الأربعاء  27 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الخلاص من إرث "أوسلو" شرط لاستنهاض المقاومة الفلسطينية بقلم: ناجح شاهين

2018-08-05 12:10:26 PM
الخلاص من إرث
ناجح شاهين

هناك طريقتان واضحتان لتحقيق الحلم الصهيوني النهائي بتحويل فلسطين كاملة إلى وطن ل "الشعب" اليهودي بدون أية منغصات سكانية عربية فلسطينية.

الطريقة الأولى هي الطريقة الناعمة القائمة على قضم أرض فلسطين تدريجياً مع التخلص من سكانها على نحو هادئ، بما في ذلك تركيزهم في معازل وإفراغ الأراضي الشاسعة من أي سكان. وهذا النهج نراه واضحاً في السياق الحالي. ولا بد أن قيام الفلسطينيين بأعمال عنيفة واسعة النطاق يمكن أن يقلب هذا الاتجاه ويدفع إسرائيل باتجاه الطريقة الثانية.

وهذه الطريقة تقوم على استخدام قوة مفرطة كافية لترهيب الفلسطيني ودفعه إلى الهجرة خارج فلسطين بما يسمح بشكل من التطهير يشبه بشكل أو بآخر ما حدث في نكبة 1948. ويتطلب نجاح هذا المخطط أن يكون الفعل الفلسطيني والقوة العربية ضعيفان بما يسمح لإسرائيل بأن تحصد انتصاراً عسكرياً يرافقه دعاية عن بطولة الجيش الإسرائيلي الذي ينجح مرة أخرى في إنقاذ اليهود من "المذبحة". يرافق ذلك بالطبع هجرة فلسطينية شاملة لا يمكن لوم إسرائيل بخصوصها.

في مقابل ذلك هناك طريقتان فلسطينيتان لكبح جماح المشروع الصهيوني وحشره في الزاوية. وتتمثل الطريقة الأولى في تفكيك السلطة الفلسطينية وإعادة الشعب الفلسطيني إلى وضعه السابق بوصفه شعباً مدنياً محتلاً يواجه دولة مدججة بالسلاح. في هذا السياق يمكن للنضال الفسطيني أن يربح "أخلاقياً" وإعلامياً مثلما حصل في الانتفاضة الأولى، لأن الأمور تكون واضحة محسومة من ناحية طبيعة الصراع القائم بين قوة احتلالية وشعب مظلوم يرزح تحت نير الاحتلا ل.

بهذا الشكل ستجد إسرائيل نفسها عاجزة تماماً عن التطرف باتجاه التطهير، وربما تضطر إلى إعطاء الفلسطينيين حقوقاً ما قد تصل إلى دولة في الضفة والقطاع، أو قبول الفلسطينيين مواطنين في دولة إسرائيل العتيدة.

الطريقة الثانية وتتمثل في تفعيل الكفاح المسلح مع الاستناد إلى عمق عربي لبناني وسوري تعجز إسرائيل على الأقل عن هزيمته على نحو حاسم مما يجعل الحرب مكلفة بالمقدار الذي يؤدي إلى اندحار المشروع الصهيوني بمقدار يتلاءم مع حجم الفشل العسكري.

في الأحوال كلها تشكل أنماط النضال السلمي في ظل وجود سلطتي غزة ورام الله نوعاً من "الباراسيتامول"  الذي يوهم بالتغلب على المرض ولكنه يسكن الأعراض لبعض الوقت لا أكثر ولا اقل. والواقع أن نجاعة أي نضال سلمي/شعبي يتطلب بالضرورة عدم وجود "كيان" سياسي فلسطيني، لأن ذلك الكيان يمتص أية فرصة لتشكيل الضغط الأخلاقي والسياسي على إسرائيل بسبب أن أي شيء يحصل يمكن نسبته إلى مخططات الكيان الفلسطيني الذي يغذي الأنشطة الإرهابية المعادية لإسرائيل. في هذه الحال ستنجح إسرائيل في تقديم أي شيء على أنه دفاع مشروع عن النفس ضد الكيان الفلسطيني الذي يمارس الإرهاب ضد إسرائيل ومواطنيها. وفي وجه العموم كثيراً ما ترتد الأنشطة السلمية الفلسطينية إلى نحور الفلسطينيين عندما تتحول بعض التحركات في قرى مثل النبي صالح وبلعين وبيت أمر...الخ إلى مناسبات لاستعراض أخلاقية الجيش الاسرائيلي الذي يتعامل بصبر وإنسانية مع المتظاهرين السلميين ويمتنع عن أي رد يمكن أن يلحق الأذى الشديد بهم.

يبدو إذن أن وجود "الكيان" الفلسطيني في سياق أوسلو قد وجه ضربة لفكرة "السلمية" على نحوخطير إذ أنك لا تستطيع أن تقاوم عدوك سلمياً بينما يوجد هناك "دولة" لها رئيس وجيش وأجهزة تمثلك في الصراع: لا يستطيع سكان كندا الهجوم على جيش الولايات المتحدة إلا إذا غابت الدولة الكندية، أما إن كانت موجودة فإن الولايات المتحدة ستطلب منها أن تضبط مواطنيها أو تقبل "اضطرار" جيش الولايات المتحدة إلى الدفاع عن أراضيها بالسبل المناسبة.

نتوهم أن الكثير من عناصر قوة إسرائيل الراهنة مشتق من اتفاقية أوسلو. ومهما يكن المجهول مخيفاً فإن إنهاء أوسلو يشكل الشرط الضروري الأول من أجل إعادة بناء النضال الذي يحمل في اللحظة الراهنة الكثير من الوعود خصوصاً مع فشل المشروع الأمريكي/الاستعماري في سوريا وتعاظم قوة معسكر  المقاومة وعلى رأسه حزب الله.