الحدث- محمد غفري
في الوقت الذي يواصل فيه الاحتلال نصب منازل متنقلة في محيط بلدة أبو ديس شرق القدس المحتلة، تمهيداً لنفي سكان الخان الأحمر، والتجمعات البدوية المحيطة؛ أصدرت العشائر البدوية على امتداد فلسطين التاريخية، بيانا صحفيا أكدت فيه "لن نقبل أن نكون لاجئين في أرضنا من جديد".
منذ بداية الأسبوع، نقلت عدسات المصورين آليات عسكرية لجيش الاحتلال تحمل منازل متنقلة "كرفانات"، وتقوم آليات اخرى بتسوية الأرض، في منطقة وادي الجير عند مكب للنفايات قرب بلدة أبو ديس.
تتواصل هذه الأعمال، مع تحضيرات أخرى تسبق تنفيذ قوات الاحتلال لأمر قضائي يقضي بإجلاء سكان الخان الأحمر من تجمعهم، بالرغم من صدور قرارين احترازيين خلال الأسبوع الأخير بتأجيل الهدم، آخرها ينتهي يوم 16 تموز الأسبوع القادم.
تهجير قسري
رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان وليد عساف، قال إن مشروع نقل التجمعات البدوية شرق القدس المحتلة وتجميعها في هذه المنطقة قرب بلدة أبو ديس، هو مشروع قديم منذ العام 2011.
وبحسب عساف، فإن هذا المشروع ينطوي عليه سياسة تهجير قسري للسكان الفلسطينيين، وهو ما يخالف القانون الدولي.
لذلك قدمت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان اعتراضاً لدى محاكم الاحتلال ضد الأعمال التي تجري في الأرض المنوي نقل السكان إليها، تتماشى مع جهود قانونية أخرى تسعى لإيقاف هدم تجمع الخان الأحمر.
وأكد عساف لـ"الحدث"، بأن لديهم قرار بعدم قبول الترحيل، وأن هناك حالة من الرفض الشعبي والرسمي لقرار الترحيل.
وأيضاً، بحسب عساف، يرفض المواطنون الفلسطينيون في بلدات العيزرية وأبو ديس والسواحرة والشيخ سعد ما تقوم به سلطات الاحتلال من تحضير للأرض القريبة منهم، لنفي السكان البدو إليها قسرياً.
عدا عن التهجير القسري للسكان البدو من منطقة الخان الأحمر والتجمعات البدوية المحيطة، فإن تهجيرهم إلى هذه المنطقة يعني مصادرة مصدر رزقهم.
عساف أوضح ذلك، بأن العائلات البدوية تعمل في رعي الأغنام، والمنطقة التي ينوي الاحتلال نقلهم إليها لا تصلح للرعي.
إما تل عراد في النقب أو البقاء
يعيش في الخان الأحمر نحو 180 مواطناً فلسطينياً غالبيتهم من قبيلة عرب الجهالين التي هجرت من النقب المحتل عقب أحداث النكبة وتحديداً في العام 1952.
مختار تجمع الخان الأحمر إبراهيم أبو داهوك، قال إن الاحتلال ينوي اقتلاعهم من أرضهم وليس فقط تهجيرهم، في إشارة منه إلى قسوة ما ينتظرهم.
لكن أبو داهوك أكد في لقاء مصور مع "الحدث"، بأن "القرار لن يتم إلا على أجسادنا".
وأشار أبو داهوك، بأن الاحتلال عرض عليهم سابقاً النقل إلى المنطقة التي يقوم بتحضيرها لهم قسرياً قرب أبو ديس، لكنهم رفضوا ذلك "عرضوا علينا ننتقل جنب الزبالة".
وأكد أبو داهوك مجدداً، أنهم إما أن يعودوا إلى أرضهم التي هجروا منها في تل عراد في منطقة النقب، أو البقاء في تجمع الخان الأحمر.
بداية الأطماع
عاد أبو داهوك في ذاكرته إلى الوراء، عندما كان يدرس في مدرسة أريحا ذهاباً وإياباً بشكل يومي سيراً على الأقدام، حتى أنهى التعليم الثانوي.
ومنذ أن تسلم منصب مختار التجمعات البدوية في تسعينات القرن الماضي، بدأ يسعى لبناء مدرسة في الخان الأحمر، وهو ما حصل فعلاً بتمويل إيطالي.
إبراهيم أبو داهوك، قال إن مطامع الاحتلال بالتجمع بدأت عقب بناء هذه المدرسة، عندما استشعر الاحتلال بداية استقرار العائلات البدوية في المنطقة.
ومنذ ذلك الوقت، تمارس سلطات الاحتلال سياسات عنصرية بحق التجمع، تهدف إلى تهجير السكان قسراً.
تتراوح هذه السياسات بين الاعتداء والمداهمات المباشرة، وحتى منع إقامة المنازل وتعبيد الطرق ووصول شبكات الكهرباء والمياه.
سلطات الاحتلال بدأت بتهديدات الهدم لتجمعات الخان الأحمر وأبو النوار وجبل البابا، وكلها تجمعات بدوية تقع شرق مدينة القدس المحتلة، بهدف تفريغ هذه المناطق من السكان الفلسطينيين وربط التجمع الاستيطاني أدوميم بمدينة القدس المحتلة، أو ما يطلق عليه بالمشروع الاستيطاني "E1".
وفي سبيل المضي في هذا المشروع الاستيطاني، الذي يرى فيه وليد عساف مقدمة لـ "صفقة القرن"، يحضر الاحتلال الأرض والمنازل المتنقلة في منطقة وادي الجير عند مكب النفايات قرب بلدة أبو ديس شرق القدس.