من المفترض أصلا أن الله منح الحياة لبني البشر وان مانح الحياة وحده من يمكنه استعادة منحته و احد سواه يمكنه او يملك الحق بفعل ذلك والاعتقاد بان الله منح الحياة للبشر ليس حكرا على دين دون الآخر بل هو قاسم مشترك بين جميع الأديان بلا استثناء وقد أكد الاسلام على هذا الحق في اكثر من آية قرأنية وحديث نبوي شريف وسلوك وقد حرم قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وفي إشارات أخرى ساوى بين بني البشر بقوله تعالى " وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص"
فلا نفس تفوق نفس وكل ابناء البشر متساوون بنفس القدر ولا يوجد فضل لأحد على احد وان منح الحق بالحياة متساوي مساواة مطلقة والحديث عن القصاص يترك للانسان نفسه إمكانية التنازل عن حقه حال اعتدى على حق غيره فالحق في الحياة جماعي ايضا كما هو فردي في الأصل فأنت تولد بذاتك لذاتك من آخرين أصلا ولكنك تنتمي فورا للجماعة لتكونوا حياة جماعية او روحا جماعية هي صانعة مكونات العيش عبر فعله وتجليات هذا الفعل وقد لا نجانب الحقيقة أصلا ان قلنا ان الحق في الحياة حق مكفول لكل الكائنات الحية والذين يؤمنون بان الله خالق الكون وما عليه عليهم ان يدركوا ان كل منع للحياة او سلوك يؤدي الى وقفها هو سلوك معارض لإرادة الرب الذي منح هذه الحياة لمالكيها وهم هنا كل الكائنات الحية بلا فوارق فكما تحق الحياة للانسان فهي ايضا من حق الأغنام والاعتداء على الأغنام بالقتل بهدف مواصلة العيش هو جريمة تماما كجريمة قتل انسان آخر للتفرد بالحياة من بعده وسرقة ما كان له على الارض لذات القاتل.
ان تقتل إنسانا وتلقي به في التراب ثم تحتل مكانه وتسيطر على ممتلكاته يعني انك سعيت لذلك في سبيل عيش أفضل لك ولكن على حساب نزع حياة غيرك فأنت باختصار أكلته ميتا تماما كما يفعل الجزار حين ينحر شاة لبيعها فهو مارس القتل لصالح الكسب كما شاركه بذلك المشتري الذي اشترى لحم الشاة واكلها ليواصل العيش على حساب دمها وهكذا تتواصل الجريمة مجرم يربي الماشية ويطعمها لكي تعيش تكبر وتعطي له سعرا أفضل وربحا أفضل ومجرم يذبح ليبيع ويربح ومجرم يشتري ليأكل وبواصل العيش
على الجهة المقابلة هناك مجرم يصنع السلاح ليبيعه ويربح ويواصل العيش شكل افضل ومجرم ثاني يشتريه ليقتل ويسرق ويواصل العيش بربح أكثر وحياة أفضل وضحية هي المقتول بهذا السلاح الذي عليه ان يغادر الحياة ليترك المساحات لصناع السلاح ومستخدميه لأهدافهم الدنيئة فمربي الماشية والطيور والأسماك والمتاجرين بها هم أصحاب المصلحة في تشجيع قتلها لاستخدامها للأكل وبالتالي فهم أسسوا ونجحوا بذلك بسيادة الاعتقاد ان الله خلق الحيوانات لإسعاد البشر ونسوا أنها أرواح أيضا كمثلهم.
على نفس القاعدة أسس صناع السلاح وتجاره الى الاختلافات بين بني البشر الذين من المفترض أنهم ابناء أم واحدة وأب واحد وبالتالي أسرة واحدة وأمة واحدة كل ذلك بهدف تسويق منتجهم للموت وهو ما لا يمكن ان يتم إلا إذا تمت شرعنة القتل بأشكال وأشكال تعتمد زورا وبهتانا على الأديان بكل أشكالها وعلى الفلسفات بأنواعها وتفسيرها على انها تمجد إنسانا على إنسان آخر إما للون او الجنس او العرق او الدين او الطائفة.
علينا ان نختصر كل قول ونعود للحقيقة التي يشترك الجميع بترديدها لا باعتقادها وان كانوا يعلنون ذلك وهي القائلة حقا بان الله خلق ادم وحوا أولا وان كل بني البشر بعد ذلك هم أبنائهم وترد في القرآن والتعاليم الإسلامية الكثير الكثير من الإشارات المؤكدة لذلك " ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين (12) ثم جعلناه نطفة في قرار مكين (13) ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين (14) " بل ان المسيحية تعتقد بان البشر جميعا هم ابناء الله " أنت أبونا، نحن الطين وأنت جابلنا، وكلنا عمل يديك " والقول في الصلاة المسيحية " أبانا الذي في السموات " وفي اليهودية "وجبلَ الربُّ الإله الإنسانَ ترابًا من الأرض، ونفخَ في أنفه نسمة حياة، فصارَ الإنسانُ نفسًا حيةً" وهي إشارة أيضا الى أننا كبشر من أصل واحد جميعا فمن هو الذي أعطى للبعض حقا على البعض.
في الهندوسية " كانت الدنيا غامضة فظهر برميشور فخلق الماء والقى فيه النطفة فأصبحت بيضة فخرج منها برهما وكسر البيضة نصفين فخلق من احدهما الجنة ومن الثاني الارض والسماء وما بينهما ثم اخرج من فمه البراهمة ومن عضده الكشتري ومن فخده الويش ومن رجله الشودرا فما دام براهما مستيقظا فالدنيا باقية فإذا أخذه النوم تقع القيامة " فالبشر اذن جميعا من صلب واحد هو براهما أب الجميع وهم هنا لا يختلفون عل غيرهم بالقول بان هناك أب واحد لكل بني البشر والفكرة الأخرى لدى الهندوس عن خلق البشر وهي فكرة البران فتقول " خلق هذا العالم امرأة من " شري بور " اسمها شري وهي التي خلقت براهما وفشنو وسيفا لما أرادت هذه المرأة ان تخلق العالم وضعت إحدى يديها على الأخرى فخرج منها برهما فأمرته ان يتزوجها فأبى لأنه اعتقد انه ولدها فغضبت المرأة غضبا شديدا فأحرقته ثم أعادت عملها فخرج منها فشنو فأمرته ان يتزوجها فأبى فأحرقته ثم أعادت العمل فخرج منها ماهيش فأمرته ان يتزوجها فامتنع إلا بشرط وهو ان تغير صورتها وتأتي بصورة أخرى ففعلت ثم طلب منها ان تحيي أخويه فأحيتهما ثم طلب منها ان تخلق امرأتين ليتزوج كل من أخويه بواحدة منهما ففعلت فتزوج الجميع وهؤلاء هم الالهة الثلاثة الذين خلقوا العالم وهم الذين يديرونه " وقد ذهب بوذا الى ابعد من ذلك فقال بان " أن البشر ليس لهم أرواح منفردة لأن الذات الفردية مجرد وهم " فهو إذن قد جعل من البشرية ذات واحدة وهذا يتوافق مع القول بان البشر امة واحدة وبالتالي فان هناك اتفاق عام بين الأديان والفلسفات الإنسانية على وحدة امة البشر.
أمة البشر إذن أكانت من آدم وحواء أو من آدم وحده أم من تراب جبلت بيد الله ذات واحدة او ذوات منفردة فهي بالتالي امة واحدة موحدة ويمكن القول ان من يعتقد انه خارج هذه الدائرة او يعمل على هذا الأساس فيجوز نعته " بان حرام " بالمعنى الشعبي فهو دخيل على البشر والإنسانية جمعاء.
ان أنت وصلت الى هذه القناعة فان عليك ان تدرك ان مهمتك ليس في قتل أخيك بل في إعادته الى بيت العائلة او بيت الأمة ومنعه من ارتكاب حماقات الإضرار بالبشر وبالتالي فان مهمتك تلك تحتاج روحك لا يدك, تحتاج إيمانك لا سلاحك, تحتاج حبك لا حقدك, تحتاج السعي للحياة لك ولغيرك بديلا عن السعي للموت لغيرك لتحيا أنت فلا حياة لأحد على دم احد, وتلك هي الحقائق التي ان أمنت بها وعملت على أساس من الاقتناع الحقيقي بها ستقودك حتما للانتصار على الشر ومن يمثلونه من العصاة او الجهلة او ابناء الحرام من صناع السلاح وتجاره وناهبي خيرات الارض وقوت البشر والساعين للتخلص من الناس لصالح الإثراء وبالتالي من يعتبرون الحياة من حقهم وحدهم دون غيرهم, فانتصر إذن بذاتك وقاوم من يسعون لخنق كل البشر لذواتهم ومصالحهم ممن يمارسون ذلك فعلا او يروجون لذلك فكرا فكلاهما خطر على مستقبل البشرية والكون بأكمله.