الأربعاء  27 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

صفقة القرن وقرن الصفقة / بقلم: محمد أبو ظاهر

2018-08-14 06:48:23 PM
صفقة القرن وقرن الصفقة / بقلم: محمد أبو ظاهر
محمد أبو ظاهر

 

انشغل الوسط السياسي الفلسطيني في الآونة الأخيرة بالتعاطي مع مصطلح صفقة القرن بنوع من الأعصاب المشدودة، والتي طالما تعامل مع المصطلحات السياسية بذات الطريقة؛ إذ لم يكن قد تعامل مع مصطلح خطة الطريق أو الشرق الأوسط الجديد بمستوى أعلى من الارتياح، وهذا من أهم المؤشرات التي تدل على أن المؤسسة السياسية الفلسطينية دائما ما تحتاج إلى فترة زمنية حتى تستدخل الأجندة السياسية التي أعدت إليها، مما يجعل المؤسسة السياسية الفلسطينية "مشكّلةً بأحزابها ومحلليها" خلف عجلة القطار التي تدور في صناعة الحدث، إلا أن التعامل مع صفقة القرن لم يكشف عن هذا التأخر فحسب؛ بل إنه كشف عن إحالة جديدة وهي البحث عن السؤال الأول في تكوين الواجهة السياسية وهو "من هو الفلسطيني؟".
بين كلمتي صفقة القرن يظهر تنافس شديد لدى القيادة السياسية في الضفة لتكون قرن الصفقة، والقرن هنا بإحالته الاجتماعية يعود إلى التعريف الشعبي الذي كان يحيل إلى مصطلح "الكومبرادور" لدى سلطة الاحتلال، أما في غزة فعبر لغة الحرب استطاعت حماس مماطلة الشارع والتلاعب في آلية تسريب مخططها السياسي؛ فقد نجحت في تحويل الحرب الشاملة إلى حرب ذات مواقع محددة، إذ لا يمكن أن تهدم الآلية العسكرية الإسرائيلية ما بنته مؤسسات عالمية من شبكات مياه وصرف صحي وأبراج، كآلية لتفريغ المخيمات الفلسطينية هناك، وهنا تتناوب المؤسسة الإسرائيلية في التعامل مع هاتين السياستين بشكلين مختلفين؛ فهي في غزة تدخل حيز الاغتيالات الشخصية وقصف المواقع المحددة دون الحرب الشاملة، وهذا ما سيمكن نتنياهو من جعل الهدنة زانة للقفز يتجاوز بها صفقة التبادل بينه وبين حماس مع حفاظه على تأييد الشارع الفلسطيني، فمن المتوقع أن نتنياهو وحماس يحققون الانتصار المجازي عبر هدنة طويلة يكون الأساس فيها صفقة التبادل في واجهة العرض.
أما بالعودة للضفة؛ فالحال لم يعد بيد فتح كما كان، فالهرم الأعلى في فتح فاقد للسيطرة على الأطراف "ممثلة برؤساء الأجهزة الأمنية"، بالإضافة إلى فقدان الواجهة السياسية الدولية حيث لم يعد يناصر محمود عباس أكثر من سلطة الأردن والسعودية واللتان تتأرجحان في مواقفهما وفقا لما ترى أمريكا، وهنا تبحث فتح عن أن تكون قرنا للصفقة التي أعدتها أمريكا بتجاهل كبير لوجودها.