اسمُ جدّي القديمِ جدًّا (بدر)..
تضاربت الرواياتُ في سبب التسميةِ، وقرّ الرواةُ والنُسّابُ على أنّه: إمّا وُلِدَ يومَ معركةِ بدرٍ، وإمّا أنه شَهِدَ المعركةَ، وفي روايةٍ أخرى مضعّفةٍ: واستُشهِد فيها بسبعةٍ وعشرين سهمًا وضربة رمحٍ، وفي روايةٍ منبوذةٍ: أنّ جدّي كان من كفّارِ قريش..
ولدينا شجرةُ عائلةٍ مكتوبة على سعفِ النخيل، عمرُها ألفُ عام تقريبًا، نذودُ عنها بدمائِنا، ونعلّقها في صدرِ ديوانِ العشيرةِ، كما إنّ لدى كلٍّ منّا صورةً عنها، بعضُنا يضعها خلفيّةً على شاشةِ حاسوبِه، واغلبُنا يحتفظُ بها على هاتفِهِ النقّالِ، ويُشهرُها في وجوهِ الحسّادِ والمغرضين، ويباهي بها كلَّ أولئك الذين لا يعرفون اسمَ جدّهم الخامس.. باختصارٍ شديدٍ: غدا جدّي أيقونةً، نلوذ بها في أفراحِنا وأتراحِنا..
وعلى مرّ السنين، تطوّر اسمُ العائلةِ. فنحن أسرةٌ متجدِّدةٌ وحيويّةٌ، فصار (بدران) واستمرّ هذا زهاء قرنٍ ونصفٍ من الزمن القديم..
وذكرت الأخبارُ: أنّه كانت في عائلتِنا سيّدةٌ جميلةٌ، هي ثالثةُ زوجاتِ شيخِ عشيرتِنا، وكانت صاحبةَ رأيٍ رصينٍ، حتّى بلغَ بها الأمرُ أن كانت تجلسُ جوارَ جدّي الشيخِ علي، وتقضي بين الناسِ في قضايا الدّمِ. وقيلَ أيضًا: إنّ الناسَ قد حثّوه على إطلاقِ اسمِها على عشيرتِنا، لحصافتِها، وسعةِ أفقِها، وواسعِ معرفتِها، فصارَ اسمُ عشيرتِنا (بدور)..
ولقد ظلَلْنا نُسمّى عشيرةَ (البدور) لثلاثةِ أرباع القرنِ، حتى جاء من عابَ على العائلةِ، حملَ اسمِ امرأة. وصادفَ أن وقعت معركةٌ بين أبناء عشيرتِنا، وأبناء عشيرةٍ أخرى، عندما قامَ جمعٌ منّا بسرقةِ ستٍّة وعشرين رأسَ ماعِز، من أحد رعاتِهم، الذي أخبرهم أنّ السُّرّاقَ كانوا (بدارين)، فصار هذا اسمَ عشيرتِنا، لثلاثة قرون ونيّفٍ من السنوات..
ومع تطوُّرِ الوقتِ، بدا أنّ أجدادي صاروا أكثر ميلًا للتخفيفِ والتقصير. فتقلّبُ الاسمُ ما بين (بدير) و(بدّار) و(بدرو) و(مبدّر) و(بدري)، وكثيرٍ من هذه المسمّياتِ السخيفةِ، وغير اللّائقة بعشيرةٍ بحجمِ عشيرتي..
اليومَ انقلبت حافلةٌ تحملُ سبعةً وثلاثين صنديدًا من أقاربي، كانوا متوجهين، لطلبِ يدِ بنتِ الشيخِ (بتّار المغازي) لابن عمّي المهندس (فرحان)، ولم ينجُ منهم غير اثنين، لم يكن العريسُ بينهما..
أنا الآن في طريقي إلى ديوانِ العشيرةِ، للتحضير لطقوسِ العزاءِ، وعلى رأسِ اهتماماتي، مشروعٌ لتغييرِ اسمِ العشيرةِ إلى (البوادير)..