الحدث- فرح المصري
تشهد الساحة الفلسطنية تراجعا حادا في خطوات إنجاز المصالحة الوطنية وإنهاء الإنقسام الفلسطيني، فالتأثيرات السلبية التي نشأت بفعل التفجيرات الأخيرة في قطاع غزة، والتراشق الإعلامي والاتهامات والتحريضات التي تلفق هنا وهناك، أدى إلى نشوء حالة من التشائم في الشارع الفلسطيني، والعودة إلى المربع الأول.
في هذا الموضوع، قال عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية في غزة كايد الغول: "إن الجهود تبذل من أجل إنهاء الانقسام، واحتواء التأثيرات السلبية التي نشأت بفعل التفجيرات التي جرت لمنازل عدد من قيادي حركة فتح في قطاع غزة، وما تلاه ذلك من تراشق إعلامي أدى إلى إعادة توليد مناخات سلبية وخلق حالة من التشاءم في الشارع الفلسطيني".
وأضاف: "بادرنا في الجبهة الشعبية إلى جانب الجبهة الديمقراطية وحركة الجهاد وحزب الشعب، إلى التحرك لاحتواء ما جرى، وتم عقد لقاءات منفصلة مع حركتي فتح وحماس إلى أن توصلنا إلى عدد من النقاط التي يمكن أن تشكل أساس لمغادرة الحالة التي نحن عليها، من أهمها أن تستمر الأجهزة الأمنية في جهودها للبحث والكشف عن منفذي التفجيرات التي حصلت لمنازل وممتلكات أعضاء حركة فتح، ووقف التصريحات الإعلامية التي خلقت مناخات سلبية، واستخدام الخطاب الإيجابي الذي يعزز من اسناد جهود المصالحة، ودعوة الحكومة إلى مباشرة تسلم مهماتها في القطاع، بما في ذلك تسلم المعابر ومعبر رفح، وتشكيل لجنة وطنية تعمل على تذليل العقبات التي يمكن أن تواجه الحكومة في عملها، وأخيرا دعوة الإطار القيادي للاجتماع من أجل تذليل العقبات التي تواجه اتفاق المصالحة".
وتابع الغول لـ"الحدث": "نعتقد أن هذه البنود الخمس، التي جرى التوافق عليها ستشكل الأساس في مغادرة الحالة التي نشأت وسيعقد اجتماع آخر لهذا الهدف مع بداية الأسبوع المقبل، لبحث آليات تنفيذ هذه النقاط الخمس، حتى نتقدم بالمعنى الملموس إلى الأمام، وأن نغادر التعامل مع الانقسام من منطلق النظرية الفئوية الخاصة، والعمل على تنفيذ المصالحة الوطنية بشكل متكامل وإعطاء كامل الصلاحيات للمؤسسات التي تم التوافق عليها للقيام بمهامها بعيد عن أي تعطيل أو عقبات يمكن أن تفرغ هذه المؤسسات من مضمونها".
في الإطار ذاته، قال القيادي في حركة الجهاد الإسلامي أحمد المدلل: "إن موضوع المصالحة ما زال يتراوح في مكانه، ويكمن في موضوع التمني أن ينتهي هذا الانقسام وهذا يتمناه كل فلسطيني، لكن إلى هذه اللحظة لا نستطيع القول إن هناك جدية لإنهاء الانقسام، نعيش الآن حالة من التشاور حول الوضع الذي وصلت إليه الحالة الفلسطينية في ظل التراشق الإعلامي المستمر، خصوصا أن الطرفين ما زال يعشعش في عقلهما موضوع المحاصصة، ولا أعتقد أن هناك مشاركة سياسية حقيقية من قبل كل الفصائل الفلسطينية، وليس هناك جدية من الفرقاء لإشراك الفصائل الأخرى حتى ننهي هذا الانقسام، الوضع الحزبي والمحاسسة هو ما يؤخران موضوع المصالحة".
ورأى المدلل لـ"الحدث": "أن الوضع الفلسطيني الآن يتجه نحو المجهول، ليس هناك أي أفق لإنهاء الحصار في قطاع غزة حتى اللحظة، والوضع في الضفة الغربية يراوح مكانه، في اللحظة التي يمعن العدو "الصهيوني" في إجرامه ضد القدس والمسجد الأقصى، والضفة الغربية التي استفشى فيها الاستيطان".
وأشار إلى وجود أزمة يعيشها الفلسطينيون جميعا، بسبب الضيق السياسي الفلسطيني، ولا مخرج من هذه الأزمات التي يعيشها الفلسطينيون إلا من خلال الوحدة الفلسطينية الكاملة والشاملة والإرادة الخالصة للسير نحو هذه الوحدة، وإيجاد استراتيجية فلسطينية وطنية موحدة لإنهاء الحصار".
من جهته، قال المحلل السياسي طلال عوكل: "إن القيادة السياسية هي السبب الرئيسي في الانقسام، وهناك أيضا عوامل خارجية تضغط من أجل منع تحقيق الوحدة الوطنية، لكن إنهاء الانقسام يحتاج إلى عمل مختلف عن السابق، فالاتفاقيات السابقة قدمت أقصى ما يمكن تقديمه، وأقصى ما تم تقديمه لم ينجح في إنهاء الانقسام".
واستطرد عوكل: "نحن بحاجة إلى إجراء مراجعة حقيقية من قبل الفصائل الأساسية، وإجراء مراجعات داخلية ومراجعات جامعية لكل التجربة السابقة، والتوصل إلى استراتيجيات أساسية لتحقيق مصالحة حقيقة بين الأطراف، لتلاقي الأطراف عند مربع الشراكة الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والوحدة الوطنية، والوحدة الوطنية تحتاج ثمن أكبر من ذلك، ويجب أن نفرض أمر واقع على كل الفاعلين السياسين الدوليين لتجاوز هذه المحنة، فالانقسام أصبح واقع وجزء أساسي وعميق من المشهد الفلسطيني".
من جهته، قال المحلل السياسي هاني البسوس: "إن ما وصلت إليه الساحة الفلسطينية، يؤكد أنه لا يوجد أفق سياسي لإنهاء الانقسام خلال الفترة المقبلة، فالانقسام ما زال موجودا ويتسع فجوته، إضافة إلى وجود حالة من المراشقات الإعلامية التي تزيد من حدة الانقسام، وبذلك لا يمكن إنهاؤه بهذه الأجواء العامة، لأنه لا يوجد ثقة بين الطرفين المنقسمين، ولأنه لا يوجد نوايا صادقة نحو المصالحة، بالتالي أصبح موضوع المصالحة بعيد المنال، ومن الصعب جدا القول إنه هناك إمكانية لإنهاء الانقسام خلال الفترة القليلة المقبلة".
وأشار إلى أن العام المقبل قد يشهد تحولات نوعية على الساحة الفلسطينية، فقد يتم تحديد موعد للانتخابات العامة والرئيسية، لكن قد تكون هذه الانتخابات نهاية العام المقبل، أو بداية العام 2016، بسبب وجود ضغوط إقليمية وفلسطينية من أجل أن يكون هناك تحول نوعي على الساحة الفلسطينية، وقد يأتي هذا الموضوع بثمار سياسية إيجابية لإنهاء الانقسام.