الحدث- وكالات
دعا جيم يونج كيم رئيس مجموعة البنك الدولي إلى ضرورة التوقيع على اتفاقية شاملة حول تغير المناخ في باريس العام المقبل تلزم جميع البلدان بتسعير الكربون، وإلغاء دعم الوقود الأحفوري، وتهيئة الظروف المشجعة للطاقة المتجددة، والاستثمار في مشاريع يمكنها الصمود أمام الظروف المناخية العاتية.
وجاءت دعوة جيم يونج كيم بينما تستضيف بيرو مؤتمرا لبحث سبل التوصل إلى اتفاقية جديدة بشأن تغير المناخ على مدار نحو أسبوعين بحضور وفود 150 دولة. ومن المتوقع أن يتم توقيع الاتفاقية الجديدة خلال مؤتمر باريس نهاية العام المقبل حيث يقوم المفاوضون حاليا بوضع الأطر العامة للاتفاقية الجديدة والتفاوض بشأن جميع الأمور المتعلقة بالتكيف مع الأثار السلبية للتغيرات المناخية، وسبل خفض غازات الاحتباس الحرارى المسببة لهذه الظاهرة.
وقال كيم، في كلمته أمام مجلس العلاقات الخارجية بالعاصمة الأمريكية واشنطن مساء أمس الاثنين إن التوقيع على اتفاقية بشأن المناخ في باريس العام المقبل يجب أن يرسل إشارات مباشرة إلى مؤسسات الاستثمار والأسواق المالية التي يمكنها المساعدة في إحداث تحولات جوهرية في اقتصادات العالم باتجاه خفض انبعاثات الملوثات الضارة إلى مستوى الصفر قبل نهاية القرن الحالي.
يذكر أنه هناك عدة مسارات يمكن للبلدان اتباعها لتسعير الكربون، ولكنها جميعا تؤدي إلى النتيجة ذاتها، وتبدأ بجمع ما يعرف بالتكاليف الخارجية لانبعاثات الكربون - وهي تكاليف يدفعها الجمهور العام بطرق أخرى، مثل تلف المحاصيل وتكاليف الرعاية الصحية جراء موجات الحرارة والجفاف أو تضرر الممتلكات من الفيضانات وارتفاع مستوى سطح البحر - وربطها بمصادرها من خلال تسعير الكربون.
ويساعد تسعير الكربون على إعادة تحميل عبء الضرر على المسؤولين عنه، والذين يمكنهم الحد منه، وبدلا من إملاء أسماء الجهات التي يجب أن تخفض انبعاثات الكربون ومكانهم وكيفية ذلك، فإن تسعير الكربون يعطي إشارة اقتصادية ويقرر الملوثون بأنفسهم ما إذا كانوا سيحدون من الانبعاثات، أو يحدون من نطاق نشاطهم المسبب للتلوث أو التوقف عنه أو الاستمرار في التسبب في التلوث ودفع الثمن.
وبهذه الطريقة، يتحقق الهدف البيئي الشامل بأكثر الطرق مرونة وأقلها تكلفة على المجتمع، ويستمر تسعير الكربون في تحفيز التكنولوجيا وتعمل ابتكارات السوق على تحفيز محركات جديدة منخفضة الانبعاثات الكربونية للنمو الاقتصادي.
وأضاف رئيس مجموعة البنك الدولي اليوم الثلاثاء "ستُتاح للمجتمع الدولي في غضون عام من الآن الفرصة لإرسال إشارة واضحة بأننا كمجتمع عالمي مصممون على إدارة اقتصاداتنا بحيث نخفض الانبعاثات إلى مستوى الصفر قبل العام 2100... إن كل بلد يجد نفسه عند مرحلة مختلفة في مسيرة التنمية. ولذلك، فإن وتيرة وإيقاع خفض انبعاثات غازات الدفيئة والاستثمارات التي سيضطلع بها كل بلد في مجال التكيف ستتفاوت من بلد إلى آخر".
ووفقا لبيانات البنك الدولي، يطبق نحو 40 بلداً وأكثر من 20 مدينة وولاية ومقاطعة بالفعل آليات لتسعير الكربون أو تخطط لتطبيقها، وهذه الجهات مسؤولة عن أكثر من 22 % من الانبعاثات العالمية.
ويعمل العديد من الجهات الأخرى على وضع نظم تفرض تسعيرة للانبعاثات الكربونية في المستقبل، وإجمالاً، فإن هذه الإجراءات ستشمل ما يقرب من نصف الانبعاثات العالمية لغاز ثاني أكسيد الكربون.
ومضى جيم يونج كيم قائلا " برغم ذلك، لدينا فرصة في باريس لتسليط الضوء على طموحنا الجماعي الذي يمكن ترجمته إلى طلب طويل الأجل على النمو النظيف، وزيادة الالتزام بعملية التكيف".
"وكلما ازداد مستوى الطموح، كلما ازداد مستوى الطلب على البرامج والمشاريع التي ستُحدث تحولات جوهرية في اقتصادات العالم. وسيبعث ارتفاع مستوى الطموح أيضا رسالة قوية إلى المستثمرين – من القطاعين العام والخاص، على الصعيدين المحلي والأجنبي - حول ربحية الاستثمارات طويلة الأجل والطلب عليها في مجال الطاقة النظيفة وشبكات النقل، والزراعة المستدامة والغابات، والمنتجات الجديدة المتسمة بكفاءة استخدام الموارد".
وأضاف كيم، "أن باريس يجب أن تكون المكان الذي يمكننا فيه إطلاق صيحة استنفار من أجل تعزيز فعالية إدارة الاقتصادات المحلية والوطنية والعالمية لمكافحة تغير المناخ".
وقال البنك الدولي في تقرير حديث إن تغيُّر المناخ خطر متنام يؤثِّر بالفعل في حياة الناس وسبل كسب أرزاقهم، داعيا إلى خفض انبعاثات غازات الدفيئة في العالم سريعا بنسبة تتراوح من 40 إلى 70 % بحلول عام 2050 من أجل تثبيت درجات الحرارة العالمية الآخذة في الارتفاع وتفادي أخطر الأضرار الاقتصادية.
وأضاف أن مؤسسات الأعمال تعرف كيفية خفض الانبعاثات ويمكنها تعبئة رأس المال اللازم لتمويل التحوُّل نحو سياسات منخفضة الانبعاثات الكربونية، ولكن السياسات غالباً ما تُشجِّع على مكاسب قصيرة الأجل مفضلةً إياها على الاستثمارات في مستقبل مستدام.
وأوضح التقرير أن تسعير الكربون وإلزام الشركات بالإفصاح عن مخاطر تغيُّر المناخ على عملياتها وانبعاثات غازات الدفيئة قد يتيحان البيانات والحوافز الاقتصادية لمؤسسات الأعمال لخفض الانبعاثات والمستثمرين لمساندة مستقبل أكثر نظافة.