خاص الحدث ــ محمد بدر
تنظر "إسرائيل" لحركة الجهاد الإسلامي على أنها التنظيم الأكثر تطرفا من ناحية سياسية من بين الفصائل الفلسطينية، فالجهاد الإسلامي لم تدخل مؤسسات السلطة، وبالإضافة لذلك تتهمها "إسرائيل" بشكل مستمر بأنها التنظيم الأكثر مبادرة إلى التصعيد الميداني.
وبحسب صحيفة هآرتس العبرية فإن "الجهاد في السنوات الأخيرة تمكن من إنشاء قواعد واضحة للاشتباك بينه وبين جيش الاحتلال الإسرائيلي"، وتضيف هآرتس: "الجهاد الإسلامي ليس لديه ما يلتزم به إلا المقاومة المسلحة ضد إسرائيل، لذلك فإنه مستعد دوما للرد على نشاطات جيش الاحتلال عند قصف الجيش لعناصرها أو ممتلكاتهم العسكرية، فعلى امتداد سنوات، ومن خلال المعونة الاقتصادية والعسكرية الإيرانية، أصبحت الحركة قوة عسكرية في غزة والضفة، وحتى لو لم يعترف الجيش الإسرائيلي بذلك، فإن الجيش يعلم جيداً أن ضرب أهداف الجهاد أمر خطير".
في موجة التصعيد الأخيرة والتي وقعت بعد استشهاد اثنين من عناصر كتائب القسام، أشارت سرايا القدس إلى أنها هي من بدأت القصف والرد على الاعتداء الإسرائيلي، وأوضحت السرايا بأنها بادرت بقصف مستوطنة سديروت، مضيفة بأنه: "كان هناك رسالة يجب أن تصل ووصلت".
وفي بيان لها قالت إنها لن تسمح لإسرائيل بأن تغير قواعد المواجهة مهما كلف ذلك المقاومة من ثمن، وأضافت: "نؤكد على تمسكنا بالرد على كل عدوان ينفذه الاحتلال ضد شعبنا الفلسطيني تثبيتاً لقاعدة القصف بالقصف".
بعد انتهاء الجولة الأخيرة، عادت التقارير تتحدث مرة أخرى عن مقترحات مصرية أممية مقابل هدنة طويلة الأمد في غزة وتبادل للأسرى بين "إسرائيل" وحماس، مشيرة إلى أن حماس وافقت على توسيع دور الوسطاء المصريين في ترتيب أي وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، كما وأفادت بأن حماس قد وافقت على أن تكون مصر الوسيط الوحيد في أي صفقة تبادل للأسرى في المستقبل.
وقالت بعض التقارير إن حماس وافقت على إشراف مصري رفيع المستوى على كافة المشاريع والمقترحات المتعلقة بقطاع غزة، كما وأشارت التقارير إلى وجود مبادرة لإنشاء ميناء في قطاع غزة، مشيرة إلى أن حماس ستوافق فقط على الإشراف الدولي والمصري على الميناء، كما وأكدت المصادر أن حماس رحبت بمبادرة بناء مطار في شبه جزيرة سيناء لسكان قطاع غزة.
"دون أن نرفع يدنا عن الزناد وعيننا على العدو"
وحول موضوع الهدنة طويلة الأمد والمشاريع المصرية والأممية المقترحة، وكذلك حول زيارة الجهاد الإسلامي لروسيا، أجرت الحدث حوارا مع عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي الدكتور أنور أبو طه، الذي كان ضمن الوفد القيادي الذي زار موسكو.
أبو طه أكد للحدث أن مسألة التهدئة ومدتها مسألة تقررها "المصلحة الميدانية للمقاومة وشعب المقاومة"، مضيفا: "شرط التهدئة لجم العدوان وحماية شعبنا ومقدراته، دون أن نرفع يدنا عن الزناد، وعيننا على العدو".
وفي موضوع الهدنة، قال أبو طه إن مسألة الهدنة أكثر تعقيدا سواء كانت لفترة قصيرة أو طويلة، مشيرا إلى أن الجهاد الإسلامي "لا يمكن أن توافق على أي شكل من أشكال الهدنة التي تعترف بالعدو، أو تشرّع العدوان، أو ترتكز لشروط سياسية تهدر الحقوق الوطنية، أو تصادر حق المقاومة في الرد على أي عدوان".
وشدد أبو طه على أن الجهاد الإسلامي تتعامل مع أي موقف من "إسرائيل" على قاعدة مشروعية المقاومة الشاملة وعلى رأسها الكفاح المسلح، مؤكدا على أن الكفاح المسلح هو حجر الأساس في برنامج الجهاد الإسلامي وفكرها.
"المشاريع السياسية تطرح بغطاء اقتصادي.. لقتل روح المقاومة"
وعن المقترحات المتعلقة بالمشاريع الاقتصادية الخاصة بقطاع غزة، قال أبو طه: "هناك محاولات لجهات إقليمية ودولية لفرض اتفاقيات سياسية تحت عنوان اقتصادي، وهي محاولات قديمة جديدة، ولكنها تطرح الْيَوْمَ بعد أن فشل العدو في كسر إرادة شعب المقاومة بالقوة والحصار والتهديد، وعجز أن يسلب المقاومة سلاحها فضلا عن روحها وإرادتها".
وأضاف أبو طه: " نحن مع أي جهود تخفف من معاناة شعبنا الإقتصادية والإنسانية وترفع الحصار عنه كما في قطاع غزة الصامد الصابر، بل كنّا دوما وسنكون عونا وخدما لشعبنا في كل ميدان.. نحن في الجهاد الإسلامي منفتحون على أي جهود عربية وإسلامية ودولية خيِّرة، تدعم صمود شعبنا في أرضه، وتساهم في توفير الحياة الكريمة التي تعينه على الاستمرار على طريق تحرير وطنه واستعادة حقوقه".
وعن العدوان الأخير على قطاع غزة، وفي ظل حديث جيش الاحتلال عن قصفه لأكثر من 140 هدفا للمقاومة في القطاع، قال أبو طه: " العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة ليس جديدا بل متكررا، ويأتي أولا في سياق طبيعة الكيان الإسرائيلي الإجرامية، وثانيا محاولة منه في فرض معادلة العدوان دون ردع من قبل المقاومة، لتبقى يده طليقة، ولكننا في الجهاد الاسلامي لن نخضع أو نستسلم لغطرسته. وسنستمر في الرد على كل عدوان، ولن يرهبنا بكثافة النيران التي استهدف فيها القطاع في عدوانه الأخير، أما أن يفرض علينا تهدئة من طرف واحد فتلك أوهام وأحلام، ولدينا من القوة والإرادة واليقظة ما يكفي لإفشال رهاناته ومخططاته".
"سنستمر في المقاومة"
وأكد أبو طه أن الجهاد الإسلامي لا تخشى أية مخططات قادمة، مشيرا إلى أن الحركة ستستمر بممارسة حقها في المقاومة أيا كانت التحديات وصعوبة المرحلة، وأردف قائلا: "لقد تصدينا لاعتداءات إسرائيلية متكررة، وكنا كل مرة نعود في مواجهته أقوى عودا وأصلب إرادة، وأمضى سلاحا.. بدئنا مشروعنا الجهادي التحرري بالحجر والسكين فالرصاص والإستشهاد، وها نحن اليوم نحمي شعبنا بالسلاح الأمضى والأدق، ولَم ينال سجن أو قتل أو حصار من إرادتنا على مواصلة المواجهة ورد العدوان والدفاع عن شعبنا، بل انسحب الاحتلال صاغرا مهزوما من قطاع غزة، وبعد انتفاضة الأقصى بنى الجدران من حول مستوطناته ومدنه خوفا ورعبا من المقاومة".
زيارة روسيا
وحول زيارة حركة الجهاد الإسلامي لروسيا، قال أبو طه: " زيارة وفد الجهاد الإسلامي إلى روسيا جاءت بدعوة من وزارة الخارجية الروسية للإطلاع على موقف الحركة من الأحداث والتطورات الحاصلة على صعيد القضية الفلسطينية باعتبار حركة الجهاد تتمتع برصيد نضالي وسياسي وازن، وصاحبة علاقات وطنية ذات ثقل ومصداقية لدى عديد الأطراف. ومن جهتنا رحبنا بتلك الدعوة وشرحنا للجهات الروسية المؤامرة التي تحاك من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وأطراف إقليمية لفرض ما سمي "بصفقة ترامب" والتي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية لصالح دولة العدو، تحت عناوين مختلفة. كما شرحنا للجانب الروسي المعاناة اليومية الشاملة التي تمس بشعبنا جرّاء الحصار على قطاع غزة والعدوان المسلح المتكرر والدائم عليه، والتضييق والقمع لشعبنا في الضفة، والإضطهاد العنصري لشعبنا في أراضي العام ٤٨ بدعوى يهودية الدولة. وعرض الوفد والجانب الروسي سبل توحيد الصف الفلسطيني وإعادة بناء المرجعية الفلسطينية ممثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية. وقد أبدى الجانب الروسي اهتماما كبيرا بمواقف الجهاد السياسية وتفهما واضحا لمقاومتنا للاعتداءات الإسرائيلية المتكررة".
يشار إلى أن أنور أبو طه من أبرز قيادات الجهاد الإسلامي وعضو مكتبها السياسي، وهو من مواليد مدينة رفح ومقيم في سوريا، وحاصل على درجة الدكتوراة في علم الاجتماع السياسي، ودرجة الدبلوم في الدراسات الإسلامية.