الجمعة  22 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

اختفاء السنوار وظهور العاروري لمباركة صفقة القرن

2018-08-03 09:30:08 AM
اختفاء السنوار وظهور العاروري لمباركة صفقة القرن
رولا سرحان

 

يجري الآن تطبيق صفقة القرن بشكل أذكى من ذي قبل؛ فالمعطيات اليوم تدلل أن مسألة "الإعلان الشكلي والاحتفالي" عنها لم تعد أمراً جديرا بالوقوف عنده، خاصة في ظل ادعاء العرب ونحن الفلسطينيين معارضتنا لها، وهو على ما يبدو قد كان السيناريو الذي جرى العمل عليه لحرف الأنظار عن مسار التطبيق الفعلي للصفقة.

الطروحات المسربة لصفقة القرن، تقاطعت بشكل رئيس عند ثلاثة أمور مهمة تنفذ على مراحل بالترتيب التالي:

- الإقرار بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي.
- قيام دولة في القطاع.
- إنهاء الوجود السياسي التمثيلي للفلسطينيين في الضفة الغربية.

وخلال عام واحد فقط، بدأت كل تلك الأمور تتم بشكل متسارع. فالإعلان الأخير للملك سلمان بتنحية ولي عهده محمد عن إدارة ملف صفقة القرن، جاء بعد أن بدأ تطبيق الصفقة، وكانت الزيارة الأخيرة لكوشنر وجرينبلات – مبعوثا ترامب- للسعودية، زيارة وضعت اللمسات الأخيرة عليها، وذلك على خلاف ما أشيع من أن الصفقة تم تجميدها، ذلك أن أمر الحديث عن وقف الصفقة تزامن مع الإعلان عن الجانب الاقتصادي لها، والذي عنوانه الرئيس تحسين الوضع الإنساني في القطاع.

وعليه شهدنا مباشرة إقرار الكنسيت لـ "قانون القومية اليهودية" الذي يعلن عن إسرائيل دولة خالصة لليهود، وهو ما يمهد لاستكمال ضم وسيطرة الاحتلال على الضفة الغربية دون منح الفلسطينيين أية حقوق سياسية إلا في حالة واحدة وهي قبولهم بشيء يشبه الكونفدرالية مع الأردن.

في ذات الوقت شهدنا تصعيدا متسارعاً، غير مبرر، من قبل اسرائيل وفصائل المقاومة في قطاع غزة، وحديثا توتيريا عن احتمالية قيام اسرائيل بعمل عسكري ضد القطاع، وذلك في الفترة التي سبقت وتلت الزيارة الفجائية لوفد حماس إلى القاهرة في جولة مفاوضات مصالحة مكوكية باءت بالفشل المتوقع، تمهيدا لتبرر حماس لنفسها استبدال ملف المصالحة بالتهدئة طويلة الأمد مع إسرائيل.

أما تبرير حماس لنفسها بأن الإجراءات المتخذة ضدها من قبل الرئيس عباس دفعتها دفعاً نحو الانفصال، هو مسوغ غير مقبول، فالضرورات لا تُبيح المحظورات، رغم اتفاقنا على قسوة الإجراءات المتخذة بحق القطاع، ورغم قصدية الأمر ومدلولات نتائجه.

المشهد المقابل لهذا المشهد المتوتر، كان يسير سريعاً لكن بهدوء، فبينما كانت قطر تلعب دورا أساسيا في إنضاج ملامح الصفقة ما بين إسرائيل وحماس، والتي سرب فحواها السفير القطري محمد العمادي للإعلام الإسرائيلي، وأغضب تسريبها حماس لكنها لم تنف فحواها في حينه، جاءت الورقة المصرية للتفاهمات التي شارك في إعدادها مبعوث الأمم المتحدة ميلادينوف متطابقة معها، والتي تؤدي بشكل أساسي إلي سيادة كاملة لغزة دون الضفة، لكنها سيادة منقوصة بحاجة إلى إسرائيل ومصر، فتكون نتيجتها الحتمية فصل الضفة عن غزة مقابل تحسين الوضع الإنساني للقطاع.

عراب هذه الصفقة هو صالح العاروري، الذي كانت له عودة بتنسيق إسرائيلي مصري لدخول القطاع على رأس وفد من حماس، صاحبه ضجة إعلامية لم ترق لمستوى الضجة التي صاحبت زيارة خالد مشعل لغزة قبل سنوات، وفي استقبال غاب عنه يحي السنوار وفتحي حماد وخليل الحية، والذين لم يكونوا في الاجتماع معه أمام وسائل الإعلام، والذين يشكلون تيار المقاومة مقابل التيار السياسي برئاسة هنية في حركة حماس.

رمزية تراجع يحيى السنوار عن المشهد، والدخول الدرامي للعاروري لقطاع غزة، يراد أن يروج له باعتباره انتصارا سياسيا لحماس وانتصارا لمعاناة أهل غزة، أي انتصار سياسي بغطاء انساني، بينما هو مباركة للمرحلة الثالثة من تطبيق صفقة القرن.