عزيزتي عهد،
لا تكترثي أيتها الجميلة لما قيل ويقال عنك فهذه الهجمة تعبير عن أزمة يعيشها غيرك ويروج لها من يمتلك من الوقت وقلة المشاركة ما يكفي للتنظير. انثري الفرح والابتسامات واستمري في إطلاق العنان لما فيك من عنفوان وعفوية حركت في الملايين من الأحرار حول العالم مشاعر الفخر والاعتزاز والإلهام.
ظلمناك أيتها الجميلة حين حملناك أمانينا ورأينا في صفعتك ما لم تقوى عليه أيادينا. وعشنا من خلالك لحظة عز في زمن تتكسر فيه القامات وتهوي في سحيق النفاق والازدواجية. ظلمناك حين حولناك إلى أيقونة تمثل جيلاً من الثورة النقية دون إذن منك أو استئذان من أبيك وأمك اللذين دفعا بعمرهما فداء لحرية تعيش فيهم ولا يقوى السجن أو السجان على تقييدها. كنت طفلة والآن أنت عنوان لمسيرة شعب يأبى أن ينكسر أو ينحني ويسخّر المستحيل لخدمة الحلم اليقين بالنصر على الظلم وعنجهية القوة وسكرتها.
يا عهد،،،
لست الأسيرة الأهم ولم تمضي في السجون سنوات مثل غيرك وما زال أمامك درب من العنفوان والتحدي وربما الأثمان الإضافية. لكنك حكاية شعب راقبناها بإعجاب صامت منذ سنوات. نحن الذين بكينا لبكائك وأنت تواجهين الجنود طفلة وتحاولين تخليص أمك من الاعتقال. شهراً بعد شهر وسنة بعد سنة، راقبنا كيف كبرت وكبر معك العهد والوعد بالمقاومة والكرامة والحرية وكيف تحولت من طفلة صغيرة إلى فتاة فاتنة بأفعالها. لا تصدقي أن شعرك الذهبي هو سبب إعجابنا بك أو أن عينيك الزرقاوين هما سر السحر الذي أسر قلوبنا. كل منا رأى نفسه فيك وتمنى لو أن يده كانت هي التي ارتفعت في وجه غاصب عنجهي قهرنا ويقهرنا منذ ما يقارب المئة عام. لا تعتذري عن الاهتمام الدولي الذي حظيت به، لأنك وعلى عكس ما يتمناه المغرضون، انتصرت لشعبك وروايته وجعلت منهم محور الحكاية. جليّ لمن يرى المشهد بصفاء أنك منهكة من الانتباه وأن الضجر أصابك من كل هؤلاء. لا عليك... ستكملين مشوارك كما تحبين له أن يكون وستغزلين أنت وأبناء جيلك من حب الحرية مستقبلا وشمساً لا يحجبها السجن مهما علت أسواره.
استمري كما أنت وارسمي دربك بإرادتك وحافظي على عفويتك التي من خلالها قلت للعالم ما يعجز عن قوله الكبار والقيادات. أنت لست بضحية. أنت ثائرة حرة قدّر لها أن تعري منظومة عنصرية بصفعة. سيتعرف العالم من خلالك على الفلسطيني الطفل والفلسطيني الأسير والفلسطيني الثابت على أرضه والمتمسك بحقوقه بالفطرة. حتى لو كان بعض العالم قد أحبك لأنك تشبهينه، لا تعتذري. استثمري اهتمامهم ومناصرتهم لكسر الصور النمطية عن أبناء وبنات شعبك وعرّي عنصريتهم التي لا يشعرون بها حتى يعتذروا هم عن تجاهل عذاباتنا والظلم المستمر بحقنا.
الأيقونات تولد في قلوب الناس ولا تفرض نفسها عليهم. وقد توجك المحبون والأحرار أيقونة ليس لأنك ستحجبين الاهتمام عن غيرك من المناضلين والأحرار من أبناء شعبك بل لأنك ودون أن تعرفي أو تقصدي، فتحت شبابيك البصيرة على مصراعيها فرأى العالم فيك وبك قصة كان مستعداً أن يستمر في تجاهلها أو تبريرها تحت ذرائع عدة. أنت وأبناء جيلك من المبدعين الثائرين حكاية الحاضر وأمل المستقبل فلا تنتظري أحداً ولا تستمعي لمن يرحّل أهمية عطائكم للمستقبل. ولا تلتفتي لعناوين الإحباط والمزايدة والتفتيت فكلها عناوين ستبقى حبيسة قارعة الذكريات إذا ما بقيتم على عهد الحرية والنقاء. انثروا الحب والعنفوان ولا تكترثوا لأمراض وعقد من سبقوكم ولا تثقلوا كاهلكم أو تبطئوا خطواتكم السريعة بأثقالهم... الوطن أكبر من كل العناوين فأبقي على الوطن عنواناً ولا تقبلي غيره. لا تنظري إلا للأمام الذي رسمت طريقه باكراً...
لن ينتصر الاحتلال ومنظومته الاستعمارية الإقصائية طالما بقيت هذه الروح وبقينا معك وبك وبجيلك الواعد على عهد الحرية.
كوني بحب وبخير وقوة... لك التحية والحب وعليك السلام يا حرة.