الوزارة وجل عملها، إذ يتم تحويل النفقات التحويلية بخصوصها بدون أن تنسجم مع فحوى الجسم الوزاري، وقد خص بالذكر تحميل النفقات التحويلية الخاصة "بتفريغات أو تعيينات 2005" على وزارة التنمية الاجتماعية، الأمر الذي يضخم بشكل مضلل نصيبها من النفقات التحويلية، إذ بلغ الإنفاق الفعلي لها لعام 2017 مليار ومليوني شيكل، في حين شغلت "تفريغات 2005" منه 200 مليون شيكل، أي حوالي 20% من ميزانية وزارة التنمية الاجتماعية.

إرهاق الخزينة العامة

وبهذا الصدد ذكرت هنادي براهمة - مديرة الموازنة في وزارة التنمية الاجتماعية، أن نسبة النفقات التحويلية لموازنة التنمية الاجتماعية بلغت نحو 92% وهي موجهة للمستفيدين من خلال الخدمات التي تقدمها الوزارة، وعلى رأسها برنامج التحويلات النقدية، الذي يخدم نحو 112 ألف أسرة فقيرة.

أما النفقات التشغيلية، فقالت: (إن نسبتها 5.7% من موازنة الوزارة، ويندرج في إطارها العاملين فيها وعددهم 1400 موظف مختص، 12% منهم فقط من الإداريين والباقي منهم من الكادر الميداني العامل في المديريات.) وأكدت براهمة، على أهمية رصد ميزانية إضافية للخدمات الاجتماعية، مبينة أن بعض الخدمات مرهونة بوجود برامج مؤسسات مانحة، كاليونيسيف وصناديق الأمم المتحدة لدعم النساء والسكان.

وتؤكد براهمة، التراجع في رصد الأسقف المالية منذ عام 2015، وقالت:(أن خطط ترشيد الإنفاق يجب أن تكون مدروسة ومتخصصة لكل قطاع، ويجب ألا تمس بالوزارة، نسبة لرسالتها، والبرامج التي تقوم عليها، وهيكل وصفها الوظيفي.)

وحول تفريغات 2005، ذكرت براهمة:(أن هناك 11850 شخص مدرج على "تفريغات غزة - 2005" لاعتبارات سياسية، وقد أضيف عليهم مؤخرا 60 اسم، لا تعلم عنهم الوزارة شيئا على الرغم من أنهم مدرجين كبند فيها.)