الحدث- محمد غفري
أوصى الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة أمان، الحكومة والرئاسة الفلسطينية بوقف آليات التعيين المعمول بها حاليا للمناصب العليا، والتي تتنافى ومبادئ القانون الأساسي، التي تنص على التنافس وتكافؤ الفرص.
وطالب ائتلاف أمان، مجلس الوزراء بإقرار بطاقات الوصف الوظيفي للفئات العليا والخاصة والمصادقة عليها بدون تأخير وبدء العمل بها.
كما وطالب ائتلاف أمان، مجلس الوزراء بوضع مشروع قانون أو إعداد نظام لإنشاء "لجنة جودة الحكم في القطاع العام" لتنظر في تعيينات المرشحين للوظائف العليا (المدنية والعسكرية) في القطاع العام، وتحديد الإجراءات المتعلقة بالمنافسة، والإعلان عن الشواغر الوظيفية في الفئتين الخاصة والعليا، والنظر في الشكاوى المتعلقة بالتعيينات في القطاع العام.
جاء كل هذا خلال جلسة استماع، نظمها الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة أمان، اليوم الأربعاء، في مدينة رام الله، وتناولت إشكالات التعيينات في المناصب العليا في فلسطين.
غياب الشفافية
المستشار القانوني لائتلاف أمان بلال البرغوثي، أشار في مستهل الجلسة إلى استمرار غياب الشفافية وعدم وضوح المعايير وتجاهل احترام مبدأ تكافؤ الفرص في تعيينات المناصب العليا في الوظيفة العمومية.
وأكد البرغوثي، أن التعيينات تجري دون منافسة عادلة، ولم تنشر إعلانات التوظيف للمناصب العليا في الصحف، ولم تعقد مسابقات للتعيين.
وأشار إلى أن التعيينات في المناصب العليا أو الفئات العليا تتم بدون بطاقة الوصف الوظيفي وبدون رقابة من جهة رسمية للتأكد من استيفاء المتقدمين لشغل تلك الوظائف للمعايير المطلوبة.
إشكالات التعيينات في المناصب العليا
وخلال ورقة قدمها البرغوثي متحدثاً عن ائتلاف أمان لم ينف التطورات التي حدثت في مجال تعزيز النزاهة والمساءلة والشفافية في الوظيفة العامة، إلا أن عددا من التقارير التي أصدرها ائتلاف أمان بخصوص التعيينات في المناصب العليا أكدت بحسب البرغوثي على وجود كم كبير من الإشكاليات التي تتدحرج عام بعد عام بهذا الخصوص.
أولى هذه الإشكاليات التي عددها البرغوثي، أن القوانين الناظمة لتعيين شاغلي المناصب العليا والخاصة تخلو من تحديد آليات التنسيب والاختيار، مما أتاح مساحة واسعة من السلطة التقديرية لصانع القرار في عملية التعيين، وهو ما فتح المجال لتسييس إشغال هذه الوظائف واعتبر مدخلا مناسبا لانتشار الفساد، ولبروز مظاهر المحسوبية.
الإشكالية الثانية، هي تعدد المرجعيات القانونية للمؤسسات غير الوزارية، وتشتت تبعيتها بين مجلس الوزراء صاحب الاختصاص، وبين الرئاسة، وبين منظمة التحرير، وهو ما ألقى بظلاله على الإجراءات الخاصة بتعيين رؤسائها، ومكّن من تجاوز النصوص والإجراءات القانونية في هذه التعيينات.
الإشكالية الثالثة، أن غياب المعايير الخاصة بالتعيينات وعدم شفافية الإجراءات أدى إلى احتدام الصراع بين الطامحين لتولي المناصب العليا، وهو ما فتح المجال أمام احتمالية إخضاع المرشحين للابتزاز.
أما الإشكالية الرابعة، أن عدم إقرار بطاقات الوصف الوظيفي للغالبية العظمى من تعيينات المناصب العليا أو التأخر في اقرارها أدى إلى إشكاليات، كإسناد عدة وظائف لشخص واحد، وغياب معايير منح الدرجة لشاغل المنصب مما أعطى فرصة لصانع القرار لتقدير الدرجة وما يترتب عليها من امتيازات وحقوق مالية أرهقت الخزينة العامة.
والإشكالية الخامسة، هي دور الأجهزة الأمنية في تحديد تولي المرشحين أو عزل شاغلي المناصب العليا، وهو ما لعب دوراً في عزل أصحاب هذه المناصب أو دفعهم إلى الاستقالة من خلال الوثيقة التي يجري توقيع المرشحين عليها في بعض الأحيان بالإقرار بالاستقالة قبل توليهم مناصبهم.
الإشكالية السادسة، هي تعيين بعض المسؤولين في المؤسسات العامة على عقد مؤقت لشغل ذات الوظيفة الدائمة التي كانوا يشغلونها، بخلاف قرار مجلس الوزراء رقم (06/27/16/م.و/ر.ح)، الذي صدر في عام 2014 والخاص بوقف التعاقد مع موظفي الخدمة المدنية المتقاعدين وقرار مجلس الوزراء بذات الخصوص الصادر بداية العام 2018.
آخر إشكالية من الإشكالات التي طرحها مستشار أمان القانوني، أنه ضمن سياق ضعف النزاهة والشفافية في الوظيفة العامة، حظي بعض موظفي العقود بامتيازات ورواتب عالية وبشكل مخالف لقـانون التعاقد، مع عدم تناسبها ومعدل الرواتب في دولة فلسطين.
رد ديوان الموظفين
رئيس ديوان الموظفين الوزير موسى أبو زيد أشار إلى التطور الحاصل في الوظائف العمومية المتاحة أمام جميع المواطنين، موضحا أن نسبة الخلل الحاصل بتبوأ المناصب العادية العمومية ضئيل جدا مقارنة بالتحسن الموجود، إذ بلغت نسبة المنجز وفق المعايير والإجراءات 99.3%، وأن هناك 14 حالة تجاوز تتم معالجتها، كما نوّه لوجود 70 مدرب متخصص؛ يقومون بعدة تدريبات للموظفين الجدد حال توليهم مناصبهم ولمساعدتهم في شقّ طريقهم المهني، كما يشاركون المدراء في عملية تقييم موظفيهم في جميع مؤسسات الدولة.
أما بخصوص الوظائف العليا، فبلغت نسبة شغل المناصب العليا بمساواة واستناداً لمبدأ تكافؤ الفرص ووفقا للمعايير والإجراءات 97% حسب تصريح أبو زيد، موضحاً استناد الديوان في إجراءاته على قانون الخدمة المدنية، بالإضافة الى اللوائح الصادرة من مجلس الوزراء عام 2012 والتي تفيد بتنظيم العملية وتحديد المعايير فيما يخص تعيين المناصب العليا في الدولة، إذ يتوجب على الديوان أن يتبع ما جاء في المادة 17، وهو الحق في التنسيب للفئة العليا كالتالي: يحق لرئيس الدائرة الحكومية التنسيب لمجلس الوزراء، حيث يقوم بتنسيب من مضى على تبوئهم بمنصب الدرجة الأولى (أ) أكثر من 14-15 سنة، وتنطبق عليهم شروط إشغال الوظيفة الموضوعة في بطاقة الوصف الوظيفي المعتمد؛ بعدها يحال التنسيب الى اللجنة الإدارية المكوّنة من مجموعة وزراء مختصين، يقومون بدراسة التنسيب إذا ما جاوب على كل المعايير المعتمدة من مجلس الوزراء، ومن ثم إحالتها الى رئيس الوزراء، وبعدها الى الرئاسة للمصادقة عليها.
ونفى أبو زيد بشكل قاطع وجود حالات تنسيب يسري عليها الإجراء المتبع ومن ثم يتم استبدال الأسماء بأخرى.
أما بخصوص الموظفين الذين يحملون الدرجة الثانية (ب) و الثالثة (ج)، فيتوجب عليهم الخضوع لمسابقة، ومقابلات فنية في سبعة حقول معرفية، وبرنامج تدريبي يمزج بين العملي والنظري، وآخر خارج الوطن لمدة عام كامل من أجل استحقاقهم المطلوب.
وقد رفض أبو زيد التعقيب على تولّي إحدى بنات موظف من الدرجة العليا منصب مدير درجة ثالثة دون استحقاق، بعد الضجة التي حصلت مؤخراً على نشر مرسوم تعيينها على وسائل التواصل الاجتماعي.