الثلاثاء  26 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

مالية غزة: عدم اضطلاع حكومة التوافق بدورها دفعنا لجباية الأموال كي نمول النفقات التشغيلية للوزارات

ودافعو الضرائب يقرون بتحمل المستهلك تبعات الضريبة الإضافية

2014-12-09 12:33:57 AM
مالية غزة: عدم اضطلاع حكومة التوافق بدورها دفعنا لجباية الأموال كي نمول النفقات التشغيلية للوزارات
صورة ارشيفية

  

غزة- حامد جاد
 
عزت وزارة المالية في غزة الإجراءات الأخيرة التي قامت بها لجباية رسوم ضريبية إضافية من قطاعات مختلفة لطبيعة الأزمة المالية الخانقة التي نالت من قدرتها على تغطية النفقات التشغيلية للوزارات والمؤسسات الحكومية المختلفة في ظل ما وصفته بغياب الدور المفترض أن تلعبه حكومة التوافق بصفتها الجهة المسؤولة عن الشعب ومؤسسات الدولة.
ولم تخف وزارة المالية في غزة حقيقة لجوئها إلى جباية هذه الرسوم التي تفرضها بشكل عام على واردات قطاع غزة من أصناف السلع المختلفة، والتي كان آخرها فرض ضريبة اعتباراً من مطلع الشهر الحالي على شركات الأدوية في غزة التي تسوق منتجات الصناعات الدوائية في الضفة بقيمة 2.5 % من قيمة فاتورة مشتريات الشركة المسوقة لهذه المنتجات، وكذلك فرض ضريبة على شركات ومحطات تعبئة وتوزيع غاز الطهي حيث طالبت مالية غزة بجباية أربعة شواكل عن كل اسطوانة غاز، مبينة أن جل ما تجبيه من هذه الضرائب يوجه لتلبية احتياجات المؤسسات الحكومية حيث يستنجد المسؤولون والموظفون في هذه المؤسسات بوزارة المالية من أجل تمويل النفقات التشغيلية لمؤسساتهم وذلك بحسب ما أكده للحدث مسؤول بارز في وزارة المالية.
شركات الأدوية:  نحن لسنا الحل لأزمة مالية غزة 
وفي سياق أحاديث منفصلة أجرتها الحدث مع مختلف الأطراف ذات العلاقة، أشار ناصر الحلو رئيس اللجنة الاقتصادية في غرفة تجارة غزة إلى أن وزارة المالية وجهت لشركات الأدوية كتاباً طالبتهم فيه بدفع  نسبة 2.5% من قيمة فاتورة مشترياتهم، حيث تم بحث هذا الأمر مع شركات الأدوية ودراسة وجهات النظر القانوينة فتوصلنا إلى نتيجة مفادها إذا كان هذا الأمر قانونياً فسيتم إعادة النظر في الضريبة وبما يأخذ بالاعتبار التباين في نسب الأرباح التي تحصلها الشركات الكبيرة والصغيرة، وفي حال أن يكون الأمر غير قانوني فسيصرف النظر عن عملية دفع هذه الضريبة.
  وقال الحلو: "كان من المفترض أن نلتقي خلال الأسبوع الماضي مع مسؤولي الإيرادات في وزارة المالية حيث لم يحسم الأمر بعد، ولكن بأي حال من الأحوال هناك أزمة لدى مالية غزة ولكن نحن لسنا الحل  وسيكون حلها ضمن الإطار القانوني ومراعاة مصالح أصحاب شركات الأدوية".
 واعتبر أن موقف شركات الأدوية في الضفة الرافض لتوريد الأدوية لغزة سيترتب عليه تداعيات كارثية  ستلحق بالقطاع الصحي لتضاف إلى جملة الأزمات التي يعاني منها الوضع الصحي في غزة بشكل خاص، ومجمل القطاعات الخدمية بشكل عام، مشدداً في هذا السياق على ضرورة أن يشتكي القطاع الصحي مما آل إليه الوضع في قطاع غزة.
فرض أربعة شواكل على كل اسطوانة غاز
ولم يكن قطاع المحروقات بحال أفضل من سابقه، حيث طالته مطالبة وزارة المالية في غزة بدفع أربعة شواكل عن كل اسطوانة غاز سعة 12 ك تباع في سوق غزة إذ بين محمد الخزندار مدير شركة الخزندار للنفط أن كلفة تعبئة اسطوانة الغاز تبلغ 50 شيكلاً و تصل للمستهلك 63 شيكلاً، ما يعني أن قيمة الربح عن كل اسطوانة تبلغ 13 شيكلاً منها خمسة شواكل للموزع وسبعة شواكل للمحطة وشيكل واحد ضريبة، موضحاً أن السبعة شواكل التي تتقاضاها المحطة ليست ربحاً صافياً حيث تقدر كلفة أجور العمال ونسبة العجز والفاقد في الغاز بنحو أربعة شواكل، وما يتبقى 3 شواكل هي الربح الصافي.
وقال الخزندار: "وزارة المالية في غزة  وعبر هيئة البترول، أرادت أن تقتطع من إجمالي هذا الربح 4 شواكل ما يعني أنها جعلت ربح المحطة 5 شواكل والموزع 4 شواكل وهي تأخذ 4 شواكل بدلاً من شيكل واحد كما كانت في السابق، حيث أبلغت هيئة البترول في غزة شركات ومحطات تعبئة وتوزيع الغاز عبر رسائل خلوية وجهتها بتتنفيذ هذا القرار اعتباراً من مطلع الشهر الحالي، حيث سيتم جباية هذه الرسوم الضريبة بمعدل مرة كل أسبوع حسب هذا القرار الذي أعربت جمعية شركات محطات الوقود عن رفضها له وقررت ألا تدفع هذه الضريبة الإضافية، وإن اضطرت لذلك فستحمل هذه القيمة التي اقتطعتها على المستهلك، وإذا طبق هذا القرار دون ذلك فإن هذا يعني أننا نعمل لتمويل الحكومة، فالربح بالنسبة لصاحب المحطة والموزع محدود جداً".
ونصت الرسالة الخلوية المذكورة على التالي، "حسب تعليمات وكيل الوزارة سيتم تحصيل 4 شيكل عن كل اسطوانة غاز، سعة 12 كيلو لصالح وزارة المالية ليصبح هامش الربح الإجمالي 9 شيكل منها 5 شيكل للمحطة و4 شيكل للموزع " الإدارة العامة للبترول"". 
ولفت الخزندار إلى أن هذا القرار يعني أن تحصل وزارة المالية في غزة نحو مليوني شيكل شهرياً وذلك باحتساب أن كمية الغاز التي تدخل إلى غزة هي 260 طن في كل يوم يعمل فيه معبر كرم أبو سالم، ما يعني أنه في الشهر الواحد تدخل هذه الكمية 22 مرة حسب أيام العمل الشهري للمعبر (22يوماً) منوهاً إلى أن الطن الواحد من الغاز يعادل تعبئة 83 اسطوانة، ما يعني أن باحتساب هذه الكمية تكون المحصلة النهائية نحو مليوني شيكل شهرياً.
ولم تفض اللقاءات اللاحقة التي ترتبت على هذه القضية بين جمعية شركات ومحطات تعبئة الغاز ووزارة المالية في غزة ممثلة بوكيل الوزارة نبيل الكيالي ومساعد وكيل الوزارة ذاتها عوني الباشا إلى أي تغيير جوهري، حيث توصل الجانبان إلى اتفاق قضى بتحميل نصف قيمة المبلغ المذكور على المستهلك وأن يتم دفع النصف الآخر مناصفة بين محطات تعبئة الغاز والشركات الموزعة، حيث سيتحمل المستهلك دفع شيكلين ليرتفع ثمن اسطوانة الغاز من 63 شيكلاً إلى 65 شيكلاً ويقتطع من ربح المحطات شيكل ومثله من شركات التوزيع، ما يعني تمكين المالية في غزة من جباية المبلغ نفسه.
وقال مسؤول في جمعية شركات الوقود: "نحن مضطرون للقبول بهذا الأمر خاصة وأن مسؤولي وزارة المالية في غزة يبررون قيامهم بجباية هذه الرسوم من أجل تغطية النفقات التشغيلية للوزارات والمؤسسات الحكومية ويؤكدون لنا أن حكومة التوافق لا تقوم بهذا الدور، لذا فليس أمامنا خيارات سوى الاستجابة لطلباتهم وإن كان المواطن في المحصلة النهائية هو من يتحمل هذه الأعباء المترتبة على عدم اضطلاع حكومة التوافق بمهامها كافة في قطاع غزة ".
تراجع عن جباية ضريبة على الإسمنت
أما هاني شمالي، أحد التجار الموردين للإسمنت ومواد البناء الخاصة بإعادة الإعمار فأشار إلى أن مالية غزة تراجعت عن القرار الذي اتخذته بشأن فرض ضريبة بيقمة عشرين شيكلاً عن كل طن إسمنت يتم توريده لتجار الإسمنت المعتمدين لدى شركة سند.
وقال شمالي: "طلبوا منا "مالية غزة" الأسبوع الماضي أن ندفع 20 شيكلاً نظير كل طن إسمنت يدخل للقطاع الخاص، ويتم تحصيلها فور وصول الإسمنت للمعبر حيث أبلغونا بهذا الأمر شفوياً وعندما طلبنا كتاباً بهذا الإجراء رفضوا ذلك وتراجعوا عن هذا القرار بعد أن رفض التجار استلام الكميات الواردة لهم وأبقوا الشاحنات المحملة بالإسمنت محتجزة لعدة ساعات في المعبر إلى أن أفرجوا بعد بضعة ساعات عن الكمية التي احتجزت".  
وعزا شمالي سبب تراجع مالية غزة عن القرار المذكور لأسباب عدة أبرزها ردة فعل وسائل الإعلام على ذلك والسبب الآخر أن هذا الإسمنت يتم توريده لإعادة الإعمار، وبالتالي ليس من اللائق أن تحصل مالية غزة ضريبة على مواد مخصصة لإعادة الإعمار مستبعداً في ذات الوقت أن تعود مالية غزة مجدداً لمحاولة جباية ضريبة عن الإسمنت.
مالية غزة: تستخدم هذه المبالغ في تمويل النفقات التشغيلية للوزارات
من جهته بين عوني الباشا وكيل مساعد وزارة المالية أنه اجتمع مع شركات الأدوية لإطلاعهم على هذا القرار الذي اتخذ بحسبه بموجب سند قانوني، منوهاً إلى أن دائرة الإيرادات الضريبية لدى وزارة المالية في غزة ما زالت حتى الآن تعمل في تحصيل إيرادات ضريبة القيمة المضافة بموجب الأنظمة التي كانت سائدة منذ زمن الاحتلال.
وقال: "هناك مادة واضحة في إجراءات المكوس (ضريبة القيمة المضافة) لتحصيل مثل هذه الضرائب بينما العديد من المواد الواردة في قانون ضريبة الدخل تم تعديلها، لكن أنظمة ضريبة القيمة المضافة لم تعدل لارتباطها بالقوانين الإسرائيلية، حيث تنص هذه المادة على جباية هذه النسبة من الضريبة وحسب قانون  ضريبة القيمة المضافة نفسه هناك أمر رقم  638 لسنة 1980  ينص على أنه يحق "يجوز" للمسؤول أن يصدر القواعد المتعلقة باحتساب أثمان الصفقات وأن يصدر القواعد المتعلقة بدفع المكوس وتقديم الكشوف عنها وأن يحدد واجب دفع الفوائد والغرامات المترتبة على التأخر في الدفع والتأخر في تقديم الكشوف، والتخلف عن تنظيم السجلات الحسابية حسب الأصول، كما يحق للمسؤول أن يقرر طرق جباية المكوث بما في ذلك الصلاحيات المخولة له بخصوص الجباية وفي ذات الوقت من حقه أن يقرر الإعفاء من دفع المكوس".  
 ولفت الباشا في سياق توضيحة لقانونية الإجراء الذي اتخذته وزارته في غزة، إلا أن الشركات المرخصة في غزة كانت تقدم تقاريرها شهرياً ومن كان يعمل منها في غزة وانتقل للعمل في الضفة أجبروه هناك "في إشارة منه إلى وزارة المالية في الضفة" على العمل كمشتغل مرخص، وبالتالي يدفع ضريبة 16% في غزة ومثلها في الضفة، ولكن نحن في غزة لا نفرض ضريبة على أي شركة تعمل لضالح مشتغل مرخص في الضفة.
 واعتبر أن فرض هذه النسبة "2.5%" استهدفت معالجة ظاهرة التهرب الضريبي وفي ذات الوقت تعزز المنافسة ولا يؤثر، حسبه، على أعمال الصيادلة وقيمة أرباحهم التي يعتمد جزء منها على ما يقدم لهم عن كل فاتورة من مشترياتهم من كميات مجانية "بونص" (علماً أن نقابة الصيادلة في غزة انتقدت في حديث سابق للحدث قرار دائرة الإيردات وضريبة القيمة المضافة في وزارة المالية في غزة القاضي بإلزام شركات الأدوية في غزة دفع نسبة 2.5% من قيمة فاتورة مشترياتها من الأدوية المنتجة في الضفة كسلفة لحين استيفائها لقيمة الضريبة المضافة المفترض أن تجبيها شهرياً من تلك الشركات، مؤكدة أن هذا الأمر سيؤثر سلباً على أعمال الصيدليات في غزة).   
وبين الباشا أن ما تجبيه الدوائر الضريبية في غزة يتم توريده إلى بنك البريد وتستخدم هذه المبالغ في تمويل النفقات التشغيلية للوزارات فحكومة التوافق، حسب الباشا، تعتبر نفسها مسؤولة عن دفع راتب وزرائها والموظفين المعتمدين لديها أما النفقات التشغيلية فهي لا تغطيها، وبالتالي تستنجد هذه الوزارات والهيئات بنا كي نغطي نفقاتها التشغيلية من خلال هذه الإيرادات المحدودة التي نجبيها.
وقال: "إن جباية هذه الرسوم الضريبية معمول بها منذ سنوات، وتنطبق على أصناف مختلفة من واردات قطاع غزة، حيث يتم على سبيل المثال جباية 50 شيكلاً عن كل رأس ماشية "العجول" وعشرين شيكلاً عن الخراف وعشرة شواكل عن كل صفيحة زيت وفي المقابل ما تجبيه السلطة عن الوقود الوارد إلى غزة يتراوح من 40 إلى 50 مليون شيكل شهرياً.
ويذكر في هذا السياق أن  قرارات وزارة مالية غزة القاضية بجباية رسوم ضريبية إضافية أعادت للأذهان الإجراءات التي اتخذتها الوزارة ذاتها عندما أقدمت في شهر شباط من عام 2012 على حجز عدد من شاحنات البضائع المستوردة في مخازن تابعة لها وأخرى تم استئجارها على نفقة التجار المستوردين لهذه البضائع، وذلك بعد أن امتنع مستوردوها عن دفع قيمة الرسوم الإضافية التي فرضتها الحكومة ذاتها في حينه على أربعة أصناف منها المشروبات الغازية والعصائر والأثاث المنزلي والمكتبي.