الأربعاء  27 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الفساد والانقسام السياسي ساهما بزيادة انتهاكات الحق في الصحة

2018-06-28 11:35:25 AM
الفساد والانقسام السياسي ساهما بزيادة انتهاكات الحق في الصحة
الخدمات الطبية (ارشيفية)

 

بعض مظاهر الفساد ما زالت ماثلة في انتشار الواسطة والمحسوبية في تلقي الخدمات الطبية، والأدوية والعلاج في الخارج

عدم الثقة التي يتحدثون عنها في النظام الصحي هي نتاج تطلعات المواطنين إلى ما هو أكثر من الإمكانيات المتاحة لوزارة الصحة

الحدث – خاص:

إن كان خبراء الصحة وباحثون اتفقوا على أن وزارة الصحة خطت خطوات وصفوها بالجيدة تجاه تحصين النظام الصحي ضد الفساد؛ فإنهم لم يختلفوا على أن بعض مظاهر الفساد ما زالت ماثلة في انتشار الواسطة والمحسوبية في تلقي الخدمات الطبية، والأدوية والعلاج في الخارج، وسوء استخدام الموارد العامة بما يخدم المرضى القادرين على دفع رسوم العيادات الخاصة، واستخدام النفوذ من أجل الحصول على تحويلات طبية وخدمات علاجية غير مشمولة في التأمين الصحي.

ويرى هؤلاء، أن الفساد والانقسام السياسي ساهما بزيادة انتهاكات الحق في الصحة وفرص الفساد من خلال مناكفات سياسية أدت إلى تقليص الخدمات ونقص الأدوية في قطاع غزة، إضافة إلى ضعف أنظمة الرقابة المهنية على مزودي الخدمات الصحية، بما في ذلك الأطباء والفنيين، وغياب نظام مساءلة يضمن منع المخطىء من مزاولة المهنة قبل إعادة تأهيله.

ويتفق جميعهم على أن عدم توفر الشفافية في إتاحة المعلومات بشكل واسع، وتسجيلها بشكل واضح لا يمنح المؤمنون في التأمين الصحي فرصة المطالبة بحقوقهم وفقا لما هو مسجل في عقد التأمين، وأن هذا الواقع يتيح الفرصة أحيانا لأي طرف متنفذ للاستفادة من حالة عدم الوضوح هذه.

الكثير من فرص الفساد والمحاباة والمحسوبية في أداء الجهاز الصحي

وإذ تقول الباحثة الدكتورة هديل قزاز: (على الرغم من التحسن الملموس على مؤشرات نجاح القطاع الصحي"بحسب وزارة الصحة"؛ إلا أن العديد من المواطنين يشعرون بعدم الرضا من أداء الجهاز الصحي، ويسود الشعور بأن هناك الكثير من فرص الفساد والمحاباة والمحسوبية، فالجهاز الصحي ورغم أنه يشكل نسبة مقبولة دوليا من الإنفاق الحكومي؛ إلا أنه مثقل بالاحتياجات والشكوى والشكوك.)

فإن مجدي أبو زيد - المدير التنفيذي لائتلاف (أمان)، يشدد على أهمية التركيز على العلاقة بين الفساد وتأثيره على التمتع بحقوق الإنسان بشكل عام وعلى الحق في الصحة بشكل خاص، حيث سبق وأن أعدت مؤسسته دراسات متخصصة تناولت فيها حالات تطبيقية لقياس علاقة الربط بين الفساد وحقوق الإنسان.

شراء أدوات أو مستلزمات أو أدوية غير ضرورية من شركات معينة مقابل عمولة

وبينما تؤكد د. قزاز، انتهاك الحق في الصحة وسوء استخدام الجهاز الصحي أحيانا يؤدي إلى انتهاك حقوق أخرى مثل الحصول على تقارير طبية مخالفة للواقع بهدف الحصول على رخصة قيادة مركبة يضع المواطنون في خطر وينتهك الحق في السلامة على الطرق. وكذلك الأمر بالنسبة للحصول على تقرير طبي مزيف بهدف الحصول على إجازة من العمل، الأمر الذي يضر بالمصلحة العامة، وأيضا الموافقة على شراء أدوات أو مستلزمات أو أدوية غير ضرورية أو ذات أنواع خاصة من شركات معينة مقابل عمولة يحصل عليها الموظف المسؤول أو الطبيب المعالج الذي يطلب وصفة طبية معينة للترويج لشركة ما بهدف مكاسب شخصية، إضافة إلى إعفاءات مالية أو تمكين بعض المرضى المتنفذين من الحصول على خدمات صحية، ليس من حقهم الانتفاع بها، والتحويلات الطبية إلى الخارج، وعدم إتاحة نفس الفرص لجميع المرضى في هذه التحويلات ووجود تمييز وواسطة ومحاباة فيها.)

وتقول قزاز: (كل هذه الانتهاكات تؤدي لإشكالات عامة تضعف منظومة حقوق الإنسان وتزيد من فرص الفساد، وغياب الثقة في النظام الصحي بشكل خاص، والسلطة بشكل عام.)

فإن النائب الدكتورة نجاة أبو بكر - عضو المجلس التشريعي، تكشف عن أشخاص قاموا بتوريد كمية من الأدوية في الثلث الأخير من مدة صلاحيتها بتكلفة إجمالية بلغت 2,5 مليون شيكل، لتشكل بعد شهرين لجان لإتلافها، وقالت: (هناك من يكسب.. وأصبحوا مليونيرات وهناك وزير "طار" لأنه قال سأضع محددات لشراء الأدوية، وهناك وزير "طار" لأنه قال لداليا في (بيت إيل)، لا أريد أن أحول مرضى لمستشفياتكم ونرفض أن تبقى المستشفيات الإسرائيلية تدّفعنا "خاوة" بدل ثمن شراء الخدمة.)

جزء كبير من المشكلة في وزارة الصحة إداري أكثر منه فساد

ولكن د. وليد الخطيب - مدير الصحة المدرسية، مسؤول برنامج حماية الأطفال والإعاقة، ومنسق الحقوق الصحية في وزارة الصحة، يرى أن جزءا كبيرا من المشكلة في وزارة الصحة إداري أكثر منه فساد، وقال: ( نتميز في خدمة الرعاية الأولية عن الكثير من الدول في المنطقة ومن دول العالم الثاني في المؤشرات الصحية الخاصة بالطفل وصحة المرأة.. الخ، ونطبق حقوق الإنسان في هذا المجال بشكل مشرف.) لكنه يقر في أن الكثير من القضايا المتعلقة بالمستشفيات تحتاج من وزارة الصحة إلى جهود إضافية، كالإشراف الذي يعتبره جزءا إداريا.

ويرى الخطيب، أن عدم الثقة التي يتحدثون عنها في النظام الصحي هي نتاج تطلعات المواطن إلى ما هو أكثر من الإمكانيات المتاحة لوزارة الصحة، ويأسف (لأنهم ينظرون للجانب السلبي من السلوكيات غير المحببة كاستغلال الأطباء في عياداتهم الخاصة، وتعميم قضية المواعيد المتأخرة للعمليات الجراحية وكأنه لا يتم الحصول عليها إلا بالواسطات، مع أنه لا ينفي إمكانية حصول مريض على عملية في غير أوانها، ولكنه قال: (بالنظر إلى ما كانت عليه خدمات وزارة الصحة عندما تسلمتها السلطة بالوضع الحالي، يلاحظ التطور الكبير في تقديم تلك الخدمات، ولكن هذا لا يعني أنه لا توجد أخطاء من الأطباء الذين يمكن أن يستغلوا عياداتهم فهذا صحيح واتفق معه.)

مظاهر الفساد في خدمة التأمين الصحي

 وتلاحظ د. قزاز، أن الواسطة والمحسوبية تستخدم في الحصول على خدمات صحية غير متضمنة في التأمين الصحي، أو أخذ دور مسبق في الحصول على الخدمة بدون وجه حق، وعلى حساب المرضى المنتفعين الآخرين.

وقالت: (إن التمييز بين المنتفعين يؤدي إلى وجود حالات تضارب مصالح، أو سوء استخدام الموقع من قبل بعض المسؤولين، وفي الواقع لا يحصل مشتركي التأمين الصحي على الخدمات الصحية اللازمة بكفاءة وبجودة عالية دائما وعلى قدم المساواة، كما ويفترض التأمين الصحي مساهمة المريض بنسبة من العلاج، ولا يغطي خدمات محددة قد تكون ضرورية إما لعدم توافرها، أو لأن تكلفتها مرتفعة، أو لوجود خلل معين في الأجهزة ما يؤدي إلى انتهاك الحق في الصحة وفي الرعاية الصحية ذات الجودة المناسبة، والميسورة التكلفة فهي غير متاحة ضمن التأمين الصحي الحكومي رغم شموليته، ما يؤدي إلى تحمل الفئات الفقيرة في المجتمع الكثير من الأعباء بسبب التكاليف المالية لبعض الفحوصات المخبرية، والأدوية والتجهيزات الخاصة التي لا يغطيها التأمين أو يغطي نسبة منها فقط، هذا الأمر يخلق فرصا للفساد مثل اللجوء إلى الواسطة، وبناء علاقة زبائنية مع بعض موفري الخدمات من القطاع الخاص مثل شركات الأدوية والمختبرات ومراكز الأشعة، حيث يصبح من المألوف أن يقوم الطبيب بتحويل المرضى إلى مركز معين، أو يقوم بوصف أنواع محددة من الأدوية مقابل نسبة من الأرباح دون أن يخضع هو أو مزود الخدمة من القطاع الخاص لأي نوع من المساءلة.)

وتؤكد د. قزاز، الشعور بوجود المحاباة والمحسوبية التي تسود في تقديم الخدمات الطبية، مبينة أن الشكوى من التمييز والواسطة والمحسوبية جاءت على لسان الأشخاص ذوي الإعاقة والأمراض المزمنة، الأمر الذي جعلها تطالب برقابة ميدانية على الممارسات اليومية للكوادر الطبية.

تأمين صحي ظالم للشعب الفلسطيني

في حين يصف د. ياسر أبو صفية - رئيس اتحاد المستشفيات الخاصة، التأمين الصحي بالظالم للشعب الفلسطيني وقال: (يظلم الاستاذ والشرطي إضافة إلى موظفي القطاع العام الذين يدفعون من رواتبهم قهرا كل شهر مثل المليونير الذي يحصل على تأمين خلال 5 دقائق بـ 900 شيكل ويحصل على خدمة في هداسا، وليس في الاستشاري أو العربي، فهذا نظام صحي ظالم بمعنى الكلمة، بينما الموظفين قد لا يستفيدون منه غير حبة دواء أو أنهم لجأوا إلى المستشفيات ولم يتلقوا العناية اللازمة.)

ويرى د. أبو صفية: (أن التأمين الصحي يجب أن يكون تكافليا ومربوطا بضريبة الدخل، بحيث أن الغني أو المقتدر يحمل غير المقتدر وبنفس الوقت هنا تحصل شبهة الفساد، نحن نهتم بالتأمين الصحي لذوي النفوذ ولا نهتم بذوي المرض، وقد يكون أحد أصحاب النفوذ يعاني من عارض صحي بسيط جدا يمكن معالجته في المقاصد أو رام الله، لكنه من الغريب أنه يتلقى العلاج بتحويله إلى إسرائيل، هذه لوحدها شبهة فساد.)

سوء استغلال المنصب يزيد من نفقات التأمين الصحي

وتؤكد د. قزاز، أن بعض العاملين في مجال الصحة يستغلون مواقعهم في القطاع العام، لتحميل التأمين الحكومي تكاليف هي في الأصل لمصلحة مراكزهم وعياداتهم، ما يلحق الأذى بالآخرين ويقلل فرصهم في الحصول على الخدمات العامة وتحديدا عندما يضطر مرضى المستشفيات الحكومية لشراء خدمات غير متوفرة داخل المستشفى، يخلق فرصا للفساد حيث يسعى المرضى وأقاربهم للحصول على الخدمة من خلال شبكة علاقاتهم أو من خلال الالتزام بزيارة طبيب في عيادته الخاصة لضمان اهتمامه بهم، فيقوم الطبيب نفسه بتسهيل حصولهم على الخدمة داخل المستشفى الحكومي في استغلال واضح للمنصب العام من أجل منافع شخصية.

وتقول: (يسود الاعتقاد في المجتمع أن أقصر الطرق للانتفاع من التأمين الحكومي هو من خلال الأطباء الذين يعملون في عيادات خاصة إلى جانب عملهم في المشافي الحكومية من خلال قدرتهم على التأثير في القرارات والمواعيد والفحوصات وتقريبها لمن يزورهم في عياداتهم الخاصة بأسرع وقت، على حساب المصلحة العامة من المرضى، كما أن ضعف التطور في أجندة ووسائل تقديم العلاج في بعض المستشفيات والمراكز الصحية أتاح فرصة استغلال ذلك لعدد من الأطباء من خلال تحويل بعض مرضى المستشفيات العامة للقطاع الخاص بهدف المنفعة الذاتية، كما يسود الاعتقاد بانعدام الإمكانية لحصولهم على خدمات صحية جيدة في القطاع الصحي الحكومي إلا إذا حصلوا على تسهيلات بالواسطة أو عن طريق التعاقد مع طبيب خارج المستشفى الذي يسهل لهم عمل الفحوصات داخل النظام الصحي الحكومي، ويحاول بعض الأطباء استخدام المرافق الحكومية لعمل عمليات جراحية لمرضى عياداتهم الخاصة مقابل دفع مبالغ كشف العيادات الخاصة.)

المشكلة في سلة الخدمات التي يغطيها التأمين

وفي هذا السياق يؤكد د. الخطيب أن أكثر من 96% من الشعب الفلسطيني مشمولين بنظام التأمين الصحي الحكومي منهم حوالي 30% لاجئين، وترتفع النسبة في غزة لتصل 100% مشمولين بالتأمين الصحي المجاني.

ولكن الخطيب، يرى أن المشكلة تكمن في سلة الخدمات التي يغطيها التأمين التي تستند إلى الإمكانيات الموجودة لدى الوزارة وهي غير منفصلة عن بقية الوزارات وبالعكس. مؤكدا أن الجزء الأكبر من العلاجات تتم للأمراض المزمنة وحوالي 60% من الميزانية تنفق على التحويلات الخارجية، بالإضافة إلى تغطية التأمين للأمراض النفسية، السرطان، وأمراض أخرى تغطى مجانا.

 

زيادة الطلب على التحويلات وكثرة تدخلات الوسطاء

تقول د. قزاز: (بسبب زيادة الطلب على تحويل مرضى خارج القطاع الحكومي وكثرة التدخلات من الوسطاء في عمليات التحويلات، وما زال هناك حاجة للتحويلات حتى بعد ما يقارب 20 سنة من استلام السلطة لمهامها هو بحد ذاته قضية تحتاج إلى وقفة، وخصوصا إذا كانت التحويلات لعمليات وإجراءات طبية يمكن عملها في الضفة وقطاع غزة إذا توفرت احتياجات أساسية مثل المواد والأدوية الكيميائية لمرضى السرطان أو قطع غيار أو أجهزة معينة لمرضى الكلى، كما أن التحويلات خارج صلاحيات سلة التأمينات بقرارات استثنائية لصالح أفراد متنفذين وبكلفة عالية جدا أدى ليس فقط إلى استنفاذ أموال التأمين؛ بل أيضا إلى استهلاك موارد كبيرة من موازنة السلطة، مما يلحق الأذى بحقوق المؤمنين خاصة غير القادرين على شراء الخدمة من القطاع الخاص ويهدر المال العام.)

وأشارت د. قزاز، إلى أن بعض المرضى اشتكوا من تحويلهم لمستشفى تعليمي في الضفة الغربية، علما بأن نوعية مرضهم لا يتم علاجها في ذلك المستشفى، وسط توقعات بأن المستشفى يستفيد ماديا من قضاء المريض ليلة واحدة على الأقل، بينما قد تكون هذه الليلة هامة في رحلة علاجه.

وفي هذا السياق كشفت النائب د. أبو بكر، (عن قضية تحويل من واحدة من الخدمات الطبية لسيدة كانت بحاجة لعملية شفط دهون تجميلية بسيطة، وعندما أشارت لهم إلى الأمكنة التي ترغب شفط الدهون من جسمها، قالوا لها جاءتنا تحويلتك تقتضي إضافة شفط الدهون جراء عملية في الأمعاء حيث بلغت قيمة فاتورتها 69 ألف شيكل خلال ليلتين، وكان بالإمكان أن تجريها مقابل 3800 شيكل في مستشفى خاص.)

بخصوص نظام التحويل وشبهات الفساد

وإذ يقر د. الخطيب، أن المصاريف التي أنفقتها وزارة الصحة على التحويلات في الخارج لو استثمرتها على تطوير مستشفياتها، فإنه كان يمكنها الاستغناء عن الحاجة للتحويلات الخارجية، ولكنه يأسف بشدة (لوجود سياسات أعلى من الوزارة متعلقة بقضية التحويلات وهذه أرهقت الوزارة وميزانيتها.)

فإن الدكتور أبو صفية، يؤكد أن في التحويلات الكثير من شبهات الفساد، ويقول: (إن وجدت خدمة في مستشفيات المطلع أو نابلس أو المقاصد؛ لماذا يذهب المريض من دائرة شراء الخدمة إلى "هداسا"؟ علما بأن تكلفة هذه الخدمة تساوي ثلاثة أضعاف المستشفيات المحلية، والقطاع الخاص الفلسطيني يدفع من هذه الفاتورة 16% ضريبة مضافة ويدفع ضريبة دخل من موظفيه ومن المستشفى، بمعنى آخر يتم رفد الدولة بـ 21% من تلك الفاتورة، بينما الإسرائيليون يأخذون لحساب المقاصة دون أن يدقق وراءهم، باعتراف كبير محاسبي وزارة الصحة لأنه لا يوجد تدقيق منذ سنتين على أي فاتورة إسرائيلية من هداسا أو تل هاشومير أو أي مستشفى إسرائيلي.)

ويؤكد أبو صفية، أن من حق المريض أن يختار طبيبه أو مستشفاه ويمنع أن يفرض عليه مستشفى معين، لذا يجب منع إرسال المريض إلى اطباء معينين، وهو ما اعتبره بحد ذاته انتهاك لحقوق الانسان، ويتساءل، لماذا لا تتم شراء الخدمة ضمن عطاء؟ ولماذا لا تجبر المستشفيات على توحيد أسعارها؟. ولهذا السبب يعتبر د. أبو صفية، أن هذه شبهة فساد ومس بحقوق الإنسان فيها.

ويقول د. أبو صفية: (إن التحويلات إلى إسرائيل ما زالت تستنزف الميزانية الفلسطينية ولم تقل، قد تكون انخفضت عدديا لكنها زادت تكلفة ومالا، وإن كنا نريد مقاطعة المنتجات الإسرائيلية من باب أولى مقاطعة المستشفيات الإسرائيلية، وطالما هذه الخدمة غير موجودة علينا توفيرها بأسرع وقت ممكن بجذب الكفاءات الفلسطينية المنتشرة في أمريكا وأوروبا.)

الأخطاء الطبية المحاسبة والمساءلة

وبينما أكدت د. القزاز، وجود مشكلة حقيقية في التحقيقات الإدارية التي تجريها لجان التحقيق الطبية؛ (حيث أنها قليلا ما تدين أحدا بوقوع خطأ طبي، وإذا تطلب ذلك بشكل مباشر، وإنما من خلال جملة الإجراءات التي توصي باتخاذها في المؤسسة المشكو منها، بالإضافة إلى عدم وجود أحكام قانونية خاصة بالمساءلة عن الخطأ الطبي بشكل خاص على المستويات الإدارية والقضائية والتشريعية، وعدم وجود نظام قانوني إلزامي للتأمين ضد الأخطاء الطبية.)

وهو الأمر الذي يرى فيه د. الخطيب إشكالية، عندما قال: (ليست كل دعاية تسمع بين الناس قد تكون صحيحة أو أنها خطأ طبي، منتقدا جاهزية المجتمع لتصديق كل ما يقال بسبب ضعف أو قلة الثقة بالمستشفى، وبالتالي فالأخطاء ليست بالضرورة أن تكون طبية).

وفي كل الأحوال فإن د. الخطيب، أكد حدوث حالات من أخطاء الأطباء والتمريض وتمت محاسبتهم عليها، ولكنه يرى أنه قد يكون هناك حاجة أكثر لتعزيز عملية الرقابة والمساءلة، بحيث لا تترك تساؤلات بأنه يوجد من وراءها فساد.

ويرى، أن المشكلة في الجدال القوي ما بين النظام المقترح لحماية الطبيب من الأخطاء الطبية مع رئاسة الوزارة والتوقيع عليه في الجلسة الأخيرة، والذي سجل الأطباء تحفظاتهم عليه ويطالبون ببعض التعديلات، (فالمقترح الحالي يشير إلى أن الطبيب يبقى متهما إلى حين إثبات براءته، لأنه في العرف الطبي معروف أنه إذا وقع خطأ طبي يتم تشكيل لجنة، وإن ثبت أنه كذلك يتحمل المسؤولية، وليست كل الأخطاء تعتبر خطأ طبيا حتى لو أدى إلى وفاة المريض، إلا بعد تشكيل لجنة تثبت أن هذا خطأ طبي.)

مشروع قانون السلامة والصحة الطبية مقدمة يُمكن البناء عليها

هذا الواقع الذي تحدثت عنه د. قزاز دفع أبو زيد، للإصرار بمطالبته على إقرار قانون تأمين صحي شامل وعادل. ويرى، أن الحل يكمن بضرورة تشريع قانون حول الأخطاء الطبية، والذي تم إقراره من مجلس الوزراء ورفعه إلى الرئيس لإصداره.

 وقال: (ينظر ائتلاف أمان بعين الايجابية إلى هذا التطور ويثمن الاستجابة من قبل الحكومة لتوصيات ومطالبات المجتمع المدني من سنوات لإقرار هذا القانون.)

وهو ما يتفق معه د. الخطيب، الذي أكد على الحاجة الماسة لتعديل قانون الصحة العامة، خاصة وأن هناك بنود خاصة بحقوق الإنسان لم يذكرها القانون مثل حماية الأطفال من العنف والإساءة والإهمال للأشخاص ذوي الإعاقة.