الحدث العربي والدولي
اعتبرت إيران الاثنين أن الولايات المتحدة "معزولة" في موقفها من الجمهورية الإسلامية التي تستعد لإعادة فرض العقوبات الأميركية عليها وسط اضطرابات سياسية داخلية تعصف بالبلاد.
وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف "بالتأكيد ستتسبب الضغوط السياسية الأميركية ببعض الاضطرابات لكن الحقيقة أن أميركا معزولة في عالم اليوم".
ويُنتظر أن تعيد واشنطن فرض عقوبات على إيران الثلاثاء عقب قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب في أيار التخلي عن الاتفاق النووي الذي أبرم عام 2015 في تحرك عارضته باقي الأطراف الموقعة على الاتفاق.
وفي بيان مشترك وقعه وزراء خارجية كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا، قالت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني "نأسف لإعادة فرض العقوبات الأميركية".وأضاف البيان "نحن مصممون على حماية المؤسسات الاقتصادية الأوروبية الناشطة في أعمال مشروعة مع إيران".
وعلى الرغم من هذا التأييد المعلن، أعلن العديد من كبرى الشركات الأوروبية أنها ستخرج من السوق الإيرانية خوفاً من الغرامات الأميركية.
وتسببت المواقف العدائية الأميركية في التهافت على شراء الدولار وأدى الضغط على العملة الإيرانية حتى قبل دخول العقوبات حيز التنفيذ إلى فقدان الريال أكثر من نصف قيمته منذ إعلان ترامب الانسحاب من الاتفاق.
ومن المنتظر أن يلقي الرئيس الإيراني حسن روحاني خطابا متلفزاً مساء اليوم الاثنين لعرض خططه للتعامل مع تراجع العملة وتأثير العقوبات.
سياسات جديدة
وكشفت الحكومة الايرانية في وقت متأخر الأحد سياسات جديدة تتعلق بصرف العملات الأجنبية وتسمح باستيراد غير محدود وبدون ضرائب للعملات والذهب وإعادة فتح مكاتب صرف العملات بعدما أدت محاولة كارثية في نيسان لتثبيت سعر صرف الريال إلى مضاربات واسعة النطاق في السوق السوداء.
ومع دعوة السلطات الدينية العليا إلى إطلاق حملة على الفساد، أعلن القضاء الأحد توقيف مساعد محافظ البنك المركزي لشؤون العملات الصعبة أحمد عراقجي مع أربعة من السماسرة وموظف حكومي.
ويبدو أن هذه الإجراءات هدأت الأسواق الإثنين مع تحسن الريال إلى 95,500 مقابل الدولار - بزيادة عشرين بالمئة مقابل 119,000 وهو سعره القياسي الأدنى قبل أسبوعين.
ويتوقع أن تدخل إعادة فرض العقوبات على ايران حيّز التنفيذ فجر غد الثلثاء السابع من آب كمرحلة أولى وفي 5 تشرين الثاني كمرحلة ثانية.
وتستهدف الحزمة الأولى قدرة إيران على شراء الدولارات وصناعات رئيسية تشمل السيارات والسجاد، والمعادن والفحم والبرمجيات المرتبطة بالصناعة.
لكن يتوقع أن تكون المرحلة الثانية التي سيتم خلالها حجب مبيعات الخام الإيرانية الأشد تأثيرا، رغم أن دولا عدة بينها الصين والهند وتركيا أشارت إلى أنها غير مستعدة للتوقف بشكل كامل عن شراء النفط الإيراني.
وبعد شهور من التصعيد الكلامي، أعلن ترامب الأسبوع الماضي استعداده للقاء القادة الإيرانيين بدون شروط مسبقة.
لكن ظريف أشار إلى صعوبة تصور إجراء مفاوضات مع ترامب بعدما تخلى الأخير عن الاتفاق النووي الذي امضت إيران وقوى العالم "ساعات هي الأطول في تاريخ أي مفاوضات" للتوصل إليه.
وأضاف "هل تعتقدون أن هذا الشخص (ترامب) هو شخص جيد ومناسب ليتم التفاوض معه. أم أن ما يفعله هو مجرد استعراض؟"
ورأى ظريف أن "العالم بأسره" غير متفق مع السياسات الأميركية حيال إيران قائلا "تحدثوا إلى أي شخص في أي مكان في العالم وسيقول لكم إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان هم معزولون، وليس إيران".
ووصف وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان اعادة العمل بالعقوبات الأميركية بأنه "قرار شجاع سيبقى ماثلاً في الأذهان لأجيال".
"يدركون صلابة" واشنطن
وفيما اعلن البيت الابيض أن ترامب وقّع اعادة فرض العقوبات على ايران، أعلن الأخير "انفتاحه" على اتفاق نووي جديد.
وسرت شائعات عن إمكان عقد لقاء بين ترامب وروحاني في وقت لاحق من الشهر الجاري في نيويورك حيث سيحضران اجتماع الجمعية العمومية التابعة للأمم المتحدة. لكن العام الماضي، ذكرت تقارير أن روحاني رفض عرض الولايات المتحدة إجراء لقاء من هذا النوع.
وطرح ترامب مجددا خلال نهاية الأسبوع فكرة عقد لقاء مع روحاني قائلا "سألتقي به أم لا، لا يهم... الأمر عائد إليهم".
وأعلن ترامب أنه يريد اتفاقا جديدا مع إيران يتجاوز تقييد برنامجها النووي ليضع حدا لما تعتبره واشنطن "تأثير طهران المؤذي" في المنطقة، بما في ذلك دعمها للرئيس السوري بشار الأسد وتهديداتها بإغلاق مضيق هرمز الاستراتيجي الذي يعد من أهم الممرات البحرية للنفط.
ويرى مسؤولون أميركيون أن ضغوط ترامب أثمرت بعض النتائج، إذ يشيرون إلى توقف قوات البحرية الإيرانية المفاجئ عن مضايقة السفن الحربية الأميركية في الخليج هذا العام.
ويقول مارك دوبويتز، الرئيس التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات، وهو مركز أبحاث في واشنطن ضغط من أجل إعادة التفاوض على الاتفاق النووي الإيراني، إنه عندما تشعر إيران "بصلابة الجانب الأميركي تتراجع لكن عندما ترى أميركا ضعيفة تندفع. في الوقت الحالي، هم يدركون صلابة" واشنطن.
المصدر: ا ف ب