اذهبْ وحدكَ أيها الطريقُ،
أنا لن أذهبَ معك.
أُحبُّ المكان هنا تحت السماءِ هذهِ،
والخطوطَ المنحوتةَ في جذعِ الخروبةِ هذهِ،
وما أراهُ في صحبةِ النارِ هذهِ،
وما لا أراهُ في صحبةِ الانتباهةِ هذه،
وما يُخشخشُ في ليلِ الكائناتِ هذهِ،
وما يذهبُ في مدى المدينةِ هذهِ،
وما يأتي في لحظةِ النورِ هذه،
وما يتربّى في قعرِ روحي هذهِ.
اذهبْ وحدكَ أيها الطريق،
أنا لن أذهبَ معك.
لن أفوِّتَ الصيفَ من أجلِ لا شيء،
لن أفوِّتَ الضوءَ من أجلِ رحلةٍ تخلَّيتُ عنها طواعيةً عندما لمستني الحقيقةُ،
ولن أتركَ البيتَ من أجلِ حصاكَ وحشائشَكَ الناشفة،
لن أتخلَّى عن البنتِ التي وسَّعتْ روحَها من أجلِ بنتٍ ستذهبُ للصيد.
يا لهُ من مكانٍ هنا
يا لهُ من مكان!
أسمعُ الهواءَ يقولُ شيئاً للهواء،
يسمعُ الهواءُ ما يقولهُ الهواءُ،
يقولُ الهواءُ ما يسمعُ للعناقيد،
تقولُ العناقيدُ ما تسمعُ للعروق،
تقولُ العروقُ ما تسمعُ للتراب،
يقولُ الترابُ ما يسمعُ للهواء،
يقولُ الهواءُ ما يسمعُ لي.
يا لي من مكانٍ هنا،
يا لي من مكان!
يدخُلُني الهواءُ، فأشعلُ النار في حطبي ولا أكونُ وحدي بعدها.
اذهبْ وحدكَ أيها الطريق،
أنا لن أذهبَ معك.
في الخريف القادمِ أُكمِلُ الأربعينَ،
وأريدُ أن أبلغَ حكمتي هنا،
على طرف السورِ هذا،
قربَ بابِ الليلِ هذا،
فوق سطح بيتي هذا،
جوفَ بئرِ الروحِ هذا،
ولن أفوِّتَ أوَّل الطين من حياتي القادمة
من أجل لا شيء،
لن أفوِّتَ الكونَ من أجلِ حفنةٍ من تراب.