الحدث العربي والدولي
نشرت وكالة أنباء "أسوشيتد برس" تقريرا للصحافي جوزيف فيدرمان، يقول فيه إن إسرائيل حددت خطوطها الحمراء لسوريا ما بعد الحرب.
ويشير التقرير، إلى أن إسرائيل تقوم وبشكل هادئ بوضع قواعد العلاقة مع نظام بشار الأسد، الذي تعتقد أن قواته ستعيد السيطرة قريبا على جنوب البلاد، لافتا إلى أن الهم الأكبر لإسرائيل هو إيران حليفة الأسد، وتريد أن تبعدها قدر الإمكان عن حدودها الشمالية، إلى جانب الجماعة الوكيلة لها، وهي حزب الله.
وينقل فيدرمان عن مسؤول إسرائيلي كبير، قوله: "مطلبنا هو انسحاب القوات الإيرانية أو خروجها من سوريا بشكل كامل، خاصة من الجنوب الغربي لسوريا".
وتعلق الوكالة قائلة إن الموقف الإسرائيلي يمثل تحولا، خاصة أن القادة الإسرائيليين كانوا يتوقعون الإطاحة بالأسد، وتحدث البعض عن علاقات في المستقبل مع سوريا الديمقراطية بعد رحيله، مشيرة إلى أنه في الوقت الذي تميز فيه الموقف الإسرائيلي بالحذر من دعم طرف في الحرب الأهلية، إلا أن إسرائيل قدمت الدعم الإنساني لجماعات التمرد ضد الأسد، وحاولت استعراض خدماتها عندما قالت إنها استقبلت آلافا من جرحى الحرب السورية.
ويستدرك التقرير بأن هناك شعورا في إسرائيل، كما هو الحال في الغرب، بأنه على الرغم من وحشية الأسد وقسوته في الحرب، التي أجبرت الملايين على الهروب من بلادهم، وقتلت مئات الآلاف، فإن نجاته من الحرب ربما كانت أفضل من سيطرة تنظيم الدولة، الذي ظهر بصفته قوة ضاربة بالنسبة للجماعات المعادية له.
ويقول الكاتب إن القادة الإسرائيليين أرسلوا سلسلة من الرسائل التي كانت واضحة، وتتوقع من الأسد وحلفائه الإيرانيين الالتزام بسلسلة الاتفاقيات القديمة بشأن المناطق المنزوعة السلاح، التي تحدد عدد القوات التي يجب نشرها من كل جانب، ومساحتها 25 ميلا.
وتورد الوكالة نقلا عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قوله: "لدينا اتفاق فصل قوات مع سوريا منذ عام 1974.. هو مبدأ موجه وسنلتزم به بشددة، ويجب على الآخرين والجميع" الالتزام به.
ويلفت التقرير إلى أنه تم توقيع الاتفاق بعد عام من الحرب العربية الإسرائيلية، التي فشلت فيها القوات السورية باستعادة جزء كبير من مرتفعات الجولان التي احتلتها إسرائيل عام 1967، وضمتها إسرائيل، حيث نشرت فيها قوات، وأقامت مستوطنات، فأصبحت هذه القوات غير بعيدة عن دمشق العاصمة سوى عدة أميال.
ويفيد فيدرمان بأنه مع المطالب السورية المتعددة باستعادتها، وعدم اعتراف عدد من الدول بالضم، إلا أن الحدود كانت هادئة على مدار عقود، مشيرا إلى أن إسرائيل وسوريا وصلتا إلى مرحلة اتفاق سلام، يتم فيه تبادل الأراضي، إلا أن الفوضى اليوم في سوريا تعد بالنسبة لإسرائيل مبررا لبقائها في الجولان.
وتذكر الوكالة أنه تم الالتزام بالاتفاق بشكل عام حتى الحرب السورية، إلا أن إسرائيل غضت الطرف عن بعض الانتهاكات للاتفاق خلال الحرب، خاصة أنه كان من الصعب فرض الاتفاق أثناء القتال، مستدركة بأن إسرائيل تريد الآن من الأسد الذي يعيد السيطرة على المناطق الالتزام به من جديد.
وينقل التقرير عن مسؤول عسكري إسرائيلي، تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته، قوله إن إسرائيل، وإن لم تكن تحب الأسد، إلا أنها تعترف بالواقع، وأضاف: "نحن نبحث عن عنوان نثق به، ونبحث عن دفاع وأمن لأراضينا ومصلحة شعبنا.. لو حصلنا على ذلك فهذا جيد".
ويورد الكاتب نقلا عن المنسق الإسرائيلي السابق مع مراقبي الأمم المتحدة في الجولان ستيفان كوهين، قوله إنه يتوقع من سوريا الالتزام باتفاق عام 1974، كما فعلت في الماضي، وأضاف: "المشكلة هي ما يحمله الوضع الحالي، وهي إيران وحزب الله والجماعات الشيعية الأخرى، وهذا هو الموضوع"، مشيرا إلى أن المشكلة هي أن مراقبي الأمم المتحدة أجبروا على ترك مواقعهم أثناء القتال، ويجب عودتهم لمراقبة الهدنة.
وتبين الوكالة أن إسرائيل تعد إيران بمثابة التهديد الأكبر؛ بسبب دعوات طهران المتكررة لتدمير إسرائيل، ودعمها لحزب الله والجماعات المتشددة الأخرى، ونشرها الصواريخ في سوريا، مستدركة بأنه رغم عدم دعم إسرائيل لأطراف الحرب، إلا أنها كانت ناشطة في الجو، واعترفت بشن عدد من الغارات على مواقع لحزب الله، وضرب قوافل عسكرية كانت في طريقها للحزب.
وينوه التقرير إلى أن الأمور كادت أن تتطور في شهر شباط/ فبراير، عندما دخلت طائرة إيرانية دون طيار الأجواء الإسرائيلية، ما أدى إلى رد في سوريا، خسرت فيه إسرائيل مقاتلة "أف16"، وفي أيار/ىمايو دمرت إسرائيل مواقع داخل سوريا، في رد على هجمات صاروخية إيرانية.
ويشير فيدرمان إلى أن إسرائيل أكدت منذ ذلك مرارا أنها لن تسمح لإيران أو الجماعات الشيعية الوكيلة ببناء وجود دائم لها في سوريا ما بعد الحرب، وعبر المسؤولون الإسرائيليون عن قلقهم من استخدام إيران هذه القوى لشن هجمات ذات وتيرة منخفضة "حرب استنزاف" ضد إسرائيل.
وبحسب الوكالة، فإن روسيا ستؤدي دورا مهما، خاصة أنها أرسلت قوات لدعم الأسد، فيما أعلن عن زيارة في الأسبوع المقبل لنتنياهو إلى موسكو، في سلسلة من الزيارات لمناقشة الأوضاع في سوريا، حيث احتفظت كل من إسرائيل وروسيا بخط ساخن لمنع وقوع تصادم في الأجواء.
ويلفت التقرير إلى أنه في قتال جديد يوم الخميس، فإن القوات الروسية وتلك التابعة للأسد شنت سلسلة من الهجمات ضد مواقع المعارضة في جنوب غرب البلاد، ودفعت باتجاه مدينة درعا، بعد فشل المفاوضات بين الروس وجماعات المعارضة، مشيرا إلى أن الحكومة السورية، التي بدأت عمليتها في 19 حزيران/ يونيو، سيطرت على مناطق كبيرة، وأجبرت حوالي 330 ألف نسمة على الفرار من بيوتهم.
وتختم "أسوشيتد برس" تقريرها بالإشارة إلى قول ناشطين، إن أعدادا من المدنيين قتلوا جراء القصف، وتم تشريد عشرات الآلاف، فيما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان في بريطانيا أن حوالي 600 غارة شنها النظام على محافظة درعا.
المصدر: عربي21