السبت  23 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

عزيزتي الوحدة الوطنية/ بقلم: رائد الحلبي

2018-07-18 02:08:28 AM
عزيزتي الوحدة الوطنية/ بقلم: رائد الحلبي
رائد الحلبي

 

عزيزتي الوحدة الوطنية، اكتب إليك من بلد لم تعرفيه قط، اكتب إليك ويعتريني العار والخجل من نفسي، إذ إني سمعت عنك الكثير الكثير، أدركت ضرورتك في التحرر وبناء المجتمعات، أدركت ماهية وجودك وضرورة العمل للحفاظ عليك كأساس للاستقرار وتحقيق الآمال الوطنية المرجوة من قبل أي شعب في أي بقعة في العالم، أدركت كل شيء يتعلق بك نظريا، إلا إنني في بلدي لم أعرف ولم ألمس إلا اسباب انعدام تحققك على الأرض، فكل المنظرين باسمك صادقون عند الكلام إلا أنهم عند الفعل يخجل الكذب نفسه من كذبهم، إلى درجة أن كذبهم بات مكشوفا تعتريه اللامبالاة هو كذب يختص به منظريك في بلدي.

عزيزتي الوحدة الوطنية، كنت آمل أن اكتب اليك طلبا بالتعرف عليك الا انني حين أدركت أن أملي لن يتعدى التمني قررت أن اشرح لك وضعك ووصفك وآليات استخدامك في بلدي، إذ إنك أصبحت سلعة رخيصة بيد السياسيين، كلهم ينادون بك وبضرورة تحقيقك ومن جهة أخرى كلهم يطعنون بك ويتكلمون باستحالة تحقيقك لأن اطرافا داخلية غيرهم تسعى لضربك في الصميم لكنهم يدركون أننا كشعب ندرك أن كلهم اطراف خلاف ومصالحهم فوق المصلحة العامة،  وانت مصلحة عامة لا تنسجم ومصالحهم، في بلدي الوحدة الوطنية أصبحت شعاار للانتخابات؛ كاذب وعنوان خطابات شعبية لم نعد نسمعها، في بلدي أصبحنا لا نبالي بك وبضروراتك وأدرنا ظهرنا حتى لإمكانية تحقيقك في أدنى المستويات المطلوبة، فنحن أصحاب الاتفاق على البرامج الوطنية الدنيا حتى اصبحت أمنياتنا ادنى من كونها أمنيات، وتحولت احلامنا الى اوهام ندرك داخليا أنها لن تتحقق فلا نسعى حتى الى محاولة تحقيقها، في بلدي هرب الحلم منا وسادت اللامبالاة بكل تجلياتها حتى وصلت الى درجة أن نصفق دون أن نسمع وان نصدق الكذب دون اكتراث، ردة فعلنا باتت لحظية يسودها الصمت سريعا.

عزيزتي الوحدة الوطنية، ربما نحن لا نليق بك، فنحن لم نحاول أن نفرضك ولو مرة واحد ولا زلنا ننتظر أمزجة سياسيينا في كل شيء حتى في اليات التلاعب بنا وبمستقبلنا حتى اصبحت مسألة وجود مستقبل لنا مشكوكا بها، ونبحث عن فرص خارج حدود وطننا وكأن وطننا اصبح محطة انتقال ليس أكثر لا نبالي به، إذ لا مصلحة لنا به هو وطن القادة وأبناءهم وبعض من اذنابهم، فلم يعد هناك مبررا لوجودك اذ إننا مقبرة للأحلام هدامين للآمال نعشق الأمر الواقع ولا نسعى إلى تغييره نحن عبيد التغيرات نتلقى ولا نفعل نتأثر ولا نؤثر، نصر على تحزباتنا وكأننا نقدم للعصر كله إقرارا بأننا لا نقوى إلا على التغني بالماضي وأكتافنا أصغر من تحمل شيئا للمستقبل، لم نكتفي بتمزقنا الفكري والوطني والاجتماعي بل قمنا بتمزيق الوطن أيضا، وسلمنا بالأمر الواقع ثانية وأدرجنا شعارك ضمن أجندتنا المجمدة كقضية التحرر نفسها، هكذا أصبحنا نكتفي بالفتات ونقسم الفتات الى فتات، ونتقبل الهزيمة طواعية حتى تناسينا أننا نقبع تحت نير الاحتلال، فنحلم بحرية مزيفة وقيادة مزيفة بل وخلافات مزيفة نتستر خلفها كالزانية والزاني الذي يعيد فعلته كرارا ومرارا ويتستر بستار الاحتشام أمام العامة، أصبحنا كلنا نزني بالوطن وبك ونتستر خلف الشعار المستنزف.

عزيزتي الوحدة الوطنية، أعذريني إذ اثقلت عليك ووضعتك بصورة الوضع في بلدي رغم أنك لم تزوريه ولو مرة  إذ إن معابر عقولنا لعبورك مغلقة، واعتبري كلامي فضفضة من مواطن ليس أكثر، حتى أني لا أحلم في التغيير، أصبح حلمي التأقلم مع الواقع ليس أكثر، إلا أن هناك تناقضا داخليا كما داخل أبناء شعبي إذ أن هناك في زاوية دواخلنا شيء ما يصر أن لا يموت شيء يشدنا ولو معنويا لك ربما يكون فتات أمل بأجيال قادمة، فإذا كنا نحن جيل أحرق كالحطب، لا تيأسي من أبناءنا غدا فقد يحملون مشعلا أسقطناه هنا أو هناك، أو قد يرفضوا العيش في ظل ظروفنا فيثوروا حتى يقلبوا الحال على رأس مسببيه، أتمنى رؤيتك في بلدي حتى ولو بعد حين، حتما في حال تحقك سيشتم الراحلون رائحة المودة تختلط بعبق الريح، أعذري لي قلة حيلتي ويأسي وإن نحن أهملنا مستقبلنا لا تهمليه وابقي ولو امنية في قلب طفل صغير لا زال يملك القدرة على الحلم.