السبت  23 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

ألكسا تُعرّي البنية التحتية لغزة

2013-12-23 00:00:00
ألكسا تُعرّي البنية التحتية لغزة
صورة ارشيفية

المواطنون يغرقون في مياه الأمطار المختلطة مع مياه الصرف الصحي

غزة - محاسن أُصرف

صرخات استغاثة لا تهدأ لأطفال ونساء وشيوخ، ودمعات لا تجف ولسان لم يعجز برغم الألم عن استدعاء الأمل بدعاء رب العباد أن يُخفف كرباتهم ويأتي أحدٌ لإنقاذهم من بين فكي الموت المحدق بهم من كل جانب. كانت تلك الحالة التي وجدنا عليها خالد حسنين (46 عاما) بعد أن نزح وأسرته إلى مدارس الإيواء إثر غمر تيار المياه العادمة ومياه الأمطار لمنزله في حي المنارة بشارع النفق وسط مدينة غزة، وشاركه فيها عشرات الأسر التي قطنت خلف بركة الشيخ رضوان التي فاضت مساء الخميس واستمر فيضانها يوم الجمعة بفعل تأثير منخفض أليكسا مكونة بركة أخرى بعمق 3 أمتار على مسافة 200 – 300 متر من مياه الأمطار المختلطة بمياه الصرف الصحي.

وصول المياه إلى منزل المواطن “حسنين” كان مفاجئاً فما إن فتح باب بيته منجدا لجيرانه القاطنين في بيوت الزينكو حتى هاجمته وإياهم المياه، يقول لـ “الحدث”: “صعدنا فورا إلى الطابق العلوي غير أن منسوب المياه ازداد في غضون ساعتين حتى وصل سقف الطابق الأول بارتفاع ثلاثة أمتار”، ويؤكد الرجل أن الدفاع المدني هب لنجدتهم وخرجوا على متن قوارب صغيرة إلى المدارس القريبة من سكناهم.

وفيما يتعلق بالجهود التي بذلتها الجهات الرسمية لمواجهة طفح بركة الشيخ رضوان بتوسيع البركة الاحتياطية التي حفرتها في بيارة الوحيدي لمواجهة الزيادة في كمية الأمطار المتدفقة وسط مدينة غزة، وبركة الحساينة في منطقة تصريف المياه في حي الزيتون شرق غزة قال حسنين: “أعتقد أن هذه الحفر هي من فاقمت المشكلة وجعلت نسبة تدفق المياه تعلو إلى مترين وثلاثة أمتار”.

مبادرات عفوية

وفي ظل نقص الإمكانيات لدى جهاز الدفاع المدني في الحكومة المقالة بغزة اجتهدت طواقمه في توفير أقصى ما يمكن لأجل إنقاذ حياة الغارقين، وشاهدنا عشرات من قوارب الصيد تنتشل العائلات المحاصرة في بيوت الزينكو، وقوارب أخرى استخدمها متطوعون لإيصال الطعام والمعونات الغذائية لمن حوصروا في الطوابق العلوية من منازلهم.

ويؤكد الحاج «عبد الرحمن الغزالي» أن المنخفض وآثاره السلبية بهدم وتدمير المنازل في مختلف مناطق القطاع أظهرت المعدن الأصيل للمواطن الغزي، يقول: “بيتي من الزينكو المتهالك وما إن اشتد المطر حتى استضافني وزوجتي وأسرتي جاري هشام الداية لكن الغرق أصابه أيضاً ومع استمرارنا في نداءات الاستغاثة جاء بعض الصيادين لإخلائنا”. ويؤكد أنهم تحملوا مخاطرة كبيرة والبعض تعطلت محركات قواربهم الصغيرة لكنهم لم يطلبوا شيكلا، ويدحض بذلك «الغزالي» مزايدات البعض باستغلال بعض الصيادين معاناة إخوانهم لتحقيق كسب عجز البحر بصيده البخس أن يُحققه لهم قائلًا: “المبادرات كانت فردية وعفوية هدفها فقط الحفاظ على حياة الناس المنكوبين بغرق بيوتهم وتبدد ممتلكاتهم”.

تقصير ولكن

ولعل المعاناة التي تُقاسيها سنويًا السيدة رباب شبير (37 عاما) من منطقة بركة أبو راشد بجباليا شمال قطاع غزة تجعلها تُلقي بعضا من المسؤولية على الجهات الرسمية التي أعلنت عن استعداداتها الجبارة لمواجهة منخفض «اليكسا» ولم ترَ منها شيئا، تقول: «حتى نداءات الاستغاثة لم يُجب عليها فوراً إلا بعد حين».

السيدة التي غرق بيتها بفعل فيضان المطر والصرف الصحي معا ببركة أبو راشد المحاذية لمنزلها تمنت لو فعّلت البلديات والجهات المسؤولة إمكانياتهم - حتى لو كانت بسيطة- بشكلٍ يمنع ازدياد الطوفان المائي الذي حدث، تُقر أن الإمكانيات ضعيفة والحصار أجهز على بعضها لكنها تُعقب: «المشكلة تقع كل عام وكان عليهم توفير بأي طريقة كانت السولار لتشغيل محطة الضخ بل وإيجاد أكثر من محطة، ولو فعلوا ذلك ما غرقنا، ولكن قدر الله وما شاء فعل».

وتُقدر السيدة حالة التعاضد والتلاحم التي أبداها الأهل والجيران معها نتيجة غرق بيتها وتضرره بنسبة %70 وتؤكد أن تلك روح المواطن الغزي وقت الشدائد يلتحم ليضمد جرحه.

لجوء آخر

ولم تملك لنا أم سليم أبو الفول إلا دموعا أرهقتها حسرةً وألما على بيتها المتهالك أصلاً، فقد أضحت الآن بلا مأوى، ولعل ما يزيد مأساة هذه المرأة أن زوجة ابنها وضعت قبل 45 يوما فقط حفيدها الأول، وتحديداً عند منتصف ليل الخميس، وما إن اجتاحت المياه بيتها حتى تلقفت حفيدها بين يديها وخرجت حافية القدمين تبغي حمايته من غرقٍ محقق.

لم تستطع السيدة أو أي أحد من أفراد عائلتها أن يجلبوا بعضا من ملابسهم أو أغطية تقيهم شر البرد القارص والصقيع المتناثر من السماء، فقط خرجوا بأرواحهم بمساعدة الشرطة وقوارب الدفاع المدني التي نقلتهم إلى مركز الإيواء، زوجها أبو سليم اصطحبنا إلى المنزل مازالت المياه تغمر نصفه، يؤكد الرجل أنه طالب مراراً بترميم بيته إلا أن الدور لم يلحق به بعد، الآن يتساءل عن إمكانية ترميم بيته؟! ويستبشر خيراً بقرار رئيس الوزراء في حكومة غزة إسماعيل هنية ببناء بيت من الأسمنت لكل من تضرر بيته وهو من الزينكو، لكنه يستدرك أن تنفيذ البشرى سيأخذ وقتًا لحين فك الحصار وإدخال مواد البناء وحشد التمويل اللازم لمساعدة آلاف العائلات مثله.

بانتظار تحقيق الوعود

وأمام باب منزلها الغارق بارتفاع متر كانت تقف «فايزة المجدلاوي» تنتظر الجهات الرسمية التي تُعد إحصائيات عن الأضرار لتريهم ما حل ببيتها، تقول: “لم يبق شيء على حاله المياه غمرت الأثاث وحتى الأجهزة الكهربائية”، وتتابع حالة التعاضد من المواطنين والجهات الرسمية ووقوف المسؤولين على رأس عمليات الإنقاذ طمأن قلوبهم قليلا لكنهم مازالوا بانتظار تحقيق الوعود سواء بالتعويض المادي أو العيني.

وتُشير الإحصاءات الرسمية إلى نتائج كارثية للمنخفض الجوي على قطاع غزة أدت إلى وفاة 6 أشخاص وإصابة ما يُقارب الـ 100 بجروح مختلفة، كما أدت إلى نزوح 1183 أسرة من منازلهم، بواقع 5246 فرداً، بينما شُرد 2234 مواطنا، مما اضطر الحكومة في غزة إلى فتح 17 مركز إيواء من بينها 12 مدرسة وثلاثة مراكز شرطة ومسجدين