الحدث
في ظل انسداد أُفق الحل السياسي وتعثر عملية السلام مما يعني أن إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة أصبح مشروعَ طموحٍ بعيد المدى، هذا يتطلب منا العمل على تعزيز صمود الفلسطيني على أرضه وبذل الجهد لبناء وتطوير الشخصية الوطنية الفلسطينية وخاصة عند الأجيال القادمة.
إن الهوية الوطنية الفلسطينية وخاصة عند الشباب؛ خافتة وضعيفة على حساب الهوية الدينية أو القبلية أو الجغرافية.
إن لضعف الهوية الوطنية الخالصة أسباب متعددة أهمها تراجع دور الحركات الوطنية في الميدان وفي عملية التعبئة والتثقيف الفكري والسياسي.
كما أن المتغيرات في المحيط كان لها أثر كبير في تعزيز العضوية الفئوية الدينية الطائفية أو الجغرافية.
إن الطريق المسدود أمام إنجاز المشروع الوطني الفلسطيني يتحمل مسؤوليته أصلاً المشروع الاستعماري الصهيوني المدعوم من أمريكا وبتآمر واضح من الأنظمة العربية التابعة، كما أن ردود الفعل الهامشية في الوطن العربي عامة على الصعيدين الرسمي والشعبي على مشاريع تصفية القضية الفلسطينية وتهويد القدس تؤكد تماماً بأن جوهر الصراع هو صراع وطني تحرري في مواجهة مشروع استعماري كولونيالي، و لذلك لم يتبقى أمامنا من طريق سوى الاعتماد على الذات من خلال إعادة الاعتبار إلى جوهر الصراع الأساسي وعدم الانجرار إلى ما يريدهُ الطرف الآخر في جرنا إلى أكذوبة الصراع الديني، ومن هنا ما نستطيع عمله هو تعزيز الصمود الوطني وبناء مؤسسات قوية وفاعلة ذات صلة على الصعيد التربوي والاقتصادي والصناعي والصحي والزراعي وغيره.
وفي هذا السياق لابد من إقرار قانون خدمة مجتمعية لأبنائنا الشباب والشابات لصقلهم وصهرهم في هذا المجتمع حتى يساهموا ويشاركوا في بنائهِ وتطويره.
إن هكذا قانون إن طبق بطريقة منطقية ومعقولة، كأن تكون مدة الخدمة مثلاً شهرا أو شهرين على الأكثر لطلبة من الحادي عشر كشرط لتسجيلهم في الصف الثاني عشر سيكون لهُ فوائد كبيرة.
أولاً :- تعزيز فكرة المشاركة المجتمعية للشباب من خلال توزيعهم على مناطق جغرافية مُغايرة لمكان سكنهم مما سيساعد في تعريف أبنائنا على نماذج مُجتمعية مختلفة في نفس الوطن.
ثانياُ :- تعزيز روح العمل التطوعي الجماعي في خدمة الكل العام على حساب العمل المدفوع الأجر في خدمة الذات أو العائلة.
ثالثاً :- تعزيز روح المشاركة والمساعدة في مجالات مجتمعية مختلفة كالمساعدة في جني المحاصيل الزراعية أو البلديات والمجالس المحلية أو دور رعاية المسنين أو المراكز الطبية أو وزارة الأشغال وغيرها.
إن هكذا مشروع وإن تم إقراره سيساعد على تعزيز الانتماء للوطن ككل ويخفف من التعصب القبلي أو الجغرافي المقيت والمتنامي في وطننا ويساعد على تعزيز الشخصية الوطنية والهوية الفلسطينية الجامعة، كما أنهُ وبلا شك سيكون لهُ فوائد اقتصادية ومُجتمعية هامة على طريق بناء وطن فلسطيني موحد إلى حين أن ترى الدولة الفلسطينية المستقلة طريقها إلى النور.