الأربعاء  27 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

عزيزي القانون الدولي/ بقلم: رائد الحلبي

2018-07-12 12:33:14 PM
عزيزي القانون الدولي/  بقلم: رائد الحلبي
رائد الحلبي

عزيزي القانون الدولي الإنساني، أكتب إليك من وسط بقعة انسانية وكلي أمل ألا تسمعني وألا تنصفني، أكتب اليك اذ أني مثل غيري سمعت عنك الكثير، وتعمقت بقوانينك وأعرافك ولوائحك، وارتاحت سريرتي حين اعتقدت أنني فهمتك، إذ أصبحت كغيري

من المظلومين في بلدي، نطرق أبواب جبهة القانون الدولي الإنساني، اعتقادا منا بأننا سنحصّل حقوقنا بعيدا عن الدم والدمار فقد وجدنا ضالتنا بك، ولم نبخل بأي جهد في محاولات عميقة علنا نحصل على حقوقنا كاملة ونتغنى بك كحام للحقوق وحضنا لكرامة البشرية، إلى درجة أن جزءا كبيرا منا القى معدات القتال التقليدية، وحمل دساتيرك وورقة وقلم وقام بتوثيق انتهاكات المحتل وتفرغ في صياغة البيانات والتقارير الدولية لكي نؤثر على المجتمع الدولي ونلفت نظر الضمير الدولي أن جرائما تنتهك بحقك في بلدي، وأصبحنا نصفق ونهتف لقيادتنا حين تطرق باب هيئة دولية أو مجلسا هنا وهناك، حتى أصبحت أنت أملنا الوحيد ونتمسك بك كل يوم أكثر، وأغرقنا بلدنا بالمؤسسات الحقوقية سواء كانت متخصصة أو عامة لا يهم، واعتمدنا استراتيجية كثرة رفع التقارير لإثبات جرائم المحتل.

عزيزي القانون الدولي الإنساني، لا تسيء فهمي وكلي أمل أن تسيئ فهمي، ولكننا كلما تعمقنا بك أكثر كفرنا بك أكثر وفقدنا الأمل بماهية الإنسانية كلها، حتى وصلنا إلى نتيجتين، فإما أنك تتحدث عن صنف إنسان لا يوجد في بلدي وإما أنك أكذوبة العصر، ولأننا شعبا نؤمن بإنسانيتنا بتنا على يقين بأنك أكذوبة رغم كل بنودك ومواثيقك وأعرافك وروح القوانين بين نصوصك، وإن كنت تتكلم عن صنف إنسان غير موجود في بلدي، فإنني أقول لك وبدون خجل أن صنف الإنسان في بلدي هو أرقى الأصناف أو كباقي اصناف الإنسان على أقل التقدير، ولكن الجدوى في وجودك في بلدي أقرب إلى عدم وجودك.

عزيزي القانون الدولي الإنساني، إليك مني نصيحة لكي تصبح فاعلا في يوم من الأيام، وكلي قناعة أنك لن تكون فاعلا في أي يوم من الأيام، إن الشعوب المضطهدة أو تلك التي تقبع تحت نير الاحتلال، لا تبتغى احتلالا لطيفا، ولا معاملة احتلالية جميلة، انها تبتغي اجتثاث الاحتلال من جذوره، وأولى المهمات التي يجب أن تلقيها على عاتق المحتل هي أن ينسحب من الأراضي التي يحتلها ويفرض ظلمه عليها بدلا من تذكيره بواجباته، فوجود الاحتلال هو بحد ذاته انتهاك وما جرائمه إلا واجبه ودوره الحقيقي، كفرنا بك لأنك كاذب وتلمذت منظريك على الكذب، كفرنا بك لأنك تجمل وجه الهزيمة بحق الانسانية، انك خلقت للقوي ولست بسند لأي ضعيف، أنت محايد جبان، وضحاياك كل يوم تتضاعف، أنت عبارة عن فلسفة عاقر لا تنجب عدلا، أنت ابن نكاح الظالمين أنت الكارثة الإنسانية بحق الإنسانية.

عزيزي القانون الدولي الإنساني، إن معاييرك لا تهم أبناء شعبي إذ أن معاييرك لا تعبر إلا عن استهتار بدماء سالت وتسيل، أنت يد الظالم الحنون، أنت من ساوى بين يد تقتل وتبطش وأخرى تقاوم على قدر الامكانيات المتوفرة في محاولة للدفاع عن وجودها الإنساني، أنت من يضع الظالم والمظلوم في نفس الخانة وتطلب منهم التريث والصبر والاحتكام إليك، أنت ميزان مائل لصالح واضعيك، ومن وضعك أراد لك مكانة دنيا تجلب إليها المضطهدين والمظلومين، ارحل بكل فلسفتك وأعرافك واترك بلدي وشعبها يموتون في ظل غيابك علنا نجد مبررا لموتنا في غيابك، اذ أن الجريمة الكبرى هي أن نموت تحت ظلك وظل وكالاتك المختلفة، أنت الجريمة الكبرى بحد ذاتها.

في ختام الرسالة، عزيزي القانون الدولي، أريد أن أبوح لك بسر وكلي قناعة أنك تعرفه، إن كل الفاعلين باسمك في بلدي يدركون حق الإدراك أن نتائج عملهم أقرب الى الصفر في احسن حالاته، كلهم أصبحوا يتقنون فن تبرير وظيفتهم، كلهم باتوا كسالى لا طموح لديهم سوى راتب آخر الشهر ومسمى وظيفي أبله يضحكون به على أنفسهم، بل وكلهم اصبحوا أضحوكة مجتمعهم، وكلهم مهزومين هزيمة مقنعة، والمنتصر الوحيد في بلدي هو من كفر بك وحافظ على انسانيته وكرامته بصدق، وذلك الذي رفض التعاطي بك وأدار لك ظهره.