الأربعاء  27 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

​القائد الشهيد أبو عمار وشركة كهرباء محافظة القدس/ بقلم: المهندس علي حموده

لمن لا يعرف التاريخ

2018-08-02 03:37:43 PM
​القائد الشهيد أبو عمار وشركة كهرباء محافظة القدس/ بقلم:  المهندس علي حموده
المهندس علي حموده

 

منذ توقيع إعلان المبادئ عام 1993 وما تلاه من اتفاقيات إنتقالية مع الجانب الإسرائيلي،  تعرضت مؤسسات القدس لما يشبه الإبادة الجماعية على مذبح تهويد القدس، وانتهى المطاف بالكثير منها الى أرشيف التاريخ لأسباب فلسطينية ذاتية.  ولو أمعنا النظر اليوم لوجدنا أن عدد المؤسسات المقدسية العريقة التي ما زالت صامدة في ارض الرباط يكاد يقل عن عشر مؤسسات، ومن بينها شركة كهرباء القدس التي يمتد تاريخها (وإن بأشكال مختلفة) لأكثر من 100عام.  وقد حاولت إسرائيل مراراُ إلغاء اميتيازها والتضييق عليها، وحتى السيطرة عليها، ولكنها فشلت حتى الآن في ذلك نتيجة تكاتف الإرادة الشعبية الفلسطينية والقرار السياسي بالحفاظ عليها وضمان استمرار عملها في ارض الرباط وغيرها، كشركة فلسطينية تمثل شاهدا تاريخيا على عروبة وفلسطينية القدس ومؤسساتها.  ليس خافيا على أحد بأن شركة كهرباء تواجه اليوم مصاعب جدية في ما يثار حولا خلافات افتراضة مع السلطة الوطنية الفلسطينية، وهي تقف اليوم على مفترق خطير في مسيرتها المهنية، قد يؤدي عدم التعاطي المسؤول والحكيم والوطني مع الأزمة، لا سمح الله، الى فتح المجال واسعا لتدخل إسرائيل وربما السيطرة عليها في حاضرها ومستقبلها.

يحضرني في هذا المقام عدد من الأحداث التي عصفت بشركة كهرباء القدس، وتم تجاوزها بفضل حكمة وحنكة وحرص القيادة الفلسطينية ممثلة بالقائد الرمز الشهيد ياشر عرفات رحمه الله.

  بداية، لا ادعي بأنني كنت من المقربين من الشهيد ياسر عرفات. بل انه لم تجمعني به الا ثلاث لقاءات.  ولكن بعد نظره تجلى ب 5 مواقف كنت شاهدها ذات علاقه بشركة كهرباء محافظة القدس, و بقيت محفوره في ذاكرتي, عبرت عن مدى حرصه على القدس ومؤسساتها، وشكلت نوعا من الحماية للشركة.

الموقف الأول: عام 1995 عندما عالج شكاوي بعض المؤسسات حول تعرفة الكهرباء وعدم مساواتها بالتعرفة الإسرائيلية، حيث تفهم موقف الشركة ودعمه واكد على أهمية الحفاظ عليها ودورها الوطني كمؤسسه مقدسيه يرتبط تاريخها بالقضية الفلسطينية، واحدى ركائز الاقتصاد الوطني.

الموقف الثاني: عام 1996 حيث كانت الشركة قد باشرت ببناء عمارة فرع الشركة في محافظة رام الله والبيرة، وبناءً على شكوى بعض الموظفين المعارضين لمشروع البناء، الذي روجوه في حينه على أنه يهدف الى نقل مركز الشركة من القدس الى رام الله.  وبعد تقصي الحقائق وسماعه لرأينا وتأكده بأن حرصنا على بقاء مركز الشركة في القدس بنفس قدر تمسكنا بالقدس عاصمة أبدية لفلسطين. بارك أبو عمار المشروع على اعتبار انه جاء في إطار تطوير الشركة لخدماتها للمشتركين.

الموقف الثالث: عام 2002 خلال فترة الاجتياح الإسرائيلي وحصار مقر المقاطعة في رام الله: افتخر المرحوم أبو عمار بجرأة وشجاعة الطواقم الفنية للشركة وعملها في الظروف الخطرة  اثناء منع التجول لإعادة التيار الكهربائي لمقر إقامته ولكافة المشتركين في أحياء رام الله والبيرة، حيث أشار لذلك  اثناء مكالمه هاتفيه مع  وزير الخارجية الأردني في ذلك الوقت الدكتور مروان المعشر  (كما اخبرني احد مرافقيه لاحقا) عندما كان شاهدا على مشادة كلامية بيني وبين القائد العسكري الإسرائيلي عندما رفضت تسليمه مفاتيح غرفة محطة الكهرباء في المقاطعة. وأثناء زيارتنا له بعد انتهاء الاجتياح أعرب عن تقديره العميق لأداء الشركة خلال تلك الفترة.

الموقف الرابع: كان في العام 2003 عند قيام الشركة بقطع التيار الكهربائي عن إحدى المؤسسات الحكومية بسبب تراكم الديون وبعد رفض القائمين على هذه المؤسسة تسديد الفواتير رغم اخبارنا من قبل وزارة المالية بأنه قد تم تحويل الأموال لها. وعند إبلاغ الرئيس المرحوم أبو عمار حول هذا الموضوع كلف وزير الطاقة في حينه بأن ينقل رسالة شكر لإدارة الشركة على ما تقدمه من خدمات للمشتركين متمنياً عليها إعادة التيار مع وعدٍ بتسديد المبلغ (والذي تجاوز 14 مليون شيكل) خلال أسبوع ,وقد أوفى بالوعد. إن هذا الموقف الذي احترمته وقدرته جاء مناقضا لما قام به بعض المسؤولين أن ذاك بالضغط علي وتهديدي بالسجن.

الموقف الخامس: بداية عام 2004: عندما طلب المرحوم أبو عمار من أجهزة السلطة حماية موظفي وممتلكات الشركة من أي تطاول أو اعتداء، ولا أنسى ما قاله بروح مرحة عندما احتد النقاش مع أحد المسؤولين بأن سبب خلافنا هو أنني لم أعد التيار عام 1967 للبيت الذي تخفي فيه أبو عمار في مدينة رام الله.

رحمك الله يا أبا عمار

نحن اليوم نفتقد حلمك وحكمتك و ودعمك الدائم للقدس وأهلها ومؤسساتها الوطنية.