الأربعاء  27 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

السودان بين دعم فلسطين والجهاد في اليمن بقلم: ناجح شاهين

2018-07-07 12:25:56 PM
السودان بين دعم فلسطين والجهاد في اليمن بقلم: ناجح شاهين
ناجح شاهين

 

"إن طريق الاستقلال والتحرر والبناء ليس مفروشاً بالورد، وإن من ينقصه الإبداع والإخلاص والشجاعة قد ينتهي عميلاً للاستعمار"

كان السودان في المستوى الافتراضي سلة خبز العالم الثالث، أو على الأقل الوطن العربي.

تعرفون أن الرأسمالية السودانية "الذكية" قررت بعد استشارة البنك الدولي أن القطن أفضل من القمح والمحاصيل الغذائية الأخرى. بالإمكان زراعة القطن وشراء احتياجات السودان الغذائية كلها وتحقيق ربح وفير. وقع ذلك الاختراع العجيب أواخر السبعينيات من القرن الماضي.

لكن ما حصل هو أن البنك الدولي كان قد نصح "آخرين" بزراعة القطن، فانهار سعره في الأسواق العالمية وجاع السودان بالمعنى الحرفي للكلمة.

المهم أن السودان "اكتشف" بعد سقوط النميري ومن بعده الصادق المهدي طريقاً آخر للتنمية والسياسة متمثلاً في التحالف مع إيران ودعم قضايا العروبة والتحرر وعلى رأسها فلسطين. لكن الاستعمار العالمي لم يعجبه ذلك بالطبع. ويبدو أن السودان لم يكن يمتلك من الذكاء السياسي ما يكفي لتنفيذ التنمية المستندة إلى الانفصال عن الاستعمار العالمي ومقاومتة.

ساد حكم إسلامي منذ العام 1989 بالتحالف مع عمر البشير الذي قاد انقلاباً على التحالف الذي كان يقوده "حزب الأمة" وزعيمه الصادق المهدي. لكن مسيرة هذا التحالف الذي جمع عددا من التناقضات تتوجت بمحاصرة السودان من قبل الولايات المتحدة وحلفائها وصولاً إلى إضعاف الدولة إلى حد  انفصال جنوب السودان ليأخذ معه 75% من نفط البلاد. ثم عمت الإضطرابات نصف البلاد التي تعيش حروبا داخلية في مناطق دارفور وكردفان الجنوبية والنيل الأزرق، وهاجر ملايين المواطنين من مناطقهم، ويعاني نحو 40% من المواطنين من انعدام الأمن الغذائي (من إجمالي 34 مليون نسمة). كان ذلك النتيجة الحتمية للحصار  الاأمريكي/الاوروبي المفروض على البلاد منذ .1997 اعتدت الطائرات الأمريكية على السودان وقصفت مصنعا للأدوية، وانخفضت قيمة العملة المحلية (الجنيه السوداني) بنسبة 60% وارتفعت نسبة التضخم إلى 40%، وخفضت الحكومة الدعم عن المواد الأساسية، وهو ما أدى إلى ارتفاع فاحش للأسعار، واضطرار  أجهزة الأمن إلى قمع المظاهرات ضد غلاء أسعار الوقود، خلال شهر أيلول/سبتمبر 2013، فقتل 70 شخص بحسب أجهزة النظام، و200 شخص بحسب منظمة العفو الدولية.

لقد تم تجويع البلاد وإثارة الفوضى فيها وصولاً إلى الدولة الفاشلة أو شبه الفاشلة على الأقل. وتم التلويح باعتقال عمر البشير وتقديمه للمحكمة الدولية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية. ماذا يفعل "قائد الثورة الإسلامية"؟

الجواب معروف بالطبع: لم يعد أمام حكم البشير الذي يحمل الصولجان ويرقص في الاحتفالات الشعبية من طريقة للنجاة إلا بالتنازل عن القضايا العربية المختلفة وصولاً إلى عرض ما لديه للبيع. فعرض نفسه على أردوغان ثم على السعودية وصولاً إلى "تأجير" السودانيين للجهاد في اليمن.

نود أن نقول في الختام إن قيادة السودان لم "تختر" هذا المصير. لقد كانت لديها طموحات "إسلاموية" و"تنموية" عندما قامت ب "الثورة" سنة 89 لكن النوايا لا تكفي وحدها.

باختصار إن طريق الاستقلال والتحرر والبناء ليس مفروشاً بالورد، وإن من ينقصه الإبداع والإخلاص والشجاعة قد ينتهي عميلاً للاستعمار دون أن تكون نيته كذلك. فقد يضطر مثل البشير إلى بيع البلد رخصية لإسرائيل بالذات ناهيك عن السعودية والإمارات والولايات المتجدة الأمريكية.

حاشية: نتوهم أن قيادة حماس لديها من الذكاء والإبداع والشجاعة، على الرغم من أخطائها الجسيمة في سياق "الربيع العربي" ما يحفظها من الوقوع في الحفر التي وقع فيها "الإسلام السياسي" في السودان.