أيام قليلة تفصلنا عن الاجتماع الأول للمجلس المركزي الفلسطيني وفق تركيبته الجديدة، وكالعادة يوزع على الأعضاء جدول أعمال الدورة، وفيه بنود تحتاج إلى أشهر وسنوات لاستيفاء معالجتها والتوصل إلى حلول لمعضلاتها.
وكالعادة تفتتح مساجلات خطابية تستهلك كل وقت المجلس، الذي يكون بيانه الختامي قد أعد بالساعات الأولى من افتتاحه.
جدول الأعمال الذي وزع لهذه الدورة التي حملت اسم شهيدة غالية هي رزان النجار؛ يخلو من البند الأهم الذي يتعين على المجلس التفرغ لمعالجته واتخاذ قرارات عملية بشأنه، لا أعني بند الانقسام الذي دخل عامه الحادي عشر ولم يتم التوصل لا إلى إنهائه ولا إلى التقليل من آثاره المدمرة، ولا أعني إلغاء التنسيق الأمني الذي أصبح الأغنية المفضلة للأعضاء، حيث التصفيق وقوفا ابتهاجا باتخاذ قرار بوقفه، دون الاكتراث إلى أن هذا القرار سيطويه النسيان بعد دقائق من اتخاذه، ولا أعني تطبيق قرار سابق بالتخلص من الشيكل كعملة متداولة حيث اجتهد البعض باستبداله بالعملة الافتراضية " بيتكوين".
البند الغائب الذي قصدته هو كيف يحافظ المجلس على ما تبقى له وللمنظمة من مصداقية، لا ينكر أحد تراجعها إلى ما دون الحد الأدنى، وتآكل المصداقية هو أخطر الظواهر التي تعاني منها الكيانات السياسية، ووقف هذا التآكل لا يتم بالبيانات وادعاء عدم وجوده، وإنما يتم من خلال التجدد في الدماء والأفكار والآليات، ويتم كذلك من خلال التقيد بمواعيد محددة للاجتماعات، ذلك أن الفترات المتباعدة وأحيانا كانت تزيد على ثلاث سنوات بينما القانون يحدد ثلاثة أشهر.
هذا التباعد أدى إلى نسيان الجمهور وجود مؤسسة يفترض أنها الأعلى في غياب المجلس الوطني، وحتى نسيان عدد من الأعضاء لكل ما كان في الجلسة السابقة وكأنها في الجلسة اللاحقة تبدأ من الصفر.
كذلك ينبغي عدم التقليل من أهمية دور القرارات التي لا تنفذ، فهذه الظاهرة التي رافقت المجلس المركزي عبر دورات متعددة، جعلت المجلس حين انعقاده كما لو أنه يدير ندوة داخل غرفة مغلقة لا يعرف الأعضاء ما يدور خارجها ولا يعرف المواطنون ما يدور بداخلها.
هذا هو البند الغائب عن جدول الأعمال المكتظ بعناوين استراتيجية، فما فائدة العناوين مهما كانت عظيمة وفخيمة حين تتراجع المصداقية ويدير الناس ظهورهم عن الإطار ويصرفون انتباههم عنه وعن ما ينتج عنه.