الحدث- ريم أبو لبن
"المنظمات التركية العاملة في القدس تتبع منظمات المجتمع المدني ولا علاقة لها بالحكومة التركية، وتبتعد عن أي أطر سياسية وحزبية "هذا ما أكده لـ"الحدث" الخبير في شؤون القدس د.جمال عمرو، موضحاً بذلك قيام مؤسسات تركية غير حكومية بترميم المباني في البلدة القديمة في مدينة القدس المحتلة، وتقديم المساعدات للجمعيات المقدسية " الفقيرة"، وللغرفة التجارية الصناعية بالقدس.
وقال عمرو لـ"الحدث": "جاء العثمانيون اليوم ليحيو القدس من خلال مؤسسات تركية متنافسة ومتعددة ومن بينها مؤسسة تراثنا، لاسيما وأن فتح الله غولن كان لديه مؤسسة في رأس العامود في القدس، قبل الانقلاب ضد أردوغان".
وأضاف: "الأتراك يعملون بصمت في مدينة القدس، حيث لا تصدر عنهم أرقام رسمية توضح حجم الدعم المقدم من قبلهم، ومعظم دعمهم يتجه صوب دعم جمعيات مقدسية وترميم المباني ودعم المدارس، وتقديم المساعدات لكبار السن والأطفال".
وأوضح عمرو بأن من وصفهم بـ "أبناء آسيا الصغرى"لا ينسون جذورهم، وما يميز الشعب التركي هو العودة لتلك الجذور، وعليه فإن القدس بالنسبة لهم لها طابعها الخاص وهي امتداد للحقبة العثمانية.
في ذات السياق، قال: "العثمانيون ليسوا غرباء عن المكان، فهم قاموا بحماية القدس لأكثر من 400 عاماً".
الإسرائيليون يلاحقون الأتراك
وعن أشكال الدعم التركي السابق لـ القدس المحتلة، قال عمرو: "الدعم التركي ليس بالأمر الجديد، لاسيما وأنهم عمدوا على بناء سور يحيط به كلا من المقبرة اليوسفية والرحمة، حيث تبعثرت عظام الموتى بفعل الجرافات الإسرائيلية، وقد دفعوا حينها مبلغاً باهضاَ جدا".
واستكمل حديثه موضحاً الأساليب الإسرائيلية للوقوف ضد ما يقوم به الأتراك: "حينها تم وضع العلم التركي على السور، وجاء جنود الاحتلال وأسقطوا العلم، ويقومون بإعاقة عملهم على الدوام ومنهم من تم اعتقاله والبعض تم ملاحقتهم عبر المطار.. لذا فالأتراك يعملون بصمت ويخافون من أن يتم احتسابهم على أي جهة كانت ".
وفي معرض الرد على التصريحات الإسرائيلية التي تؤكد محاولة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان فرض ملكيته وسيطرته على القدس وقضيتها، قال عمرو: "يستحيل ذلك، فإن البيئة التاريخية والحضارية للقدس بجانب أسلوب حياة مواطنيها تؤكد على تمسك سكانها بها ولن تعطى لا لتركيا ولا لغيرها".
وقال: "ما جرى بأن الإسرائيليون راهنوا مع بعض الدول العربية على فوز المرشح انجي في الانتخابات الرئاسية التركية، وبهدف إنهاء الملف والخلاص من عدوهم أردوغان، فهو يسبب الصداع لهم، ولتحقيق هذا الغرض قامت بضخ مئات الليرات التركية في تركيا، وتم إيقاف جميع الرحلات السياحية إليها، وقد عمدوا على تجفيف منابع أي إنجازات أخيرة لأردوغان".
وماذا حدث؟، أردوغان حقق الفوز في الانتخابات الرئاسية التركية، وبالنهاية سبب "الصداع" للإسرائيليين على حد تعبير عمرو. وقال: "البوق الإعلامي الإسرائيلي لم يصمت".
وأوضح الخبير عمرو بأنه على القيادة الفلسطينية أن تعلن القدس مدينة "منكوبة" وفق المعايير العالمية وهي بحاجة إلى ما يسمى "مشروع إنقاذ".
قال: "إسرائيل عمدت على ضخ قرابة 17,4 مليار دولار في القدس بهدف تهويدها، وجاء هذا في وثيقة قدمتها عام 2014 لـ نبيل العربي وهو أمين عام جامعة الدول العربية في ذلك الوقت".
أما عن الدعم التركي للقدس المحتلة، فلم يصدر أي أرقام رسمية بهذا الخصوص بحسب ما أوضح عمرو.
"ليس لدينا أي مستجدات بهذا الأمر، ولكن من يقدم الدعم للأوقاف في القدس هي منظمة التعاون، وهي تضم دولا مختلفة ومن بينها تركيا، والدعم موجه للمدارس وترميم البلدة القديمة والمحلات التجارية". هذا ما أكده لـ" الحدث" مدير المسجد الأقصى عمر الكسواني.
صحيفة " إسرائيل اليوم" جاء فيها بأن تركيا مستمرة في تعميق وجودها في القدس الشرقية، مشيرةً إلى أن مؤسسات تركية تقوم مؤخرا بترميم بعض المنازل في القدس، بالإضافة لتوزيع كوبونات غذائية على المحتاجين في المدينة.
فيما أوضحت الصحيفة بأن مؤسسة "تراثنا" التركية تعمد على تعميق الوجود التركي في القدس الشرقية بجانب عدة جميعات أخرى، كما أن مؤسسة " تيكا" التركية قامت بتوزيع "شيكات" في شهر رمضان والتي بلغت قيمتها 500 دولار لكل تاجر في القدس.
" أي دعم للقدس هو دعم شرعي .."
" لم نحصل على أي دعم مباشر من قبل الحكومة التركية، وقد يكون هناك بعض التجار الذين حصلوا على دعم مباشر من قبل جهات تركية ". هذا ما أكده لـ"الحدث" السيد لؤي الحسيني وهو المدير العام للغرفة التجارية الصناعية في القدس .
أضاف: "حاليا لا يوجد أي مشاريع قائمة مع الأتراك، ولكن الوضع الاقتصادي في البلدة القديمة تحديداً بحاجة إلى أي دعم، وهناك عدة مؤسسات تركية تساهم في ذاك الدعم".
وأكمل حديثه: "أي دعم للقدس هو دعم شرعي وقانوني".
صحيفة "هآرتس " الإسرائيلية أشارت بأن دولة الاحتلال حذرت العام الماضي من تنامي النشاط التركي في القدس، معتبرة ما تقوم به المؤسسات التركية الداعمة هو جزء من محاولة الرئيس أردوغان المطالبة بـ حق الملكية تجاه القدس وقضيتها.
وجاء في "هآرتس" وضمن تقرير معنون بـ (الأردن والسعودية وفلسطينون يحذرون إسرائيل: أعمال أردوغان في القدس تحت أنوفكم):" قال مسؤولون كبار في كلا من عمان ورام الله لـ إسرائيل بأن تركيا توسع من نفوذها داخل الأحياء العربية في القدس".
أضافت: "مسؤولون كبار في وزارة الجيش الإسرائيلي على علم بما يجري، وبالقضية التي لاقت المزيد من الاهتمام".
مصادر إسرائيلية: تركيا تحاول بسط نفوذها في القدس
وجاء في النص المترجم عن "صحيفة هآرتس": "لقد تم رصد محاولات تركيا للحصول على نفوذ في منطقة القدس الشرقية من قبل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية منذ أكثر من عام".
وأضاف بحسب مصادر إسرائيلية: "هناك عدة طرق اتبعتها تركيا لدعم مدينة القدس وتشمل التبرعات التي قدمتها المنظمات الإسلامية للأحياء العربية، والتي تتضمن أيضا تنظيم رحلات منظمة من قبل الجماعات الإسلامية في تركيا، وبعضها مرتبط بشكل وثيق بحزب العدالة والتنمية، إذ قام أردوغان بجلب الآلاف من المواطنين الأتراك إلى القدس خلال العام الماضي".
وفي المقابل، وجه مسؤولون أردنيون انتقادات لـ إسرائيل بوصفها "نائمة على عجلة القيادة"، معبرين بهذا الوصف عن أن إسرائيل كانت بطيئة تجاه الرد بتواجد تركيا المتزايد في القدس الشرقية.
"أما فيما يتعلق بالسلطة الفلسطينية، فإن مصدر القلق الرئيسي هو أن الدعم التركي سيعزز من وجود الجماعات الإسلامية التي تعارض السلطة الفلسطينية، وحماس هي الأقرب ايديولوجيا وسياسياً لمنافسة السلطة في غزة". هذا ما جاء في صحيفة "هآرتس"
أما المملكة العربية السعودية على حد تعبير الصحيفة فقد أعربت عن قلقها من محاولة أردوغان حشد قضية القدس لصالحه ومن أجل تعزيز صورته أمام الدول العربية والعالم الإسلامي، وهو يقدم نفسه بوصفه القائد الوحيد الذي يقف حقاً أمام دولة الاحتلال وإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وهنا يقول الخبير في شؤون القدس د. جمال عمرو: "استفقنا من صناديق الخمر التي جاءت مع الجيش البريطاني حينها تقسم العرب والأتراك، لاسيما وأن العرب استغرقو 100 عام للاستيقاظ".
وأنهى حديثه: "عام 1918 شربنا، وفي عام 2017 استفقنا .. هذا حالنا ".