صريح العبارة
ما دمنا نخوض معركة دبلوماسية على الصعيد الدولي وفي هيئات الامم المتحدة ( الجمعية العمومية ، ومجلس الأمن وغيرها ... ) ونعلن على لسان المفاوض الفلسطيني أن الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي قد انتقل من كونه صراعاً ثنائياً الى صراعاً دولياً، وانسجاماً مع هذا الانتقال فإن إغفال القرار 181 لعام 1947 من بين تلك القرارات التي نعلن تمسكنا بها هو خطأ دبلوماسي سياسي، وهو أمر غير مفهوم!.
المعلن في الموقف الفلسطيني الرسمي ووفق قرارات هيئات منظمة التحرير الفلسطينية أن ما يجري العمل تحت لواءه هو القرار242 الصادر عن مجلس الأمن في تشرين ثاني 1967 والذي يطالب اسرائيل بالانسحاب من اراضي عربية وفلسطينية ضمن حدود حزيران من العام ذاته ؛ أي أن ما نطالب به راهناً لا يتجاوز مساحة 22% ويجري تقديم مقترحات تقوم على مبدأ التبادلية مما يفتح الباب أمام ضم الكتل الكبرى من المستوطنات الاسرائيلية ، الأمر الذي يجعل مما يسمى بالتبادلية مدخلاً جديداً للتوسع الاسرائيلي على حساب الارض الفلسطينية المحتلة ؛ وما ظهر من افكار اسرائيلية حول التبادلية يؤكد ما نقوله .
لا نستطيع أن نغمض عيوننا عن الدعوات الفردية ، والبرامج الحزبية لبعض مكونات العمل الفلسطيني التي ترفض كافة قرارات الامم المتحدة وخاصة تلك التي تضع حلولاً وسطاً مثل القرار رقم 181 ، لكننا لا نفهم لماذا يخفي المسؤولون عن البرنامج السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية ما ورد بإعلان الاستقلال الفلسطيني في نوفمبر عام 1988 والصادر عن المجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر والذي تضمن الدعوة الصريحة للتمسك بالقرار 181 ( المسمى بقرار التقسيم ) وقد ورد فيه : -
" ومع الظلم التاريخي الذي لحق بالشعب العربي الفلسطيني بتشريده وحرمانه من حق تقرير المصير إثر قرار الجمعية العامة رقم 181 عام 1947 الذي قسم فلسطين الى دولتين عربية ويهودية ، فإن هذا القرار ما زال يوفر شروطاً للشرعية الدولية تضمن حق الشعب العربي الفلسطيني في السيادة والاستقلال الوطني " .
صحيح أن قرار 181 لم يكن عادلاً ؛ لا من حيث المبدأ ( مبدأ تمليك من لا يملك ) ولا من حيث المساحات ما بين الدولتين المفترضتين ( 56% لليهود ، 43% للعرب ، 1% للقدس الدولية ) ولكن ، وبإعادة القراءة للقرار المذكور يمكن الخروج بنتائج هامة وأولها أن القرار قد صدر قبل أن تحصل نكبة اللجوء الفلسطيني عام 1948 وهذا يعني أن مشكلة اللجوء لم تكن موجودة أصلاً ، إضافة الى ان هناك تفاصيل كثيرة في هذا القرار تتعلق بحقوق المواطنة والجنسية دون اخلال بالحقوق الدينية والقومية وبحقوق الانسان .. الخ ، إضافة الى ما تضمنه القرار من تنظيم للعلاقات الاقتصادية بين الدولتين العربية واليهودية (والقدس ).
دون الاغراق في التفاصيل (وهي كثيرة) فإن ما تبع القرار المذكور من نتائج سياسية وجغرافية هو الأسوأ من كل عيوب القرار المذكور ..!
لقد ذهب الشعب الفلسطيني ضحية مواقف بعض الدول العربية التي عارضت القرار والذي شابها الكثير من عدم النزاهة مما ظهر لاحقاً... دون أن ندخل في مراجعة ما قد مضى من تاريخ تشوبه الشوائب ودون انكار لما تركته تلك المواقف من تأثيرات على بعض القوى الرافضة الفلسطينية للقرار المذكور باستثناء عصبة التحررالوطني الفلسطينية !
ربما كان من غير الواقعي العودة الى ذلك القرار ، ومع الايمان بأن التمسك بقرار إقامة الدولة الفلسطينية الحرة والمستقلة وذات السيادة على حدود عام 1976 هو الاكثر واقعية في الوقت الراهن ؛ دولة دون استيطان ودون التخلي عن الحقوق المشروع للاجئين الفلسطينيين في العودة الى ديارهم التي هجّروا منها .. ولكن ما دامت اسرائيل تطرح وتحضر لبناء دولة عنصرية وقومية تحت شعار " الدولة القومية اليهودية " بما يهدد مصير الللاجئين الفلسيطينيين ومصير الفلسطينيين في اراضي العام 1948 ، ويؤسس لدولة دينية - اثنية فإن على المفاوض الفلسطيني أن يعاود توسيع المعركة السياسية والدبلوماسية بإتجاه التمسك بكافة القرارات التي صدرت من الهيئات الدولية بما فيها قرار رقم 181 اساسا لقيام دولة فلسطينية مستقلة.
أختم مقالي هذا بجملة عميقة المعنى أستعيرها من مداخلة للدبلوماسي الفلسطيني والعالمي د. ناصر القدوة في منتدى مسارات قبل اشهر في رام الله حين قال : بأن ما يلزمنا هو تفعيل القرارات الهامة التي صدرت عن الامم المتحدة ولجانها التابعة ، وذكر منها القرارات الخاصة بالقدس واللاجئين وكذلك قرار محكمة لاهاي الدولية بخصوص الجدار والاستيطان .. (انتهى الاقتباس الضمني ). فهل نحن بحاجة فعلاً الى أكوام جديدة من القرارات الدولية ....!