الجمعة  22 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

أيام الزمن الجميل/ بقلم: رانية غوشة

2018-08-15 02:03:46 PM
أيام الزمن الجميل/ بقلم: رانية غوشة
رانية غوشة

 

كم نسمعها وكم نراها تعليقا يلتصق ويتكرر عند ظهور صورة من صور رام الله أو القدس القديمة أو يافا أو صفد وغيرها.  ولكن عن أي زمن جميل نتحدث؟ عن أي سنين نتحدث؟ أي زمن جميل هذا الذي يتذكره المعلقون على تلك الصور؟

الملفت في الأمر أن هذا التعليق قد يكون على صورة موقف باصات القدس رام الله التقطت عام ١٩٨٤، وقد يكون لخريجي مدرسة الراهبات في يافا في الأربعينيات، وقد يكون لعرس فلسطيني بداية القرن، وقد يكون لدوار المنارة في رام الله في السبعينيات وقد يكون لمظاهرات الحجارة أيام الانتفاضة الأولى أو حتى أقرب.

عن أي زمن جميل نتحدث؟ غير معروف.. ولكن المعروف بالتأكيد هو أن هذا الزمن يجب أن يبتعد عن زماننا هذا وبالتالي يكون جميلا.

هل السبب يكون في عدم قدرتنا على استحسان أي جميل في هذا الزمن بحيث ننسى رائحة مازوت باصات القدس رام الله أيامها؟ هل السبب في إبقاء الذكريات بحلوها ومرها وتفضيلها على حاضر نكاد ننكر وجوده؟

لماذا نكره زماننا؟ لماذا نتحسر على ما فاتنا وننسى آننا؟

لماذا نرى في صورنا الحالية أحداثا عابرة بينما لا نذكر جمال الزمن إلا ما فات منه؟

هل هي فعلا أننا ضقنا ذرعا بزماننا أو أن زماننا ألقانا من حاضره وتركنا في ذكريات سابقة؟ لماذا يا زماننا؟ هل تغيرت أنت أم نحن من تغيرنا؟ وكيف تتغير وأنت زمان لا يأتي من بعدك أو قبلك إلا زمان آخر؟ ما الذي غيرك يا زماننا حتى ننكرك؟

هل تغيرنا؟ هل نجرؤ على الاعتراف أم أن نستمر بلعن زماننا الذي لَيْس عليه لوم سوى أنه استمر ومستمر حتى زماننا.

هل نجرؤ أن نقول إننا لسنا نحن ولست انا ولستم أنتم وليسوا هم؟ هل نجرؤ أن نقول إننا هجرنا ما نحن وهاجرنا إلى غيرنا؟

هل نجرؤ أن تقول إننا قبلنا ما لم يقبله أي زمان قبلنا؟ هل نجرؤ ان تقول إننا قبلنا السكوت والتنازل والبلطجية والهمجية والفساد والمحسوبية والفلتان وتنازلنا عن هناك وهناك بلساننا أو سمحنا لألسنة غيرنا بهذا؟ هل نجرؤ أن نقول إن حجرا بيد فارس عودة كان في صغرنا أقوى من رشاش بيد "رجل أمن فلسطيني" يقف على مدخل رام الله يحرس ما بيننا وليس حولنا؟

هل نجرؤ أن نقول إننا استغنينا عن متاريس الحجارة وصرنا نسفلت شوارعنا ليعبروا منها؟ هل نجرؤ أن يشكك الخائن بمن هو خلف القضبان في حين لم يكن أحد يجرؤ أن ....

نعم خانتني كلماتي في تعداد مصائبنا

نحن من رفع رايات وحضارات وعلوم في الخليج وهناك وهناك لا نستطيع أن نحرك قلما هنا

ونعيب زماننا لأنه غاب عنا ولا ندرك أننا نحن من غيب جمال زماننا

ترى ماذا سيذكر من بعدنا عندما يَرَوْن صور شوارع رام الله الآن؟

قولوا وداعا لصور الزمن الجميل من حيث أننا هنا بزماننا

وإياكم أن تقولوا "شو غيرك يا زماننا"!!!